المغرب: الأرض لمن؟

مخطط "المغرب الأخضر" يضع باسم الدولة وتحت وصايتها عوامل الإنتاج الأساسية (الأرض والماء ورأس المال) في يد الرأسمال الزراعي وحفنة من كبار الملاكين، مع إدماج الفلاحين الذين يملكون إمكانيات الإدماج. أما من تبقى من الفلاحين الكادحين الذي يبلغ عددهم أزيد من مليون فيبقون خارج التغطية.
2019-05-02

محمد هاكاش

مهندس في الاقتصاد القروي والكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، من المغرب


شارك
من دفتر:
مسألة الأرض
| en
فرات شهال الركابي - لبنان

تم دعم هذه المطبوعة من قبل مؤسسة روزا لكسمبورغ. يمكن استخدام محتوى المطبوعة أو جزء منه طالما تتم نسبته للمصدر.

للأرض أبعاد متعددة. فبالإضافة إلى كونها خزان الموارد الطبيعية من ماء ومعادن، ومسرح البيئة وحاملة المواد الغذائية، فإنها في الوقت نفسه هوية إنسانية وانتماء ومأوى وتراث ثقافي. الأرض هي إحدى المميزات الأساسية لكينونة الشعب، إلى جانب التاريخ المشترك واللغة والقيم الدينية والعقائدية المشتركة. والإنسان لا يمكن أن يحيا دون ارتباطه بالأرض وامتلاكه الحق في استغلالها واكتساب العيش منها وتحقيق هويته فوقها.

الأرض أساس كل شيء

شكلت الأرض والدفاع عنها، منذ العصور الأولى لظهور الإنسان إلى حد اليوم، الهاجس الأساسي والجوهري للشعوب من أجل إثبات هويتها وحريتها والحفاظ على وسائل عيشها. كما كانت عبر التاريخ مطية المستبدين لفرض طغيانهم واستغلالهم. ويندرج في هذا المجال مقاومة الاحتلال قديماً وحديثاً كالمقاومة الفلسطينية، وكل الحركات الاجتماعية التي عرفها العالم للدفاع عن الحق في استغلال الأرض وتوزيع خيراتها.. وكذا حركة "الفلاحين بدون أرض" في البرازيل وفي تشيلي والأرجنتين، وحركة القبائل الأصلية بشمال شرق الهند التي قاومت لاسترجاع الأراضي التي تم إخلاؤهم منها منذ عدة سنوات من أجل إنشاء سد، وانتفاضة فلاحي "ولاد خليفة" بالمغرب، وحالياً حركة "أكال" بمنطقة "سوس ماسة" في المغرب، وما أكثر الأمثلة وتنوعها.

ويستمر الصراع على الأرض ويتصاعد ما دام الاحتلال والاستغلال والاستبداد قائماً. كما أن الأرض تشكل عنصراً أساسياً من عناصر الصراع الطبقي. ويمكن في هذا الباب أن نذكِّر بقبائل المغرب في الأطلس والريف وسوس التي سجلت أروع الملاحم في كفاحها ضد الاستعمار ومن أجل الحرية والأرض، وثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي ما زالت شاهدة على ذلك. وبالنسبة لبلادنا، فلا بد من مواصلة النضال من أجل الاعتراف بالحق في الأرض لمن يكدح فيها، وملاءمة القانون الوطني مع القوانين الدولية في ما يخص استغلال الأراضي والموارد الطبيعية، وكذلك إرجاع الأراضي المستعادة من الاستعمار إلى أصحابها الأصليين.

