القاصرون المغاربة: الصغار أيضاً يغادرون بلدهم

القصّر المهاجرون لوحدهم آتون من مختلف مدن البلاد ومناطقها بل حتى مما يُعرف بـ"المغرب النافع"، كالدار البيضاء وطنجة وحتى العاصمة الرباط. والجواب على "لماذا" يكون دوماً: "أنا محكور (محتقَر) في بلادي وعايش في الحزقة (البؤس)".
2018-10-16

سعيد ولفقير

كاتب وصحافي من المغرب


شارك
| en
همام السيد - سوريا

تم دعم هذه المطبوعة من قبل مؤسسة روزا لكسمبورغ. يمكن استخدام محتوى المطبوعة أو جزء منه طالما تتم نسبته للمصدر.

في المغرب، ليس الكبار وحدهم من تغريهم الهجرة، الصغار كذلك باتوا يلهثون لملامسة برّ الضفة الأخرى. أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام. ما بين حماس طفولي وشغف بالمغامرة، يرتمون تارة في عرض البحر أو ينتظرون عند أول بوابة للعبور، أو وفي أفضل الأحوال يتكدسون في مراكز إيواء بعضها يحترم آدميتهم وأخرى لا تستطيع استيعاب أعدادهم ، ما يدفع بعضهم للتسكع بانتظار المجهول..

"يا البابور"..

"يا البابور يامون أمور، خرجني من لاميزير (يا باخرة يا حبيبتي، أخرجيني من البؤس)
في بلادي راني محكور..عييت عييت و جوني مار" ( أنا محتقر في بلدي.. وقد تعبت.. تعبت إلى أن طفح كيلي).

بهذه العبارات دندن جيل بأكمله أغنية "يا البابور" (لمغني الراي الجزائري رضا طلياني) التي انتشرت منذ مطلع الالفية الثالثة بين المغاربة وحفرت في الوعي الجمعي للأطفال فكرة الباخرة كوسيلة للخلاص من البؤس،إذ تشكلت رمزيتها القوية في الصورة الذهنية لهم،يرسمونها كزورق صغير،أو يجسدونها على شكل مجسد ورقي.

كل يوم، ينتشر صدى الأغنية في أرجاء "الحومة" (الحارة) الشعبية المنطلقة من "راس الدرب" (1) حيث يجتمع الشباب. الكلمات تعبرعن وجعهم، الايقاع يحرك في أجسادهم رقصاً منفلتاً، وسجائر الحشيش الرخيص تسافر بخيالهم نحو "الجنة الموعودة". يرى الطفل ابن الحي هذا المشهد، وفي الوقت ذاته يعرف عن بطالة هؤلاء الشباب (الحاصلين في معظمهم على شهادات جامعية) ورغبتهم الجامحة في "الحريك" (2). شكل الأمر صدمة في البداية، إذ طرح سؤالاً: كيف لم تشفع شهادة الإجازة أو الماجيستر لشاب عشريني أو ثلاثيني في أن يحظى بحياة كريمة؟

تتكرر القصص من هذا القبيل، فيكبر الصبي مقتنعاً "بعدم جدوى الدراسة و استكمالها" بل وحتى بالبقاء في البلد،لذلك يقرر أن يرحل صغيراً ويختصر الطريق. وهذا طبعاً ليس دافعاً وحيداً للهجرة، فلكل قاصر قصته الخاصة وأسبابها كما ترويها الشهادات هنا..

شهادات وقصص

• آدم :لا يهم البلد، المهم أن يكون أوروبيا

يضع آدم (3) يديه داخل جيوب بذلته الرياضية السوداء وعيناه تركزان على نعله المتهالك. يمضي آدم (16 سنة) بمشية بطيئة وهو يتسكع بين الدروب الضيقة بحي "الحداد" الكائن بمقاطعة بني مكادة في مدينة طنجة. في كل أسبوع، ومنذ سنتين، يخاطر آدم بحياته ليعبر بشكل غير قانوني مضيق جبل طارق، ولديه حلم "الرحيل"من مسقط رأسه "ليربح"اسبانيا: "هنا في بلدي لا شيء لأخسره، لكن هناك سأُسْتَقْبَل من قبل مركز لإيواء القاصرين مثلي، ثم سأحصل على أوراق الاقامة، وبعد ذلك سأعمل لكي أرسل لأمي المال".

