هل يكون لبرامج المرشحين أهمية في انتخابات موريتانيا؟

المرشحون للانتخابات الرئاسية في موريتانيا متعددو الميول والبرامج، ولكن هل لهذا أي أهمية فيما تتدخل عوامل اخرى في خيارات الناخبين، وفيما يتبنى رئيس الجمهورية المنتهية ولايته مرشحاً بعينه ويدعمه علناً، ويعلن انه "لا دورة ثانية"، بمعنى أن مرشح "استمرار النهج" سيفوز حتماً..
2019-06-20

أحمد ولد جدو

كاتب ومدون من موريتانيا


شارك
يفرزان الأصوات في نواكشوط، في الانتخابات الرئاسية السابقة، في العام 2014

يترقب الموريتانيون يوم السبت القادم 22 حزيران/ يونيو، حيث ستجري الانتخابات الرئاسية، التي يتنافس فيها ستة مترشحين لا نساء بينهم. تختلف مشارب هؤلاء، فمنهم الحقوقي كالناشط المناهض للعبودية والنائب البرلماني "بيرام ولد الداه أعبيد" الذي يترشح بدعم من حزب الصواب البعثي وبعض القوى الوطنية المتنوعة، والمعارض ذو الميول التقدمية والأستاذ الجامعي في التاريخ، "محمد ولد مولود" والذي يترشح عبر تحالف انتخابي مشكّل من حزبه، "حزب اتحاد قوى التقدم" ومن "حزب تكتل القوى الديمقراطية" وأيضاً "الاتحاد الوطني من أجل التناوب الديمقراطي" وحركات شبابية معارضة. وهناك الوزير الأول الأسبق "سيدي محمد ولد بوبكر" المدعوم من "حزب تواصل" الإسلامي، والجنرال "محمد ولد الغزواني" القائد السابق لأركان الجيوش الموريتانية ومرشح رأس السلطة الحالية. وبالإضافة لهؤلاء هناك البرلماني السابق "كان حاميدو بابا" والخبير المحاسبي "محمد الامين المرتجي الوافي".

وقد عرض كل مرشح برنامجه على الملأ، بينما شهدت فعاليات الحملة الانتخابية بعض البهوت.

ولد مولود: أمل في العدالة الاجتماعية

تضمن برنامج محمد ولد مولود، عشرة محاور عقد لكل واحد منها مجموعة من الورش، نذكر أولها وهو محور "تعزيز الوحدة الوطنية والوئام الاجتماعي والمواطنية"، الذي اقترح فيه ورشتين، الأولى حول الوحدة الوطنية والوئام الاجتماعي والثانية حول تعزيز المواطنة ومنح الشتات الموريتاني المكانة اللائقة مع احترام حقوق الأجانب المقيمين في موريتانيا.

وكان ثاني المحاور تحت عنوان "تطبيع الحياة السياسة وإصلاح المؤسسات وتدعيم دولة القانون والحرية العامة"، وقد اقترح فيه إصلاح النظام الانتخابي وإجراء انتخابات عامة توافقية، وإصلاح المؤسسات وتناول سيادة دولة القانون والديمقراطية التعددية والحريات المدنية وإصلاح الإدارة والمالية العامة. وعرض للتعليم وتشجيع القوى الحية، واقترح في ورشة إعادة هيكلة المدرسة الموريتانية وتوحيدها. وتضمن البرنامج محوراً بعنوان "إعادة هيكلة الاقتصاد وتعزيز الإنتاج الوطني والمحلي". وفي خلاصة كل ذلك اقترح المرشح:

- مراجعة الدستور بإجراء حوار شامل بين مختلف الأطراف حول القضايا الدستورية لإعادة النظر في التعديلات غير المشروعة التي أجراها النظام المنصرف. وكذلك النظر في تعديلات جديدة، تخدم مصالح الدولة.

- إعادة الجيش إلى الثكنات وفصل الشؤون السياسية عن العسكرية.

- تقييد قدرات الرئيس على تعطيل البرلمان وابتزازه.

-حظر ترشيح أي شخص تربطه علاقة قرابة أو مصاهرة برئيس جمهورية تنتهي ولايته.

- تخفيض مرتبات رئيس الجمهورية بـ50 في المئة على الأقل واعضاء الحكومة ب25 في المئةعلى الأقل، وفرض التصريح بالممتلكات على رئيس الجمهورية والوزراء ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس المجلس الدستوري ورئيس المحكمة العليا ومحافظ البنك المركزي ووظائف اخرى عليا، ويشمل ذلك التصريح بممتلكات زوجة المعني، وأبويه وأبنائه.