شكلت الأرض دائماً مطية للمستعمرين لإخضاع الشعوب، وعاملاً أساسياً للطبقة المسيطرة والمستغلة (بكافة أنواعها، إقطاعيين وكومبرادور وأهل الجاه والسلطة وبورجوازيين كبار...) لفرض استغلالها والاستحواذ على الخيرات على حساب الفلاحين الكادحين (الربّاعة والخمّاسة...) والعمال الزراعيون، وعلى حساب سكان القرى والقبائل. ويمكن للطبقة المسيطرة أن تهجِّر من أجل مصالحها قبيلة بأكملها وذلك لبناء سد أو مشروع زراعي كبير مثل "رونش اداروش" adarouch Ranchمثلاً، وهي شركة عصرية خاصة لتربية الأبقار المستورَدة من أجل إنتاج اللحوم، مملوكة لأحد كبار رجال المال بالمغرب وتوجد بمنطقة مكناس، وتحتل آلاف الهكتارات التي تم إخلاؤها من سكانها الأصليين .

فرض تسجيل الأراضي الجماعية

تمكن الاستعمار مباشرة بعد دخوله المغرب عام 1912، وبتواطؤ ومشاركة الإقطاع وكبار القادة، من أن يجرد القبائل الأمازيغية التي كانت تستغل الأراضي بشكل جماعي (أراضي الجموع التي كانت تشكل الأغلبية) من أراضيها وفرض قانون التمليك والتحفيظ. هكذا كانت بداية تهميش وإفقارأغلب المناطق المغربية وخاصة منها الأمازيغية التي واجهت بشراسة تقدم المستعمِر داخل التراب الوطني وقاومت المحتل. ويستمر هذا التهميش حالياً لأن الأراضي لم يتم إرجاعها لأصحابها بعد أن غادر "المعمّرون" (المستعمرون الذين مُنحوا الأرض).

ونظراً لأن السياسات الفلاحية المتبعة كرست بالأساس خدمة كبار الملاكين العقاريين، وهمشت صغار الفلاحين، كما عملت على ترسيخ سيادة النظام الرأسمالي التبعي لبلادنا عبر توجيه الإنتاج الفلاحي نحو الأسواق الخارجية بدل الاهتمام بضمان السيادة الغذائية للشعب المغربي، وقد أصبح هذا التوجه واضح المعالم بعد الإعلان عن السياسة الجديدة المتجسدة في مخطط "المغرب الأخضر" الذي سيضع باسم الدولة وتحت وصايتها عوامل الإنتاج الأساسية (الأرض والماء ورأس المال) في يد الرأسمال الزراعي وحفنة من كبار الملاكين، مع إدماج الفلاحين الذين يملكون إمكانيات الإدماج. أما من تبقى من الفلاحين الكادحين الذي يبلغ عددهم أزيد من مليون فسيبقون خارج التغطية.

ولمقاربة مسألة الأرض بالمغرب فلا بد من تناول الأراضي التي سيرتها الدولة بعد استرجاعها من الاستعمار من خلال شركات عمومية، وأهمها شركتا التنمية الفلاحية (صوديا) وتسيير الأراضي الفلاحية (سوجيطا) من جهة، ومن جهة أخرى تفحص أراضي الجموع أو الأراضي السُلالية التي ما زالت تعرف نقاشاً سياسياً حاداً بالمغرب حيث يراد لها أن تندرج بدورها في مسلسل الخصخصة.

الأراضي المسترجعة من الاستعمار

للإلمام بأصل أراضي شركتي التنمية الفلاحية (صوديا) وتسيير الأراضي الفلاحية (سوجيطا)، وكيفية إنشائهما ومساحتهما الأصلية، يتوجب العودة إلى الوراء لمعرفة المسار الذي قطعته الأراضي المسترجعة من "المعمّرين" ليصل ما تبقى منها إلى الحالة التي هي عليها اليوم.

معلومٌ أن الأراضي التي كانت تديرها شركتا "صوديا" و"سوجيطا" هي أصلاً أراضٍ لفلاحين مغاربة تمّ الاستيلاء عليها بالقوة في فترة الاستعمار. وكانت مساحة هذه الأراضي تفوق المليون هكتار، وهي من أجود الأراضي الصالحة للزراعة بالمغرب وأكثرها إنتاجية. وقد انتزعت هذه الأراضي من أصحابها الأصليين، إما عن طريق الإدارة الاستعمارية الرسمية أو من خلال اغتصابها من قبل معمِّرين بصفتهم الفردية. ومع بداية السبعينات الفائتة، تمّ استرجاع 320 ألف هكتار من أراضي المعمرين في إطار قانون المغربة وتم إسناد إدارة هذه المساحة من الأراضي - مؤقتاً - إلى شركتين عموميتين وهما صوديا وسوجيطا، في حين لم يعرف مصير مئات الآلاف من الهكتارات الأخرى التي "اختفت" في ظروف غامضة.

