رحمة الموت!

في الانتفاضة الثانية، حاول الإسرائيليون اجتياح مخيم جباليا عدة مرات. كان عمري عشر سنوات ربما. وكانت ثقافة «الاجتياح» تطغى على قلوب الناس وكلامهم. في الخوف من الاجتياح، كانت المنافسة تشتد بين أمي وعمتها التي كان يدفعها الرعب من فقدان أبنائها إلى الخروج من بيتها إلى البيت الذي كانت أمي تأخذنا إليه: بيت جدي.كانت الجملة نفسها تصدر عن أمي وعمتها. كانتا تحاولان بيأس طمأنة نفسهما
2014-05-14

شارك

في الانتفاضة الثانية، حاول الإسرائيليون اجتياح مخيم جباليا عدة مرات. كان عمري عشر سنوات ربما. وكانت ثقافة «الاجتياح» تطغى على قلوب الناس وكلامهم. في الخوف من الاجتياح، كانت المنافسة تشتد بين أمي وعمتها التي كان يدفعها الرعب من فقدان أبنائها إلى الخروج من بيتها إلى البيت الذي كانت أمي تأخذنا إليه: بيت جدي.
كانت الجملة نفسها تصدر عن أمي وعمتها. كانتا تحاولان بيأس طمأنة نفسهما من خلال طمأنة الآخرين: «الموت مع الجماعة رحمة». في كل وهلة صامتة، كانت هذه الجملة وحدها تكسر الصمت.
ستظل هذه الجملة عالقة في رأسي وتشكل معلماً رئيساً من معالم طفولتي المنيّلة بستين نيلة. لو سألتني ماذا تعلمت في طفولتك بالإضافة إلى دروس الحساب والقراءة فسأقول لك: تعلمت أن الموت مع الجماعة رحمة.
أنا أيضاً كنت أخاف. ولا أنكر أن ذهابنا إلى بيت جدي وقت الأزمات كان يجعل كل شيء أسهل. كان خالي قادراً على جعلنا نضحك وسط الرعب. جدتي فاطمة أيضا كانت عامل قوة لا يستهان به. كانت تشرح لنا أن إسرائيل جبانة وأنها شخصياً طردت أكثر من جندي حاول اقتحام البيت في الانتفاضة الأولى. ما صدقت أحداً في حياتي مثلما كنت أصدق جدتي فاطمة في تلك الأوقات.

من صفحة المدون محمود عمر على فايسبوك