قررنا النزول إلى الشوارع يوم 28 تشرين الثاني/نوفمبر. سألنا أنفسنا، ما أصل الموضوع؟ قالوا لنا: 25 يناير؟ قلنا لهم لا. قالوا، طيب مرسي؟ قلنا لهم لا. أصل الموضوع هو الهوية الإسلامية. نحن نحارب دفاعاً عن الهوية الإسلامية، وانتفخت عروقنا ونحن نصرخ: "سنخرج للدفاع عن الهوية الإسلامية".
ولكن كان لا بد لنا من الحفاظ على الهوية الإسلامية قبل النزول إلى الشارع. استأجرنا أمهر النجارين وصنعوا لنا صندوقاً خشبياً محكماً. لففنا الهوية بالنايلون لحمايتها، ووضعنا جهاز إنذار داخل الصندوق، ووضعنا على الصندوق حراس هوية مشهورين ومعتمدين. ثم قررنا النزول بالسلاح، لأن الهجوم هو خير وسيلة للدفاع.
وبينما نحن في الطريق، رن تليفوني، وكان واحد من حراس الهوية يتكلم. أخبرني إن ماسورة مياه انفجرت تحت أقدامه، وإن خشب الصندوق تشقق. قلت له ما المشكلة، فالهوية مغطاة بالنايلون، فقال إن المشكلة إن الهوية أيضاً تسيل من داخل النايلون. قررت الرجوع فوراً، وأمام عيني رأيت الهوية وهي تتسرب وتختلط بالمياه المنفجرة، حاولنا لملمتها بحرص ولكنها كانت تتسرب من بين يدي. أخذت أضربها بالنار لأعيدها داخل الصندوق ولكن الطلقات كانت تصيب ماسورة المياه فتتسرب الهوية أكثر. ارتبكت تماماً.
أشار عليّ أحد حراس الهوية أن الخطأ كان تنازلنا عن التكنيك، وقال لي، أنت رجعت من ميدان المعركة لكي تطمئن على الهوية. لا. مكانك هناك. اذهب هناك ولا تعد أبداً. الهجوم خير وسيلة للدفاع. رنت كلماته في عقلي. ومسكت سلاحي الآلي للمرة الثانية، ومضيت في الشوارع أطلق النار على جميع الناس وانا أسألهم أين أخفوا الهوية؟ ولم يرد علي أحد لأنهم كانوا يموتون، ولو كانوا أحياء لما استطعت سماعهم لأني أيضاً مت.
لست نادماً ولا حزيناً. يكفي أنني فعلت ما أقدر عليه. وأناشد الهوية في أي مكان تكون فيه الآن أن تخبرنا أنها راضية عني. وحظا أسعد إن شاء الله في المرات القادمة.
(كتب نائل الطوخي ورسم أحمد مخلوف)