الأراضي التي كانت تديرها شركتا "صوديا" و"سوجيطا" هي أصلاً أراضٍ لفلاحين مغاربة تمّ الاستيلاء عليها بالقوة في فترة الاستعمار. وكانت مساحة هذه الأراضي تفوق المليون هكتار، وهي من أجود الأراضي الصالحة للزراعة بالمغرب وأكثرها إنتاجية.

المستفيدون من توزيع الأراضي هم الأعيان والوجهاء وأهل السلطة والمال وشركات قوية مثل شركة "الأملاك الفلاحية" أو شركة "زنيبر"، وشركات أجنبية. أما العمال الزراعيون والفلاحون والتقنيون والمهندسون الفِلاحيون والمعطّلون، فلم يتم تمكينهم من بعض الهكتارات من الأراضي التي كانت أصلاً ملكاً للشعب قبل أن ينتزعها الاستعمار منه.

وبلغة الأرقام، فالمعمِّرون استحوذوا على مليون و215 ألف هكتار تمّ استرجاعها بين سنتي 1964 و1966. وكانت هذه المساحة موزعة بين الإدارة الاستعمارية الرسمية بمساحة تتراوح بين 500 و600 ألف هكتار، وبمساحة للأفراد المعّمرين تتراوح بين 700 و800 ألف هكتار، أسندت منها 320 ألف هكتار للشركتين – صوديا وسوجيطا.. وأما المتبقي، وهو القسم الأكبر، فقد جرى التصرف به بطرق غير واضحة وغير قانونية.

انطلقت إذاً الشركتان في العام 1972-1973، بمساحة 320 ألف هكتار استفادت منها عملية الإصلاح الزراعي بنحو 90 ألف هكتار. وخلال مدة زمنية بلغت 3 عقود فقدت الشركتان أكثر من 40 في المئة من مساحتهما الأولية، إذ لم يُبقِ النهب الذي تعرضت له هذه الأراضي إلا على 120 ألف هكتار، وهي المساحة التي شملها مخطط إعادة الهيكلة أو عملية ما يسمى بالشراكة مع القطاع الخاص التي انطلقت سنة 2004 عبر الكراء لمدة تتراوح بين 17 إلى 44 سنة قابلة للتمديد أو التمليك.

أما بالنسبة للمستفيدين من الأراضي سواء في الشطر الأول أو في الشطر الثاني فهم الأعيان والوجهاء وأهل السلطة والجاه والمال من سياسيين وبرلمانيين وأمراء وشركات قوية، كالأملاك الفلاحية أو شركة "زنيبر"، وشركات أجنبية فرنسية واسبانية وإماراتية وروسية. أما العمال الزراعيون والفلاحون الكادحون والتقنيون والمهندسون الفِلاحيون والمعطّلون فلم يتم حتى التفكير في تمكينهم من بعض الهكتارات من الأراضي التي كانت أصلاً ملكيةً للشعب قبل أن ينتزعها الاستعمار منه.

إحدى الضيعات الكائنة بمنطقة "الرماني" تم استئجارها في إطار عملية التفويت (التنازل) في شطرها الثاني لشركة تضم من بين المساهمين فيها أحد أبناء المعمّر الذي كان يستغلها قبل إسنادها لشركة تدبير الأراضي "سوجيطا". هذه الضيعة كانت أصلاً ملك "البَشيرين" وهم عائلة بالمنطقة قاوموا قوات الاستعمار الفرنسي إلى جانب حمو الزياني الذي انتصر عليها في معركة الهري في الأطلس المتوسط سنة 1914، وصار أسطورة في البلاد. الشيء نفسه وقع مع ضيعة بمنطقة "بركان" التي تمّ كراؤها لابن معمّر كان يستغلها خلال الاستعمار.

