ليست أهمية الموقف الذي تلخصه فيديوهات "الاتحاد اليهودي الفرنسي للسلام" والذي يحدد ويلخص الانخراط الفعلي واليومي في ميدان الصراع، في أنها تعتد بـ"شهد شاهد من أهله"، كما يقال عادة بابتذال يَفترض في البشر أنهم قطعان، أو بأفضل الاحوال، قبائل. بل أهميته في تجسيد عجز الفكرة الصهيونية ومعها مشروعها - إسرائيل - عن تحقيق الشرعية التي افترضتها في نفسها للنطق باسم اليهود، كل اليهود في العالم. وهو ما يُحوِّل أمرها الى مجرد واقع سياسي، مثله مثل غيره، بلا الأسطرة المصاحبة ولا الحمولة الرمزية اللتان يحتاجهما المشروع وتطبيقه لتبرير وجوده القائم على سحق وجود آخر - هو ذاك الفلسطيني - وإنكاره.
يقول هذا الموقف الذي تعكسه الفيديوهات العشرة التي نشرناها على موقعنا على إمتداد شهرين ونيف: حسناً، أنتم يا صهاينة ويا إسرائيل مجرّد صيغة عنصرية للسيطرة والتسلّط، واحدة من طبعات الامبريالية وحسب. ويوضح النص الذي يؤطّر هذه الفيديوهات أن هذا الموقف ليس مستجداً وليس هامشياً ولا هو ردة فعل انسانوية على الفظاعات التي ترتكبها إسرائيل، وإنما هو أصيل، وُجد منذ اللحظة الأولى لتبلور المشروع الصهيوني، وهو راسخ ومستمر، ومتعدد الاتجاهات الفكرية والعقائدية، وواسع الانتشار.
إنهم حلفاء النضال الفلسطيني الذي لا يمكنه الاكتفاء بقواه الذاتية وحدها، والذي ينتصر كلما تحوّل إلى وعي بعده الانساني والأممي الشامل، فيصبح ضرورياً لكل البشر: قيمياً أولاً ولتحديد العالم الذي نريد أن نحيا فيه، ولكل المضطهَدين من بينهم خصوصاً، ولليهود الذين صودر النطق باسمهم.. كوسيلة لتحريرهم من هذا الإثم. وها حركة "المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات" توفر اليوم الأداة الجامعة لهذا النضال.