صادق الفراجي - العراق
داعش بدا لفترة كظاهرة مثيرة. استعراضيته المشهدية أولاً ومعها اتقانه للصورة بكل مستوياتها وللّعبة الإعلامية، وممارسته "التحدّي الكوني" في أفعالٍ (بقيت دون حدث 11 سبتمبر 2001 الذي نفذته القاعدة) ترتكز إلى تفجيرات انتحارية وسط الناس أينما أمكن. وحتى السيطرة على الرقّة وإعلانها دولة إسلامية، فهو على خطورته حدَثَ في سياق التمزّق السوري. وحتى إعلان الخلافة من الموصل بعد السيطرة عليها فقد حدث في سياق تآكل الوضع في العراق، وتدمير "العملية السياسية" لما كان تبقى من مرتكزاته، بكل ما صاحب ذلك من استقطاب مذهبي ومن فساد غير مسبوق..
وهذه الأحداث، على الرغم من قابليتها للتحليل والتفسير، إلا أنها أضافت قوّة الى غموض داعش وجاذبيته بنظر شباب من أبناء منطقتنا عاشوا خواء انهيار كلّ المثل والمرجعيات، علاوة على بؤس الحاضر وانسداد أفق المستقبل التام. وفي سائر أنحاء العالم، كان داعش المخيف، بقسوته وأفعاله الزئبقية التي يصعب توقعها وتدبرها، مبرراً ملائماً للمضي في تدابير ما سمي "الحرب على الإرهاب" بلا هوادة ولا حدود، كبزنس سياسي ومالي مهول، وكستارة من دخان على خواءات أخرى في حالة النظام العالمي وفي حالة كل جزء من أجزائه..
وإن كان داعش يقترب من نهايته، إلا أن العوامل المحليّة والعالميّة التي استولدته واستولدت قبله "القاعدة"، ما زالت قائمة بل هي متفاقمة. وقبل وقوع ذلك أو قُبيله، وبغاية وضع اليد على احتمالات أخرى، فهذه دعوة لنقاش ما عشناه ولتبصّره، باعتباره معطى اجتماعياً بالغ التعقيد ولا شك، ولكنه قابلٌ للإدراك.
الملف يحمل بعضاً من النصوص التي نشرها "السفير العربي" حول داعش. ولأنها كثيرة، فقد حكَم اختيار هذه من بينها اعتبار تغليب التنوع في المقاربات، زمانياً وجغرافياً وأيضاً كزوايا في التحليل.