مخطط المغرب الأخضر

تفويت الأراضي الفلاحية للدولة، هو أحد الأعمدة الأساسية التي بنيت عليها الاستراتيجية الفلاحية المغربية والمسماة "مخطط المغرب الأخضر". ارتأت الدولة التخلي عن الأراضي الفلاحية التي كانت تستغلها عبر شركة التنمية الفلاحية ( SODIA) وشركة تدبير الأراضي الفلاحية ( SOGTA ) وكرائها لمدد طويلة من قبل كبار الملاكين والمستثمرين المغاربة والأجانب، بنيّة خلق مركبات زراعية صناعية صاحبتها مساعدات سخية عبر صندوق التنمية الفلاحية. وقد عرف هذا التفويت اختلالات كثيرة أهمها:

- غياب تصور واضح للشراكة حيث لم تحدد الدولة سلفاً مهام الشراكة في اتجاه خدمة استراتيجيتها التنموية في المجال الفلاحي، بالإضافة الى تعدد المتدخلين والقوانين، وانخفاض ثمن الكراء ليتراوح بين 800 و1000 درهم للهكتار الواحد، في الوقت الذي يفوق سعره في السوق 5000 أو 6000 درهم.

- لم يتم توجيه الشراكة إلى الزراعات الأساسية المرتبطة بالسيادة الغذائية، وجرى التراجع عن إنتاج البذور حيث - عكس ما كان متفقاً عليه – تخلت الدولة عن 400 ألف هكتار كانت خارج الشراكة.

- تهميش الفلاحين الكادحين والفلاحين ذوي الإمكانيات المحدودة من دخول الشراكة، وحسب معطيات الشطر الثاني الذي فوتت فيه 500 ألف هكتار يتضح أن 50 في المئة من المساحة المفوتة استفاد منها كبار العقاريين الذين ليسوا بالضرورة مهنيين، 25 في المئة استفادت منها شركات فلاحية مهنية، 15 في المئة أجانب و10 في المئة سياسيين وبرلمانيين.

- تسريح العمال وضعف الاستثمارات.

أراضي الجموع أو الجماعات السلالية

تأسس نظام أراضي الجموع (1) عبر التاريخ الطويل للإنسان بالمغرب، يعيش في ظله ما يقارب ثلث سكان المغرب من السلاليين والسلاليات، فوق خزان عقاري مهم جداً يفوق ثلث المساحات التي لها قيمة فلاحية رعوية وغابوية بالمغرب.

تقدر المساحة الإجمالية لأراضي الجموع بنحو 15 مليون هكتار، 85 في المئة منها رعوية، والباقي أراضٍ غابوية وفلاحية صالحة للزراعة تقدر بنحو 1.5 مليون هكتار.

يعيش على موارد هذه الأراضي الجماعية أكثر من 13 مليون شخص، أي ما يقرب من ثلث سكان البلاد الإجمالي، ويكوِّنون 2.6 مليون عائلة موزعة على 4563 جماعة سلالية. وهذه الإحصائيات الحكومية تجاوز عمرها عقداً من الزمن، وهي مرشحة للتفاقم بحكم النمو الديمغرافي.

تعد المساحات المزروعة لأراضي الجموع مهمة بالنظر لنسبتها: 16 في المئة من المساحة الصالحة للزراعة بالمغرب، وهي تستغل من طرف 902 ألف شخص أي بنسبة 1.7 هكتار لكل شخص.

لقد أدى نمط استغلال هذه الأراضي إلى تردي الإرث العقاري المهم للجماعات السلالية. كما أدى النمو الديمغرافي إلى تعقيد القوانين.

من جهة أخرى، تراجعت مساحة هذه الأراضي بسبب تملك الخواص لجزء منها، حيث تعرضت منذ عهد "الحماية" (الأجنبية) إلى السلب والاحتكارات وإلى مبيعات احتيالية لأطراف ثالثة والتملك بالقوة بالإضافة إلى كراء مساحات شاسعة لمستعمِرين بأسعار رمزية.

