طريق الشمال بات الأكثر أهمية لمئات الشباب الموريتاني والمغامرين، بحثاً عن الذهب في ثلاث من المحافظات الشمالية الموريتانية، حيث عشرات الشركات الدولية التي تنقّب عن المعادن.
يقول أحمد وهو من المغامرين الباحثين عن الذهب إن الأمر انكشف مع تزايد منح الحكومة الموريتانية خلال العام الماضي لرخص التنقيب عن أحد المعادن النفيسة في ركن من صحرائها مترامية الأطراف.
ويضيف أن الشباب الموريتاني لم ينتظر الترخيص الحكومي ليبدأ مغامرة خطرة للبحث عن معدن الذهب النفيس، ستقوده إلى أماكن بعيدة في عمق الصحراء فراراً من شبح البطالة.
ويؤكد أنه قضى خمسة أيام برفقة اربعة آخرين وعاد بقرابة كلغ من الذهب في حين عاد رفاقه بأقل من ذلك، وأنه لن يتراجع عن "عمله" هذا رغم ما يترتب عليه من مخاطر كبيرة، في مقدمتها إمكانية الضياع في صحراء شاسعة تكاد تنعدم فيها الحياة، وخطر الأفاعي، وملاحقة "الباحثين عن الذهب" دون الحصول على رخصة تنقيب. وسيعيد الكرة حتى لو جاءت إلى المكان قوات أممية.
فعلى بُعد مئتين وخمسين كيلومتراً شمال العاصمة نواكشوط يقتسم الطبيعة بعض الباحثين عن الذهب في مجال صحراوي قاسٍ مع شركة كينروس الكندية التي تستخرج الذهب من المنطقة. ويشكو المستثمر الكندي الشبان للسلطات..
ولا يستغرب موريتانيون موجة البحث عن الذهب في صحاري الشمال ويقول أحد المسؤولين في السياحة إن السياح الأجانب سبقوا الشباب لمغامرته هذه، وكانوا يقبلون بكثرة على هذه الصحاري تحت غطاء السياحة.
بريق أمل
كثّف المدوّنون الموريتانيون من حملاتهم على شركات التنقيب وطالبوا بطردها. كما تعددت كتاباتهم عن تلك الرحلات بوصفها "بريق الأمل" بالنسبة للعاطلين عن العمل من الشباب.
ودعا مدوّنون رئيس البلاد إلى تأميم الذهب معتبرين أن الظروف الدولية تعينه الآن أكثر من أي وقت، والدولة ليست مضطرة للالتزام باتفاقيات تضرّ بالأمة ومصالحها، حتى لو كانت اتفاقيات طويلة الأمد.
وذهب وزير سابق ومحامٍ إلى القول إن مبادرات الشباب في البحث عن الذهب تستحق التشجيع والرعاية وليس المضايقة والعقاب!
وتقف أجهزة الأمن والجيش عاجزة عن صدّ الشبان الذين أنهكتهم البطالة وصمّموا على المجازفة طمعاً في ما يعينهم على الأوضاع الصعبة المتفاقمة، كما يقول محمد محمود، وهو ثلاثيني حاصل على شهادة عليا في المعلوماتية وخريج إحدى أعرق الجامعات الأوروبية.
ويضيف الشاب أن الأمر لا يعدو كونه فرصة منحها الله لشباب عاطل عن العمل، وأنّه استعان بفضل ابن عمه التاجر في السوق المركزي بسيارة رباعية عابرة للصحاري وبجهاز بحث ثمنه يعادل ألفين وخمسمئة دولار.
أكثر من ثلاثين في المئة من قوة العمل تعاني من البطالة، وذلك على الرغم من ثروات البلاد، حيث يستخرج الذهب والحديد والنحاس وعلى الرغم من استثمار مليارات الدولارات في مشاريع غازية ونفطية ومنجمية، من أبرزها مشروع الغاز في شواطئ نواكشوط لشركة كوسموس الأميركية، ومشروع حوض تاودني لسونتراك الجزائرية قرب العين الصفرة شمال البلاد، ومشروع العوج الذي يُتوقع أن يمكِّن من إنتاج خمسة عشر مليون طن من الحديد، ومشروع آسكاف والذي سيمكّن من إنتاج ثمانية ملايين طن من الحديد سنوياً، بالإضافة إلى مشاريع تعدينية أخرى تموّلها شركات سويسرية وكندية وبريطانية وجنوب أفريقية.
تساعد السلطات الموريتانية هذه الشركات البالغ تعدادها مئة وخمساً وأربعين شركة دولية على نهب أموال يفترض أن يكون الموريتانيون أولى بها، حيث تعفي المدوّنة المعدنية المستثمرين من القيمة المضافة بصفة قَبْلية وإعفاء مطلق في فترة التنقيب، مع أن ثلاث عشرة شركة منها تستعد للبدء في استخراج المعادن من المناجم.
موازنة موريتانيا لا تتجاوز الملياري دولار، وهي تعتمد في ثلثها على المعادن، وهذا على الرغم من أن الدولة الموريتانية لا تستفيد بأكثر من اثنين ونصف في المئة من قيمة الحديد المستخرج وثلاثة ونصف للنحاس والذهب، وهي نسب ثابتة مهما ارتفع أو انخفض سعر المعدن دولياً.