بالنسبة إليه لا يهم البلد، المهم أن يكون أوروبياً. لا يملك القاصر حلماً أو مشروع حياة في أوروبا، هو فقط يطمح لمساعدة أمه التي تعمل في مصنع للنسيج بمبلغ لا يتجاوز الـ 1.20 يورو للساعة. "الجحيم ينتظره لا محالة".. يحاول آدم أن يتجاهل هذا الكلام بتمسكه بخيط حلم الهجرة نحو "الفردوس الأوروبي". فالصور التي يشاركها أصدقاؤه عبر مواقع التواصل الاجتماعي تمنحه عزيمة للمغامرة: "إنهم مبتسمون، يلبسون أجمل الألبسة، إنهم حقا يعيشون حياة جميلة.. أظن أنهم يقطنون في السويد". بهذه الكلمات يعبر آدم عن إعجابه وإنبهاره بنمط حياة أصدقائه المُخْتَزَل ضمن كليشيهات تعزز صورة الاستعراض التي عادة ما يصدِّرها المهاجر لإبن بلده.

• اسماعيل : أهاجر بموافقة أمي

من أصول طنجاوية ومن عائلة فقيرة، ترك اسماعيل (4) دراسته في سن الـ 12 محاولاً عبور جيب مدينة سبتة المحتلة من اسبانيا بموافقة أمه. يريد الصبي أن يهاجر على خطى جاره الحاصل على أوراق الإقامة والذي لامس "الأرض الموعودة" في مدينة مدريد. طموحه أن يصبح ميكانيكياً و يشتري سيارة ومنزلاً.

في كل يوم، يحاول عشرات المراهقين تسلق سياجات الميناء. أو يجربون حظهم في الوصول عبر تعلقهم بأجسادهم تحت مركبات ضخمة متوجهة لميناء الجزيرة الخضراء الاسباني في رحلة لا تتعدى 40 دقيقة.

• مروان : الهجرة مهما كان الثمن

جلس وحيداً متأملا أفق بحيرة "مارتشيكا"(المطلة على البحر الأبيض المتوسط) بمدينة الناظور. هنا استقر مروان (5) مؤقتاً منذ ما يزيد عن ستة أشهر، في سن لم تتجاوز 13 ربيعاً. يحكي إبن مدينة فاس عن محاولاته للوصول للبر الأوروبي: "حاولت أن أعبرالى مدينة مليلية مراراً و تكراراً، في المرة الأولى تسلقت السياجات، وفي المرة الثانية اختبأت في أسفل حافلة لنقل الركاب، وفي مرات أخرى جربت أن أتسلق حبال الباخرات.. لكن في النهاية، باءت كل مغامراتي بالفشل". لم ييأس مروان بعد من محاولاته للهجرة. "الله يوصلك بالسلامة يا ولدي"، هكذا تختم أم مروان حديثها مع ابنها مروان. صوتها الدافئ المتدفق عبر الهاتف يزعزع كيانه، دعاء الأم هذا، علاوة على الظروف التي يرزح تحت وطأتها والصور المتكررة والنمطية التي ترسخت في مخيلته عن المكاسب التي سيحققها إذا هاجر، كلها دوافع تشحن في جسمه الضئيل طاقة متجددة نحو الهجرة بأي ثمن حتى ولو على حساب حياته.

في الناظور.. غير بعيد عن مليلية

على بعد 14 كيلومتر من مدينة مليلية المحتلة من اسبانيا، تقع مدينة الناظور المغربية، وهي بمثابة استراحة للمتعطشين لـ"الحريك" للضفة الاخرى. الجنسيات هنا متنوعة، منها ما هو من دول افريقيا جنوب الصحراء، ودول أخرى منكوبة بالحرب، إذ عُرف بين المنتظرين سوريون مثلاً، وهم موجودون في معظم مدن المغرب كالرباط والدار البيضاء وطنجة واكادير..

يستقر المغاربة المتجهون للهجرة في هذه المدينة مؤقتاً، وكذلك يفعل القصّر. يجتمعون و يَكْترون سكناً مشتركاً، وعادة ما يكونون أبناء منطقة أو بلدة واحدة. ولأن القانون يمنع كراء منزل لقاصر، فالسكن المُكترى يكون باسم شخص راشد وتحت تصرفه.