بعد الاستقلال، استعيدت الأراضي وجرت إعادة توزيعها في إطار برنامج مخطط الاصلاح الزراعي وجزء منها شركتي الدولة صوديا وصوجيطا، وجرت إعادة توزيع أهمها وكذا تفويت أراضي الشركتين على مستثمرين وملاكين كبار لا علاقة لهم بالجماعة السلالية.

جزء كبير من الأراضي المنتجة للثروة الآن هي أراضٍ جماعية أو سلالية، سواء من خلال الاستغلال الفلاحي أو من خلال المضاربات العقارية. فعدد مهم من هذه الأراضي عبارة عن أراضٍ سقوية تدر أرباحاً مهمة في حالة استثمارها، كما أن عدداً منها أصبح داخل المجال الحضري فتحول إلى وعاء عقاري يخضع للمضاربات العقارية المدرة للثروة وكمصدر اغتناء سهل.

المساحات المزروعة لأراضي الجموع السلالية - وهم ثلث سكان المغرب - مهمة بالنظر لنسبتها: 16 في المئة من المساحة الصالحة للزراعة بالمغرب، وهي تُستغل من طرف 902 ألف شخص أي بنسبة 1.7 هكتار لكل شخص.

يتم تأطير أراضي الجموع بقوانين نشأت قبل قرن من الزمن، حيث أسس المستعمر الفرنسي من خلال ظهير (2) 19 نيسان/ أبريل 1919، مجلس الوصاية الذي كانت مهامه مراقبة كافة العمليات على أراضي الجموع، وكان يرأسه مدير الداخلية.

بعد الاستقلال، تمّ اعتماد الظهير نفسه مع استبدال مدير الداخلية بوزير الداخلية. ينص هذا الظهير على مواد لتنظيم وتدبير الحياة الجماعية، بدءاً بتعيين النواب وتمثيل الجماعات للتقاضي وفض النزاعات بين ذوي الحقوق داخل الجماعة. كما ينص على مواد أخرى لتدبير الاستغلال، سواء المباشر منه أو عن طريق الكراء أو التنازل لفائدة الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية و منتفعين آخرين. ويتضح أن الحفاظ على الظهير الاستعماري يهدف إلى التحكم في هذه الأراضي. وهذا باستثناء إصدار "مدونة الاستثمار الفلاحي" سنة 1969 المتعلقة بتملك الأراضي الجماعية بالمدار السقوي الذي اقتصر على توزيع 200 ألف هكتار على ذوي الحقوق بعد تجزئتها.

أما بالنسبة لأراضي الجموع غير المسقية والتي تشكل 87 في المئة من الأراضي الفلاحية، وكذا أراضٍ شاسعة من المراعي والغابات، فلا يوجد إلى حد اليوم أي إجراء بخصوصها، وتبقى الإنجازات إجمالاً خجولة حيث تمّ تسجيل 300 ألف هكتار من الأراضي أي 2 في المئة فقط مع أن أكثر من 6.1 مليون هكتار تقدمت بطلبات للتسجيل.

يقوم نمط تدبير أراضي الجموع، باعتماده على العرف، وبسبب التمييز على أساس الجنس، بإقصاء النساء من الحق في الاستغلال، أو من نقل هذا الحق. وتطرد النساء من الأراضي ولا تعطى لهن صفة ذوات حقوق مما يكرس فقرهن ويجبرهن على الهجرة. ولمواجهة هذا الحيف ضد السلاليات وهضم حقهم في استغلال أراضي أجدادهم وجداتهم انطلقت موجة احتجاجية نسائية وصلت مداها سنة 2009 اضطر فيها وزير الداخلية أن يعلن عن حق النساء في التعويض بالتساوي مع الرجال.

