سكنتُ فترة في رام الله

سكنتُ فترة في رام الله، أحببتها عندها، أنا ابنة البحر التي من الصعب أن تعيش بعيداً عن حضوره الطبيعي كلّ صباح. وبعد فترة، قال لي صديق: «نيالك. إنتِ من عكّا.. وكمان نَفس الهوا بينتقل بينك وبين بيروت». ابتسمت وأجبته: «ونفس السمكات!». فكانت جملة هذا الصديق من أسباب عودتي إلى مدينتي لأستقر فيها. لأنها كانت تجسيداً ملموساً بالهواء لفكرة مليئة بالهوى وهاجس المدينة التي
2014-04-16

شارك

سكنتُ فترة في رام الله، أحببتها عندها، أنا ابنة البحر التي من الصعب أن تعيش بعيداً عن حضوره الطبيعي كلّ صباح. وبعد فترة، قال لي صديق: «نيالك. إنتِ من عكّا.. وكمان نَفس الهوا بينتقل بينك وبين بيروت». ابتسمت وأجبته: «ونفس السمكات!». فكانت جملة هذا الصديق من أسباب عودتي إلى مدينتي لأستقر فيها. لأنها كانت تجسيداً ملموساً بالهواء لفكرة مليئة بالهوى وهاجس المدينة التي منعها الاستعمار عنك.
أن تكون إنساناً في هذا العالم، وفي فلسطين المحتلة تحديداً، لا يعني أن تتقبل الواقع كما هو وتزيّنه بأوراق زيتون خضراء وحمامة. أن تكون إنساناً هو أن تعيد الاعتبار للأغاني التي وصلتك من بيروت وتملأ تفاصيل حياتك كلها، أن تعيد الاعتبار إلى الحكايات العادية وحكايات البطولة ونميمة البارات والمقاهي وما وصلك بصوت جدتك يوماً ويصل غرفتك اليوم من خلال فضاء غير افتراضي أبداً. يصلك رغم أنهم أوقفوا القطارات التي مرّت من «رأس الناقورة» ووصلت إلى محطة حيفا. أن تكون إنساناً هي ألاّ تبكي كلما قلتَ بصوت عالٍ: «الكمنجات تبكي على وطن ضائع قد يعود،».. بل أن تفك أوتار الكمنجات أحياناً وتمدها جسراً للحالمين بزجاجة بيرة في «شارع الحمراء».. كي يحققوا الحلم ويصلوا إلى هناك وتبتسم الكمنجات ويعود الوطن. وهكذا فعلْت يا مجد. شكراً.

من مدونة «زغرودة» لرشا حلوة