مقالات ذات صلة

"ليسوا متشردين بل لهم عائلاتهم، انقطعوا عن دراستهم ويريدون الهجرة"، يقول عمر الناجي (6) الحقوقي ورئيس فرع مكتب الناظور للجمعية المغربية لحقوق الانسان. ويُكمل: "الانتقال للضفة الاخرى يتم عبر طريقتين: إما بالتسلل من ميناء بني أنصار بغية الوصول - مباشرة - إلى اوروبا (يختبئون داخل البواخر)، أو بالولوج إلى مليلية حيث يوجد مركز للايواء، طاقته الاستيعابية تتسع لحوالي 400 شخص، لكن عندما يزداد العدد يضطرون للعيش في الشوارع. تواجدهم في مليلية يسمح لهم أيضاً بالهجرة الى اسبانيا عبر طرق خطيرة مثل الاختباء داخل البواخر" (...) "هؤلاء قاصرون يخضعون لاتفاقيات دولية لحقوق الطفل تضمن لهم التمدرس والحماية العائلية والصحة، وهذه حقوق لا توفرها السلطات هنا. لذا فهم يتسكعون، وقد تقدم لهم بعض جمعيات المجتمع المدني والمحسنين رعاية توفر بعض الاحتياجات كالاكل والإيواء، و للأسف نسجل غياباً لمثل هذه الأدوار من قبل مؤسسات حكومية. وهذا يعني استقالة الدولة من مهامها" يختم الناجي كلامه.

من أين أتوا؟

عندما تجوب ميناء بني أنصار الحدودي مع مليلية، تسأل شلة من الأطفال يحومون حولك (وهي عينة عشوائية تشكلت بالصدفة) عن المدن والمناطق التي أتوا منها. هم من مختلف مدن البلاد ومناطقها بل حتى من مدن ما يُعرف ب"المغرب النافع"، كالدار البيضاء أو طنجة أو حتى العاصمة الرباط. والجواب يكون دوماً: "أنا محكور(محتقر) في بلادي وعايش في الحزقة (البؤس)".

في هوامش فاس كما في طنجة (التي تعد من أكثر المناطق التي جاء منها قاصرو الدائرة 18 في باريس على سبيل المثال) (7)، وعلى غرار مدن مغربية ميتروبولية أخرى، تعتبر الأحياء المشوهة مورفولوجيا والكائنة خلف مراكز المدن، حاضنة خصبة لظواهر اجتماعية كالبطالة والجريمة والسرقة والنشل، وأهم شيء فكرة الهجرة كعدوى تصيب الصغير قبل الكبير.

"مروان" يعيش مع والديه، الأب يعمل مياوماً في أعمال ترميقية كمهن البناء وأحياناً يمتهن التجوال كبائع في الأسواق الشعبية، الأم تعمل بشكل غير منتظم كبائعة للفطائر (البغرير والمسمّن) على قارعة الطريق، الابن الأكبر، "مروان"، لم يتابع دراسته بسبب تزايد مصاريف الأسرة سنة بعد سنة، والحل في نظر الوالدين هو جلب المال بأي ثمن لإنقاذ بقية الإخوة الأربعة.

المهاجرون القاصرون المغاربة في باريس: ماذا تقول عنهم الأرقام؟ (8)

-40 في المئة من هذه الفئة منتمية لعائلات قروية وأخرى قاطنة في الحواضر لكنها تعاني من الهشاشة والفقر.
-40 في المئة هي نتاج مشاكل أسرية من قبيل استرجاع الابن بعد الطلاق أو مشاكل أخرى كالعنف الأسري.
-10 في المئة تعاني من التشرد الدائم (أطفال الشوارع).
-10 في المئة من عائلات تنتمي للطبقة المتوسطة.

الهجرة كوسيلة لحل الأزمات

يهجر القاصر بيت الأسرة بسبب التفكك الأسري بالدرجة الاولى، والصراعات العائلية والادمان والهدر المدرسي ومشاكل أخرى مرتبطة بالهشاشة الاجتماعية: البطالة و محدودية دخل الافراد والأسر وعدم توفر الخدمات الأساسية لها...

تقنع بعض الأسر أبناءها الصغار بضرورة الرحيل باعتبار ذلك وسيلة لحل الأزمات التي يتخبطون فيها، ثم "فما المانع إذا تحديت الحواجز مرة وثلاث وأكثر..على الأقل سأصير مثل صديقي "سمير" الذي بدأ يساعد أمه وأسرته".. هكذا يصر مروان على الوصول مهما كان ثمن المغامرة.

لا يُخفى على "مروان" ورفاقه ما آلت إليه أوضاع السابقين منهم في رحلة الوصول إلى بلدان أوروبية. ففي فرنسا مثلاً يعيش معظم القاصرين غير المصحوبين بذويهم حياة التسكع في الأزقة والشوراع وما يصاحبها من آفات كالسرقة والنشل والإدمان على الكحول والمخدرات والدعارة والتحرش الجنسي بهم والملاحقة من قبل السلطات. وقد أثارت هذه "الظاهرة" ضجة إعلامية في الأشهر القليلة الماضية. وغالباً ما يعتقد مروان وسواه من المنتظرين عند البوابات الحدودية أن "نجاحات" أصدقائهم المرتبطة بالاستعراض والتباهي بالملابس والاكسسوارات والأسفار هي مقابل ما حصدوه من عمل ترميقي أو مساعدات. لكن ما يخفى عليهم هو أن مقابل تلك المقتنيات هناك الانضمام لشبكات دعارة وتصريف الممنوعات...الخ.

