رأى الباشا حشود الناس وهي تذهب للعزاء في أحمد سيف الإسلام بميدان التحرير، فغضب. أصدر الأمر بقتل الأب ولكن قيل له إن الأب مات وهذا عزاؤه. أصدر أمراً بحبس الأبناء فقيل له إن الأبناء محبوسون فعلاً.
تساءل عن سبب المشكلة إذاً، فقيل له إن الناس لم ينسوا الحلم بعد، فأصدر أمراً بحبس الحلم، ولكن قيل له إن الحلم ليس كائناً حياً حتى يُحبس. ماذا يفعل الباشا إذاً؟ انهار من الحزن، يعني قتلناكم، وحبسناكم، وأحبطنا ثورتكم، وما زلتم لا تحبوننا؟ فكر قليلا ثم قال، ربما كان هؤلاء عملاء. فقيل له، وماذا نفعل نحن يا باشا. نحن نحاول التخلص من العملاء من أكثر من سنة. طيب لم يعد هناك حل سوى تفجير العزاء نفسه. ولكن واحداً ممن حوله قال له، سيف الإسلام مات قضاء وقدراً وجاء الناس بهذا الحشد للعزاء.
فكيف سيكون الوضع لو قتلنا كل هؤلاء؟
هنا أوعز الباشا إلى المثقف ليكتب أن حضور الناس بهذا الشكل للعزاء هو تعبير عن ثقافة القطيع وغياب لقيم الديموقراطية التي يتشدق بها هؤلاء، وكتب آخر أن الإبن، ويفترض أنه ملحد، قال أثناء الدفن إن أباه شهيد، وهذا دليل كبير على تغلغل ثقافة الإسلام السياسي في عقله، مما يدل طبعاً على أنه إخوان. تلقف أبناء الباشا وأصدقاؤه هذه الكلمات فمضوا يرددونها بزهو شديد كأنهم «جابوا التايهة».
ولكن بعد أيام وجد الباشا أن صور العزاء ما زالت تنتشر بحب شديد، فأصدر أمره بحبس الحب، وبحبس كل من يقول له إن الحب ليس كائناً حياً حتى يُحبس.
(نص نائل الطوخي ورسم أحمد مخلوف)