قلنا لهم إننا نخاف من أن تتحول مصر إلى دولة فاشية. فسألونا، وماذا تعني كلمة فاشية؟ قلنا لهم، يعني أن تكون البلد كلها لوناً واحداً. قالوا طيب وماذا يفعل من يملك لوناً مختلفاً؟ قلنا لهم، يقوم الفاشيون بإعدامه. فكروا قليلاً وقالوا، والله فكرة معقولة. فكرة معقولة جداً. ثم بدأوا يعبِّرون عن انبهارهم بالفكرة. وبدأوا يصرخون، الإعدام للمختلف، الإعدام للمختلف.
قلنا لهم، طيب، قدموا شيئاً للناس، حتى نكون قد فعلنا شيئاً على الأقل. قالوا شيئاً مثل ماذا؟ قلنا، أي شيء، رغيف خبز، كهرباء، ماء نظيفاً، أي شيء. ففكروا قليلاً. ثم سألونا، هل تقديم شيء للناس من ضمن مبادئ الفاشية؟ قلنا لهم ليس بالضبط، ولكنه يساعد على ممارسة أفضل للفاشية. قلبوا الأمر على وجوهه وقالوا لا. هذا ليس مثيراً مثل إعدام المختلفين. لا، نحن فاشيون حتى النفس الأخير. لن نساوم على فاشيتنا. أي خطوة للوراء تهدد بإفقادنا فاشيتنا.
قلنا لهم، انتبهوا لأن الفاشية انتهت من العالم كله. ففكروا ثم قالوا، وماذا لو أعدمنا العالم كله. هل سنكون قطعنا خطوة إضافية في اتجاه الفاشية؟ قلنا لهم لا، ستكونون قد تجاوزتموها باتجاه الجنون. ففكروا قليلاً وقالوا، والله فكرة معقولة، وبدأوا يصرخون ببهجة، نحن مجانين، نحن مجانين.
ساروا في الشوارع وهم يهتفون، نحن مجانين، ومضوا يركبون المشنقة في الشارع تمهيداً لإعدام العالم كله، وقالوا لنا، سترون عرضاً فاشياً لم يُعرض مثله في العالم أجمع. ركبوا المشنقة ولكنها لم تعمل، كانت مفاصلها صدئة وتحتاج إلى التليين بالزيت ولم يكونوا يملكون الزيت. وأخذ العالم كله يشاهدهم ويضحك عليهم، وبصراحة ضحكنا نحن أيضاً. فاستداروا إلينا وقالوا، تضحكون يا حقراء؟ تضحكون يا جرذان؟ على الأقل نحن نحاول أن نفعل شيئاً. نحاول أن نكون فاشيين. صحيح أن الإمكانيات ليست لدينا ولكن الحلم لدينا. وأنتم ماذا لديكم؟ ماذا لديكم غير الإحباط والتثبيط والطاقة السلبية. أنتم عار علينا كفاشيين.
(نص نائل الطوخي ورسم أحمد مخلوف)