القاصرون المغاربة : تعدادهم يتزايد عند أول بلد أوروبي

لا توجد إحصائيات تفصيلية لمجموع أعداد القاصرين المغاربة المهاجرين من دون صحبة ذويهم الموجودين في القارة الأوروبية. إلا أن جمعية "أنقذوا الأطفال" أفادت أن نسبة هذه الفئة في اسبانيا تصل لنحو 65 في المئة من مجموع القاصرين المهاجرين، وتعدادهم يقدر بأزيد من 4000 طفل، وهو رقم تضاعف أكثر من 3 مرات قياساً بعام 2016. ويتم استقبالهم في اطار مشاريع حماية الطفولة في مراكز إيواء بجهة الأندلس، وفي المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، وجهة كتالونيا ومدريد العاصمة، وبدرجة أقل بإقليم الباسك وفالينسيا.
أما في السويد، فقد طفت هذه الظاهرة على السطح منذ عام 2013 في مختلف المدن ك"ستوكهولم" و"مالمو"، وقدرت أعدادهم بنحو 800 طفل عام 2017، وهم هنا رفضوا البقاء في مراكز الايواء وفضّل أغلبهم انتظار تسوية وضعيته القانونية عبر تقديم طلب اللجوء، أو السكن لدى قريب أو لدى عائلة مغربية.

فتش عن الأم

فتش عن الأم.. فهي لوحدها تيمة وخيط ناظم في مسألة الهجرة. كثيراً ما احتفى بها فنانو الراي في عز أيام "الحريك" إبان التسعينات وبدايات الألفية الثالثة، لتكون عنواناً للوطن وتختزل قيماً انسانية أولها التضحية.

بالنسبة لمروان، فالتضحية لا تقبل النقاش، ليس بالأساس في سبيل إخوته أو أبيه، و لكن ليكون منقذاً لوالدته التي أنهكها الجلوس لساعات طوال في الأرصفة الباردة من أجل دريهمات بئيسة. زد على ذلك، أن الابن لم يعد يطيق مشهد "الحكرة" الذي رآه ذات صبيحة (وهو على كل حال يتكرر معها بين الفينة والأخرى) مع أحد أعوان السلطة المحلية وهو يرمي سلعتها أرضاً مع جرعات من العنف اللفظي.

ليس التباهي والاستعراض ما يدفع مروان لحزم حقائبه نحو بلاد الغربة، ولكن مشاعر "الحكرة" في حد ذاتها دافعه للرحيل، إذ تولد الاحباط تجاه الوطن. فـ"الحريك" هنا ليس مجرد سفر محفوف بالمخاطر على متن زورق مطاطي، بقدر ما هو تعبير ضمني عن شكل جديد للاحتجاج، ولعل ما سُجِلَ في الأسابيع الماضية خير دليل. فالمغاربة لم يعودوا يطالبون بحقوقهم الآدمية على النحو الذي قدموه في ما يعرف بـ"الحراكات الجهوية" بقدر ما أضحوا ينشدون الآن مغادرة البلد، حتى صارت فكرة التخلي عن الجنسية المغربية بمثابة ورقة ضغط على الحكومة لإسماع صوتهم.

يحاول مروان أن ينسى كل شيء يخص بلده، بما في ذلك مرارة الانتظار، عبر سماعه لأحدى مقطوعات الراي وهو يسرح بخياله نحو كلماتها التي يواسي فيها المغني المغترب أمه من حدة الفراق. فهذا الأخير قد يكون أبدياً، من يدري؟ للبحر أمواجه، تنهي سطور من تشاء وقد توصل آخرين إلى بر الأمان.

وفي محاولة للتخفيف...

بعد أن طفت ظاهرة هجرة القاصرين المغاربة، كان لزاماً البحث عن حلول أو محاولات للتخفيف من حدة هذا المشهد. مراكز الإيواء من بين الحلول التي تم اعتمادها. يتم استقبالهم في اسبانيا وفرنسا وألمانيا.. ودَور هذه المراكز هو حمايتهم وضمان رعايتهم وتوفير الحاجيات الضرورية لهم.

