نظريتان حول المكسيك

يجلسان على القهوة ويلعبان طاولة. صوت آت من التلفزيون: أنباء عن سقوط ضحايا مكسيكيين على يد نيران الجيش المصري. ينتهبان للصوت. يتوقف صوت النرد على الطاولة. اللاعب الأول يصرخ: ما هذه المحطة؟ ويلوح طرف ابتسامة ساخرة على شفتي اللاعب الثاني وهو يردد "مكسيكيين". اللاعب الأول ما يزال غاضباً وهو يؤكد أن هذه المحطة تختلق أي أخبار لتنال من مصر وشعبها، أما اللاعب الثاني فيسترجع
2015-09-24

شارك

يجلسان على القهوة ويلعبان طاولة. صوت آت من التلفزيون: أنباء عن سقوط ضحايا مكسيكيين على يد نيران الجيش المصري. ينتهبان للصوت. يتوقف صوت النرد على الطاولة.
اللاعب الأول يصرخ: ما هذه المحطة؟ ويلوح طرف ابتسامة ساخرة على شفتي اللاعب الثاني وهو يردد "مكسيكيين".
اللاعب الأول ما يزال غاضباً وهو يؤكد أن هذه المحطة تختلق أي أخبار لتنال من مصر وشعبها، أما اللاعب الثاني فيسترجع تجربة مريرة في حياته عرف فيها شخصاً مكسيكياً، وكان المكسيكي هذا لا يؤمن بالله.
ظل اللاعب الأول مصرّاً على أن هذا لم يحدث. وأن هذا كله اختلاق من أعداء مصر لتشويه صورة البلد. وكلم صديقه الذي يعمل مرشداً سياحياً، وقال له إن التلفزيون يدَّعي أن الجيش.. وقبل أن ينهي كلمته قال له صديقه على الخط الآخر بملل، لا تصدق! أغلق اللاعب الأول التلفون وقال لمن حوله في القهوة إن شيئاً لم يحدث، كما أخبرهم بالضبط.
اللاعب الثاني كان أكثر ثقافة وقابلية للبحث العلمي. دخل على غوغل وبحث عن كلمة "المكسيك" وتأكد من غوغل أن المكسيكيين يتاجرون بالمخدرات. كما بحث عن مدينة "مكسيكو سيتي"، فعرف أن بها عصابات. نظر لمن حوله في القهوة وقال لهم: المكسيكيون يستحقون.
هكذا تطورت نظريتان، النظرية الأولى "أن هذا لم يحدث"، والنظرية الثانية "أن هذا حدث ولكن المكسيكيين يستحقون القتل". وكل من اللاعب الأول واللاعب الثاني كان له مريدون في المقهى. وتصادمت النظريتان مع بعضهما، وبدا المقهى على شفا الحرب الأهلية.
ظلت الأصوات تعلو إلى أن أذيع على التلفزيون نص بيان الداخلية الذي يعترف بقتل السائحين المكسيكيين بالخطأ في الصحراء الغربية. نظر كل من اللاعبين إلى بعضهما بحيرة. ولم يتأخر رد فعلهما. رفع كل منهما إبهامه لبيان الداخلية تقديراً لشجاعتها في الاعتراف بالخطأ. وظلا رافعين الإبهام لربع ساعة كاملة، ثم عادا للطاولة، والأول يقول: وعلى العموم هذا لم يحدث. والثاني: وعلى العموم حدث ولكن لم يكن خطأ.