ووعد أيضا بالسعي بفعالية للوفاء بالتزامات موريتانيا بموجب الشراكة العالمية للتعليم (Gpe) ورفع الميزانية المخصصة للتعليم بمجرد تولى المنصب إلى 15 في المئة من الميزانية العامة، على أن تصل في نهاية الولاية إلى 25 في المئة، وإزالة الازدواجية اللغوية بعد اجراء دراسات معقمة ومشاورات مناسبة والاستفادة من التجارب الخارجية الأكثر ملائمة.

- إنشاء وكالة دعم وطنية للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة وريادة الاعمال لدى الشباب وتخصيص 100مليار أوقية (العملة الوطنية) على مدى خمس سنوات للقطاعات الاقتصادية الرئيسية التي توفر امكانيات تشغيل هائلة.

- التشجيع على السكن الاجتماعي والوعد بالعمل على تشييد 15.000 سكن اجتماعي كل سنة لأصحاب الدخل المنخفض.

- إعادة النظر في روابط موريتانيا مع المجموعات الإفريقية الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وفقاً لمصالحنا الموضوعية والعمل على إعادة تشكيل أقطاب (المغرب العربي -غرب إفريقيا)، والتأكيد بقوة على دعم موريتانيا لقضية الشعب الفلسطيني وحقه في الحصول على دولته المستقلة وعاصمتها القدس وعلى سائر القضايا العادلة.

ولد بوبكر: المزاوجة بين العدالة والازدهار

تمحور كذلك مشروع الوزير الأول الأسبق، سيدي محمد ولد بوبكر، حول تشغيل الشباب عبر خطة خمسية، وإعادة تأهيل المدرسة العمومية وترقية جودة التعليم، وتعزيز التماسك الاجتماعي والحفاظ على الوحدة الوطنية، وتسوية الإرث الإنساني، وتحسين القيمة المضافة للقطاع الأساسي (صيد الأسماك، الزراعة والثروة الحيوانية). واقترح ان تكون مقاربة تجذير الديمقراطية شاملة، وقدم وعودا ومقترحات في هذا الإطار مثل:

- تنظيم عملية تشاور مكثفة مع الشباب في جميع ولايات موريتانيا، بإشراك المجتمع المدني والقطاعين الخاص والعام، من أجل تحديد تشاركي للتحديات التي تحول دون اندماجهم، والمشاكل التي يوجهونها، والحلول التي يقترحونها.

- إنشاء صندوق مالي بغلاف يصل إلى 6 مليار أوقية قديمة لدعم مقاولات الشباب، يتم تمويله جزئياً بفضل عائدات النفط والذهب والغاز والمعادن الاستخراجية الأخرى.

- تقليص العبء الضريبي وترقية قطاع خاص قادر على خلق الثروة وخلق الوظائف.

- التركيز على التعليم المهني من خلال إعطاء الأولوية للشعب العلمية والفنية.

- إنشاء جامعة تقنية في نواكشوط الجنوبية لتسهيل نفاذ الشباب للتكوين المهني.

- اخضاع الجمعيات لنظام التصريح من أجل إتاحة الفرصة لظهور مجتمع مدني مستقل قادر على لعب دوره الرقابي كسلطة مضادة.

- وضع إطار قانوني لإدانة جريمة الإثراء غير المشروع.

ولد الغزواني: مرشح استمرار النهج

أما المرشح محمد ولد الغزواني، القائد السابق لأركان الجيوش الموريتانية ووزير الدفاع السابق وصديق رأس النظام الحالي، ومرشحه كما أعلن الأخير، فهو حسب ما قدم نفسه مرشح استمرار النهج السابق، وقدم برنامجا مكونا من أربعة عناوين رئيسية هي: أولاً دولة قوية وعصرية في خدمة المواطن، وثانياً اقتصاد صامد ومتجه نحو الصعود، وثالثاً مجتمع معتز بتنوعه ومتصالح مع ذاته، ورابعا تثمين رأس المال البشري لتحقيق التنمية المنسجمة.

وتحت هذه العناوين، قدم مجموعة من الوعود الانتخابية، شملت مجالات متنوعة نذكر منها:

- إرساء إطار للتشاور يمكّن من استقبال زعيم المعارضة الديمقراطية بشكل منتظم،

- استشارة قادة الأحزاب الممثلة في البرلمان بشأن القضايا الاستراتيجية،

- اطلاق برنامج لتشييد المساجد وإعادة تأهيلها والتكفل بمصاريف صيانة المساجد وتجهيز المساجد الكبرى في البلاد ومواصلة التكفل بالأئمة وتكوينهم وتأطيرهم،

- إعادة الاعتبار للموظفين ووكلاء الدولة عبر تطبيق مبدأ المكافأة والعقوبة وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في اللوائح التنظيمية،

- إصلاح عقاري عادل ومنصف يعطي دفعاً للنمو الاقتصادي،

- رفع مستوى الشركات الوطنية لتمكينها من الاستجابة لمعايير التصنيع،
-
إطلاق برنامج جديد للسكن الاجتماعي، يقوم على بناء 10 آلاف وحدة سكنية لصالح سكان الأحياء الهشة في المدن الكبيرة، بتكلفة ملائمة لقدراتهم.

