هل صرنا مخيّرين بين النضال ضد الدولة بما هي جهاز قمع في قبضة الأقليّة السارقة، والنضال من أجل نفس الدولة بما هي جدار صدّ في وجه مشروع التخريب الداعشي المنفلت؟
يقول لك مثقفو النظام إن كنت متمسكا بالمهمة الأصيلة لـ "الثورة" المتمثلة بإسقاط النظام وتفكيك بنيته المادية والرمزية المنتجة لشكل الملكية والاستغلال الفئوي القائم على النهب والتفقير والترهيب، فأنت شريك موضوعي لداعش في تكتيك النكاية والإنهاك. ويضيف مناصروهم الصغار في الإعلام والأحزاب والمنظمات: يجب الدفاع عن الدولة (بحالتها الراهنة؟) حتى تستعيد عافيتها (كيف؟ بعودة الوضع القديم؟) ونتخلص معا بوحدتنا الوطنية (؟) من الأفكار والحركات الهدامة، ونحمي بلادنا من مشاريع التقسيم والتدخل الأجنبي. يعني باختصار، الدولة هي الاستقرار والثورة هي داعش. والمثقف النظامي السعيد يخيّرك، فاختر بينهما: إما الاستقرار (وفق نظرية الأمن والأمان؟) وإما داعش.
إما التسليم بالأمر الراهن أو الاستسلام للخطر الداهم. إما الدولة القوية أو الفوضى الهدّامة. يا أبيض يا أسود.
تعمق هذا الاستقطاب الجنوني بين الأبيض والأسود طيلة الأربع سنوات الماضية في تونس، وفي المنطقة، مستفيداً من التجييش والتمويل والتحريض. هل نحن فعلاً مخيّرون بين الدولة الطبقية الرثة وداعش؟
بين إرهاب الدولة والدولة الإرهابية؟
التنظيم هو الحل، والاستقطاب المزيف هو المشكل.
من صفحة Malek Sghiri على فايسبوك