وماذا لو خسر السيسي الانتخابات؟ ماذا لو فاز حمدين صباحي؟
هذا احتمال مطروح. هذه انتخابات ديمقراطية، طبيعية، يتوقع لأي طرف فيها أن يفوز، أليس كذلك؟ولكن الاحتمال كابوسي مع هذا. البطل الشعبي المخلّص والمنقذ والهادي يخسر الانتخابات، ومعه كل هذه الجموع، وبعد ماذا، بعد أن تخلى عن وزارة الدفاع. صدمة عصبية تجتاح البلاد. تندفع الجماهير لتعبر صراحة عن شكها في وجود الله، أكبر موجة إلحاد تغزو مصر، «إيلي إيلي لما شبقتني»، أي إلهي إلهي لماذا تركتني. الجماهير هائجة، تندفع لتكسر وتحطم وتندب، في طريقها تقابل جماهير أخرى تحتفل بفوز صباحي، تصاب الجماهير الأولى بهستيريا شديدة فتقتحم محلات الخمور لتشرب وتشرب ثم تقطع شرايينها. أكبر موجة انتحار جماعي تغزو مصر، في ساعتين تكون القاهرة أنقاضا خربة.ولكن هذه ليست نهاية القصة، للقصة نهاية سعيدة. ففي مكان آخر يحدث شيء آخر.
مهم لنا أن نعرف كيف استقبل الرئيس الجديد حمدين صباحي الخبر. الرئيس صباحي مرتبك. الرئيس صباحي خائف. علبة كهرباء مفتوحة، رصاصة شاردة، وجبة منتهية الصلاحية، قد تقضي عليه وعلى مستقبل أولاده. لا أحد تبلغ به الحماقة لأن يستهين بغضب الآلهة. تليفونه لا يتوقف عن الرنين لتهنئته برئاسة مصر، ولكن هو نفسه غير مرتاح.
يدخل الحمام أكثر من مرة، ويخرج كل مرة ووجهه شارد. يصلي صلاة الاستخارة، ثم يخرج ليلاً في خطاب متلفز للأمة. لديه كلام مهم. يعلن أن الانتخابات تم تزويرها لصالحه ولصالح المستقبل المدني لمصر، ولكنه رجل نزيه لا يقبل التزوير، حتى لو فاز بسببه. ولذلك فهو يهدي نصره لصاحب الفضل الحقيقي والفائز الحقيقي، المشير عبد الفتاح السيسي، ويدعوه الآن لأن يتبوأ مقعده في قصر الرئاسة.
تصل الدعوة للسيسي فيعلن قبولها خوفاً على مصير الوطن.الجماهير التي كانت قد انتحرت تنتبه، تصحو ببطء، تغمر صيحات النصر كل شوارع مصر، وفي ثلاث ساعات يتم تعليق ملصقات ضخمة للسيسي، البطل المصري الأسمر الذي وافق على التضحية بنفسه مرتين لينقذ البلد.
(كتب نائل الطوخي - رسم مخلوف)