- المندوب: نحن نسير الآن في الجنة، انظر كل هذه الأشياء، هذه هي الجنة. كما وعدتك، قلت لك لو أتى السيسي رئيساً ستكون مصر جنة. صح؟ ألم أقل لك هذا؟
- الزبون بانبهار: صح.
المندوب يأخذ الزبون بيده نحو الأشجار:
- هنا لدينا قسم الأشجار، انظر إليها، تأمل في لونها، هي خضراء. خضراء بلون الجنة. هذه هي الجنة حقاً.
يلمسها الزبون. يعلق بعض التراب بأصابعه.
- المندوب: هذا تراب. ماذا في هذا؟ ما هو التراب؟ أليس جزءاً من الطبيعة؟ الجنة ليست غابات وأشجاراً فقط. هذه صورة للتقريب، الجنة فيها بحر أيضاً، وفيها صحراء، وهذا ما كنت أريد قوله.
يأخذه المندوب نحو الصحراء:
- انظر، لدينا صحراء أيضا. جبال ووديان، الصفاء النفسي يا صاحبي، الأنبياء كلهم ظهروا في الصحراء.
عاصفة ترابية تغسلهما. هما الآن مغطيان بالتراب. يشير الزبون الى نفسه.
- المندوب: لا تقلق على الإطلاق، هذا مجرد تراب، التراب من الطبيعة ونحن من التراب.
يهطل المطر فجأة بغزارة. التراب يتحول إلى طين.
- المندوب: نحن من التراب والماء والطين، هذه بقية الجملة.
يقترب منهما بلطجي، يطلب ما معهما من النقود. يعطيه المندوب النقود ويشير للعميل بأناقة ليعطيه هو الآخر نقوده. يمد الزبون يده في جيبه ويخرج كل ما فيها. ينصرف البلطجي.
- المندوب: هذه مفاجأتي الثالثة. نحن الآن في المدينة. انظر. الجنة ليست غابات ولا صحراء فقط، هناك المدينة أيضا، حتى لا تشعر بالملل. جنتنا مسلية في النهاية. انتبه، كل هذه السعادة لأن السيسي رئيس مصر. أنت تدرك هذا طبعا. أنت ذكي، صح؟
يومئ الزبون بالإيجاب، ويتحركان بين المباني والبشر المتكدسين وطوابير السيارات ورائحة العوادم.
- المندوب: كلمني الآن قليلًا عن سعادتك. أحب أن أسمع منك. اشرح لي لماذا أنت سعيد هكذا؟
يتحرك طابور السيارات أخيرا، تنطلق السيارات مسرعة. تصدم إحداها الزبون فيسقط على الرصيف ويحتضر.
يقترب منه المندوب. يربت على كتفه ويقول له:
- ستموت وتذهب إلى الجنة. شفت. ما المشكلة؟ لا تقلق. هذه المرة جنة بجد، والله العظيم. شفت. أنا لم أكذب عليك.
(نص نائل الطوخي ورسم أحمد مخلوف)