متى تردّدنا في إدانة وتشنيع الإرهاب، أياً كانت طبيعته، وقُمنا بمقارنتِه بغيرِه، في درجاتِ التفاوت والخطورة والجغرافية والهوية، عندَ ذاكَ فقط، وبالضرورة العُجلى، يجبُ أن نُشّكِكَ كثيراً في نزاهتنا الأخلاقية، كأبسط شيء مُلّح. واردُ هذا بسبب ما نراهُ على فايسبوك في هذه الظرفيّة الحرجة، إزاء هجمات باريس الإرهابية المُفجعة. تُضيّع مثلُ تلك المواقف المُقارِنة، على أيِّ أساس من الأنواع المتقدمّة أعلاه، فُرصة الوقوفِ الطبيعيّ في وجه القبح المُرعب، بشكلٍ عفويّ يستدعيه مُعدّل الإنسانيّة الأصليّ فينا. إنَّ ذلك الموقف، وما قاربه، هو نوعٌ من التجزئة الرديئة، والدنيئة أيضاً، المُتعامِلة بمنطق "النحن"/"الهم" الرّث حتى آخرِهِ. هذه الأمور لا تحتاج لتعقيدٍ كبير كيْ تبدو قبيحة وسيئة. إنَّ مُجرد نظرة واحدة، في باطن أنفسنا، كفيلةٌ باستدعاء صرخة تنديديّة من الأعماق، صرخة لا نملكَ أمامَ قوّتها الفطرية غير التسليم النهائي. إنها صرخة البراءة الأولى النازفة كُلّما تقدّمنا في السقوط في التاريخ الشقيّ! تنديدي، حتى آخرَ المعنى، بالإرهاب القبيح في كلّ جهاتِ الأرض العمياء، تنديدي به سواء كانَ دينياً، سياسياً، أو قومياً. سلاماً للإنسانيّة المفجوعة بنفسها، على نفسها. سلاماً لم يُكدّره قطّ نشاز!
من صفحة عالي الدمين من موريتانيا (فايسبوك)