رحمةً بدجلة العجوز يا وزير النقل!

وزير النقل الجديد باقر جبر صولاغ الزبيدي، الذي انتقل إليها من وزارة الداخلية مروراً بالمالية (بعض وزراء حكومة المحاصصة ـ كما يقول المثل العراقي السائر ـ كـ "الطماطم يرهم ـ أي يناسب ـ على كل مرقة!) يحاول جاهداً أن يقدم كل أسبوع إنجازاً جديداً. وهذا أمر محمود ولكن ليس في جميع الأحوال، فثمة إنجازات تفوق أضرارها فوائدها! بعض إنجازات الوزير مضرةّ، بل وخطرة لا تتناسب مع الطبيعة الطوبوغرافية
2015-04-09

شارك

وزير النقل الجديد باقر جبر صولاغ الزبيدي، الذي انتقل إليها من وزارة الداخلية مروراً بالمالية (بعض وزراء حكومة المحاصصة ـ كما يقول المثل العراقي السائر ـ كـ "الطماطم يرهم ـ أي يناسب ـ على كل مرقة!) يحاول جاهداً أن يقدم كل أسبوع إنجازاً جديداً. وهذا أمر محمود ولكن ليس في جميع الأحوال، فثمة إنجازات تفوق أضرارها فوائدها! بعض إنجازات الوزير مضرةّ، بل وخطرة لا تتناسب مع الطبيعة الطوبوغرافية والبيئية العراقية في عصرنا:
- ابتكر الوزير أو مستشاروه مشروع "التكسي النهري"، وهو عبارة عن زوارق سريعة تنطلق عبر نهر دجلة من الأعظمية نحو الباب الشرقي في مركز بغداد، للتخفيف من أزمة السير داخل العاصمة. ولكن الوزير ومهندسيه (بالمناسبة هو نفسه مهندس مدني) لم يأخذوا حالة نهر دجلة الراهنة بعين الاعتبار. فالنهر الجليل خسر ثلثي مياهه بسبب السدود التركية والمشاريع الإيرانية على منابعه وروافده، وهو الآن شحيح المياه لدرجة تفطر القلب، وحركة هذه التكسيات النهرية ستكون بكل تأكيد مصدر تلويث للنهر والبيئة، وستحوّل ما تبقى منه إلى مستنقع للزيوت والفضلات المختلفة. فهل يمكن أن يرحم الوزير النهرين، ويؤجل مشروعه هذا إلى أن يتعافيا أو أن يفكر بزوارق بمحركات كهربائية أو من دون محركات مثلا؟
- طرحت الوزارة مشروعات استثمارية سماها الوزير "مشاريع استثمارية إستراتيجية"، منها مثلا فندق من ستين طابقا في البصرة! ولكن هل يعلم الوزير أن اسم "البصرة" في أحد معانيه هو الأرض الرخوة وذات الأحجار الصغيرة كما قال الأخفش؟ وحتى إذا افترضنا أن التقنيات الهندسية الحديثة قادرة على حل الإشكالات المتعلقة بطبيعة التربة الهشّة كما فعلت مع صحاري أبو ظبي ودبي وشيدت أبراجا بلهاء لا معنى لها في بلد يشكل الأجانب 88.4 في المئة من سكانه، فلماذا الإصرار على التقليد الأعمى والتعلق ببنية عمرانية لا تمت أصلا لبيئة العراق بصلة، ولماذا لا تعتمد المدرسة المعمارية "الأفقية" البسيطة والأنيقة الملائمة لطبيعة بلادنا؟ بالمناسبة، هذه المدرسة المعمارية لا تزال معتمدة في جميع دول العالم، بل إن أجمل مدن وعواصم أوروبا ذاتها تأخذ بها، وما بودابست وروما الخاليتان من الأبراج وناطحات السحاب قليلة الذوق والمسحة الإنسانية إلا مثالان جديران بالاعتبار و.. التأسي.
- أود التذكير بمشروع لطيف لهذه الوزارة لا بد من التنويه به، وهو تحويل عدد من الطائرات الضخمة التي خرجت من الخدمة إلى مطاعم تقدم خدماتها للمسافرين والمتنزهين قرب مطار بغداد وفي مناطق أخرى، فهذا مشروع مفيد ويمكن اعتباره من المشاريع الصديقة للبيئة إضافة إلى طرافته السياحية.

من صفحة علاء اللامي على فايسبوك