بيد أن هذه المراكز تشهد هي الأخرى انتهاكات لحقوق الطفل خصوصاً عندما تتجاوز طاقتها الاستيعابية. فتعتبرها جمعيات ومنظمات حقوق الانسان بمثابة أماكن للاحتجاز، وسجن للقصر، وأحيانا يُحْرَمُونَ من غرف وأسرة للنوم، وهذا بحد ذاته دافع للهروب وبالتالي التشرد والتسكع في الشوارع.

"يا البابور يامون أمور، خرجني من لاميزير (يا باخرة يا حبيبتي، أخرجيني من البؤس).. بهذه العبارات دندن جيل بأكمله أغنية "يا البابور" (لمغني الراي الجزائري رضا طلياني) التي انتشرت منذ مطلع الالفية الثالثة بين المغاربة وحفرت في الوعي الجمعي للأطفال فكرة الباخرة كوسيلة للخلاص من البؤس.

ترغب دول أوروبية برمي الكرة إلى المغرب من أجل حماية ورعاية هؤلاء القصر مقابل دعمه مالياً لبناء مراكز إيواءٍ محلية.

لكن الجمعيات الحقوقية المحلية ترفض هذا الاقتراح. ففي مدينة الناظور مثلا رفضت الجمعية المغربية لحقوق الانسان (9) ذلك وطالبت السلطات المحلية بإلغاء مشروع بناء مركز إيواء للقاصرين بشراكة مع اسبانيا، لأن على الدولة أن توفر لهذه الفئة شروط حياة كريمة في التمدرس والتطبيب والرعاية ضمن نسق الاسرة.

التبني حل آخر. الحكومة الاسبانية بصدد صیاغة اتفاقیة تعاون مع إقلیم الأندلس لتمكِّن الأسر الإسبانیة هناك من تبني القاصرین المغاربة المقیمین بمراكز إیواءالقاصرین بالمدینة، والذين لا تتجاوز أعمارھم 12 سنة. في هذا الصدد ، أشار وزیرالرفاه الاجتماعي الاسباني إلى أن ھناك 60 إلى 65 أسرة في ملیلیة ترغب بتبني الأطفال المغاربة المشردین في المدینة، إلا أن ھذا غیر كافٍ لاحتواءالجميع، فاعدادهم في هذا الجيب تقدر بما بین 100 إلى 150 طفلاً مغربیاً تقل أعمارھم عن 12 سنة، ویقطنون بمراكزالإیواء، ولسان حالهم عَكَس المثل الشعبي المغربي التقليدي وصار يقول "اللهم عسل بلدات الناس ولا قطران بلادي!" (عوض "اللهم قطران بلادي ولا عسل بلدات الناس").

_____________
1- كلمة متداولة بين الشباب والمراهقين في الأحياء الشعبية وتعني زاوية أو ركن قصي يجتمعون فيه لتبادل الحديث وأحيانا لتدخين السجائر والحشيش.
2- كلمة متداولة بين المغاربة وتعني الهجرة بشكل سري أو (lehrig) .
3- شهادة في صحيفة لوموند الفرنسية ضمن ضمن ربورتاج تحت عنوان De Tanger à Paris, dans les pas des enfants perdus du maroc
4- شهادة للوكالة الفرنسية للأنباء (AFP) و هي أيضا منشورة في مواقع وصحف عديدة كمجلة لكسبريس الفرنسية.
5- شهادة حصرية للسفير العربي، الاسم في هذا النص مستعار.
6- تصريح خصّ به "السفير العربي".
7- وفق دراسة لجمعية حراكة الاسبانية من انجاز María Antúnez , Álvarez Nora Driss , Cotilla Rosa ,García Rodríguez Sara Olcina Vilaplana، تحت عنوان :De niños en peligro a niños peligrosos: una visión sobre la situación actual de los menores extranjeros no acompañados en Melilla, Mellila, 2016
8- إحصائيات صادرة عن جمعية "مسارات" ضمن دراسة تحت عنوان: Recherche-action sur la situation des mineurs non accompagnés marocains Avril 2018,page 45
9- بناءً على ما كشفه لنا عمر الناجي رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان في إطار حديث خص به "السفير العربي".

محتوى هذه المطبوعة هو مسؤولية السفير العربي ولا يعبّر بالضرورة عن موقف مؤسسة روزا لكسمبورغ.

مقالات من المغرب

الناجح: لا أحد

نحتار ونحن نَطّلع على مؤشرات التعليم في المغرب خلال العقدين الأخيرين، بين مستوى المدارس والتعليم حسبَ ما نعاينه فعلياً من جهة، وما تقوله من جهة ثانية الإحصاءات الدّولية حول التعليم،...

للكاتب نفسه