- يحدثني أحد الأصدقاء عن انتحار الطفل زيد الزرقة (14 سنة) مُقرّراً مغادرة عالمنا المتوحش. الصديق ذاته يخبرني بألم عن تزايد لافت لهذه الظاهرة وأنه الطفل الثالث الذي يعرفه شخصياً. آلمتني التفاصيل التي أفصح عنها، فيما يعتقد أنها الأسباب وراء انتحاره..
- أتابع نبأ الغارة الجوية للعدوان الذي استهدف قرية يقطنها مدنيون في منطقة ماوية بمحافظة تعز، وخلفت وراءها العديد من الضحايا. فأجد ضميري ينكمش وأنا أتابع ردود فعل ما زالت مرحّبة بالعدوان ومهللة له..
- أتابع توغل الميليشيا جنوباً ناثرة الأشلاء والدم والخرائب حولها، بكل إصرارها على استئصال أمان الناس وحياتهم وإفساد ما تبقى من يقينهم بأن هذا العالم يستحق أن نستمر فيه بالحياة والعيش، ثم يراسلني صديق آخر بفجيعة عن كيف بإمكانه التيقن من نبأ مقتل صديقه أحمد سنان من أبناء محافظة أبين، ويكفي أن أقول لكم إن حروفه كانت تبكي دماً، لكي أنكسر ذاهلاً مع كل هذا الموت.
- أتلقى اتصالاً من أحد أصدقائي يرجوني فيه أن أتعاون معه لنوفر بأي ثمن كيساً من القمح لجارتهم التي انقطع الاتصال بينها وبين زوجها منذ بدأت الحرب، يخبرني أن جارتهم امرأة وحيدة تواجه كارثة تربية 4 بنات بعد فقدان والدهن الذي كان عاملاً بالأجرة اليومية..
- تنشر الكثير من الصور، تتوسع أخبار الموت، تفصح حياتنا وكتاباتنا عن مآسٍ بلا حد، لا شيء غير الحزنِ. حتى أني أجد كلماتي تبدو عبثاً لا أكثر كلما أعلنت تضامني مع ضحايا انتهاك بعينه، وكأنني أمارس انتقاء ما يناسبني من مشكلات اليمنيين للتضامن معها والتأسي عليها. في آخر الأمر يبدو الصمت حلاً ملائماً، والسكوت أنسب وسيلة للتعامل مع خريطة السواد. هذا ليس سكوتاً عن الحقيقة، وإنما عن الانتقاء الذي يبدو وكأنه جريمة مضافة لكل هذا الهول من الجرائم والأحقاد.
أعلنُ نفسي متضامناً مع الإنسان الذي ذوبته المأساة في أعماقنا، فلم نعد نتعاطف حتى مع أنفسنا.
من صفحة "عمار السوائي" على فايسبوك – اليمن