ومع اتساع حركات الاحتجاج، وارتفاع أصوات المظلومين من نساء ورجال، تحولت قضية الأراضي السلالية وأراضي الجموع في السنوات الأخيرة إلى قضية حقوقية تبنتها عدة جمعيات حقوقية. وهناك اليوم أكثر من لجنة حقوقية تنشط في المناطق التي تعرف مشاكلاً مرتبطة بقضايا الأراضي السلالية، لدعم نضالات ذوي الحقوق.

يقوم نمط تدبير أراضي الجموع، بسبب اعتماده على العرف وبسبب التمييز على أساس الجنس، بإقصاء النساء من الحق في الاستغلال، أو من نقل هذا الحق. وتُطرد النساء من الأراضي ولا تعطى لهن صفة ذوات حقوق مما يكرس فقرهن ويجبرهن على الهجرة. وقد انطلقت موجة احتجاجية نسائية وصلت مداها سنة 2009، وأجبرت السلطات على الاعتراف بهذا الحق.

وما زالت الدولة تبحث عن مخرج لوضعية أراضي الجموع، بين تصاعد احتجاجات ذوي الحقوق، وهدف خصخصة هذه الأراضي تحت شعار الاستثمار ورفع الإنتاج.

تبقى الإرادة الحقيقية لوجود حلول لهذا النظام تبدأ من:

• خلق هيئة وطنية مستقلة لتدبير أرضي الجموع بمشاركة المعنيين، بشكل ديمقراطي ونزع الملف من يد وزارة الداخلية.

• إعادة النظر في القوانين المؤطِّرة لأراضي الجموع فيما يخص التنظيم والتدبير والاستغلال لضمان حقوق ذوي الحقوق.

• تحديد مساطر (قوانين) واضحة وعادلة لتحديد صفة "ذي الحق" من السلالة في نقل حق الاستغلال.

• تحديد مسطرة واضحة لتعيين نواب الجماعة ومهامهم ومدة مزاولتها وكيفية تعويضهم وعزلهم إن اقتضى الحال.

• تجاوز القوانين العرفية وتعويضها بقوانين حديثة وعادلة تضمن للمرأة الحق في الاستفادة من أراضي الجموع.

• وضع مخططات عملية لتمليك هذه الأراضي لذوي الحق، والحد من النصب والاستيلاء على هذه الأراضي من طرف الرعاة الكبار والمضاربين العقاريين..

وفي الختام، أكد تقرير "50 سنة من التنمية البشرية وآفاق 2025" (3) بأن في المغرب أقلية من الفلاحين يملكون مساحات لا يستهان بها من الأراضي الزراعية. أقل من 1000 ملاك ومستثمر يستغلون ما يقدر بنحو 500 ألف هكتار (120 هكتاراً منها مسقي بشكل حديث)، أي ما يعادل 9 في المئة من المساحة الإجمالية الصالحة للزراعة و15 في المئة من الأراضي المسقية. ويقر بأن 100 من هؤلاء الملاكين يملكون ربع عدد الأبقار والأغنام المستوردة، والتي تحظى بأحدث طرق التربية. هذا القطاع موجه أساساً للتصدير ويرتكز على العمل المأجور.

محتوى هذه المطبوعة هو مسؤولية السفير العربي ولا يعبّر بالضرورة عن موقف مؤسسة روزا لكسمبورغ.

_________________
1 - تعرّف الجماعات كقبائل، أفخداذ قبائل، دواوير، أو كل مجموعة سلالية، ولهذه الجماعات شخصية معنوية وتخضع للقانون الخاص، ولها إطارها القانوني التشريعي والتنظيمي، وتعهد الوصاية على الجماعات السلالية في المغرب إلى وزير الداخلية.
2 - مرسوم سواء كان ملكياً أو كان صكاً عادياً
3 - http://www.ires.ma/ar/50-ans-de-developpement-humain-maroc-perspectives-2025

مقالات من المغرب

الناجح: لا أحد

نحتار ونحن نَطّلع على مؤشرات التعليم في المغرب خلال العقدين الأخيرين، بين مستوى المدارس والتعليم حسبَ ما نعاينه فعلياً من جهة، وما تقوله من جهة ثانية الإحصاءات الدّولية حول التعليم،...