بيرام ولد الداه اعبيد والقضاء على التعليم الخصوصي

تضمنت تعهدات البرنامج الانتخابي لبيرام ولد الداه ولد اعبيد، العمل الجاد على إعادة تأسيس عقد وطني جمهوري حول المبادئ الأساسية القادرة على إعادة الاعتبار لشعار الجمهورية الإسلامية الموريتانية.

واجراءات في مجال التعليم، حيث تعهد بيرام ولد الداه عبيد بالقضاء النهائي على التعليم الخصوصي، وإخضاع موظفي التعليم والصحة لتدقيق صارم حول شهاداتهم العلمية ومستويات تكوينهم ومحاربة الشهادات المزورة.

بالإضافة إلى هذا، تعهد بتنظيم أيام تفكيرية حول التعليم والصحة والبيئة، وبإصلاح قطاع الصيدلة ومحاربة الأدوية المزورة.

كان حاميدو بابا: تعزيز صلاحيات الوزير الأول

أما كان حاميدو بابا فقد تعهد بتعزيز صلاحيات الوزير الأول (بوجه صلاحيات رئيس الجمهورية) وتعيينه بالأغلبية البرلمانية، وكذلك إنشاء وزارتين جديدتين، واحدة مسؤولة عن التضامن الوطني والتماسك الاجتماعي، وأخرى معنية باللامركزية والتنمية المحلية وتعزيز نقل السلطة الإدارية.

ونادى بتبني سياسة زراعية جديدة للتعامل مع الأزمات الغذائية، والعمل على دعم مبادرات التكامل الوطني من خلال تنظيم مخيمات صيفية بين الولايات والمناطق الموريتانية لصالح اليافعين الموريتانيين.

وضمت تعهدات حاميدو بابا، إنشاء جامعة امتياز مفتوحة للمغرب العربي وغرب إفريقيا لتدريس الآداب العربية والقرآن الكريم.

المرتجى الوافي: اهتمام بالزواج!

وحوى برنامج المترشح محمد الأمين ولد المرتجى الوافي تعهدات ووعوداً، من بينها الزامية الفحوص قبل الزواج والتكفل بها عن طريق التأمين الصحي، بالإضافة إلى التكفل المجاني بالأدوية والتدخلات في الحالات المستعجلة، وتوحيد الزي المدرسي، واعفاء المنتجات الزراعة والتنمية الحيوانية المحلية من الضرائب.

هل للبرامج معنى؟

لا تعتبر البرامج الانتخابية محدداً مهما في توجه الناخب الموريتاني، فهناك عوامل أهم، مثل القبيلة وترتيباتها، وكذلك المال السياسي وتوجهات الإدارة العمومية والسلطة الحاكمة التي تضغط على المواطنين للتصويت لمرشحها.

وتجرى هذه الانتخابات في ظل شكاوي المعارضين من غياب أرضية صالحة للنزاهة والشفافية، فاللجنة المستقلة للانتخابات مسيطر عليها من أنصار مرشح السلطة وليست حيادية، وقد عدد مرصد "من أجل موريتانيا" للانتخابات، بعض الخروقات في الحملة، مثل استخدام وسائل الدولة لأغراض انتخابية في عدة مناسبات واستخدام المعدات التابعة للإدارة أو الشركات العامة أو قوات الامن بينما هي تؤدي مهاماً ضمن خدمات الحملة الانتخابية للعض المرشحين. وسفر الرئيس إلى مدينة نواذيبو لحضور إطلاق حملة ولد الغزواني (في السابع من حزيران/ يونيو)، وهي كانت مناسبة أكد فيها الرئيس للناخبين أنه لن تكون هناك جولة ثانية. وقال المرصد أن "هذا التأكيد ، الذي يأتي من رئيس السلطة التنفيذية المسؤول عن تنظيم الانتخابات، لا يبشر بخير على باقي عملية الاقتراع". وبهذا، تعتبر فرص نجاح أي من المرشحين المناهضين للسلطة شبه معدومة، كما أن مرشح السلطة أكد في خطاباته أنه يتبنى "استمرار النهج".. الذي ينتقده الكثيرون ويعتبرونه فاسداً وظالماً.

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه