لم تنجح سياسات الحكومة المغربية طيلة السنوات الخمس الماضية في حل أزمة البطالة بالبلد، على الرغم من الوعود التي قدمتها بخفض معدلاتها إلى 8 في المئة. إلا أن الرقم ما زال يراوح ما بين 9 و10 في المئة، بما يزيد عن مليون و170 ألف عاطل عن العمل.
ولم يخفِ المغاربة قلقهم من تنامي البطالة التي تشمل 24 في المئة من حاملي الشهادات الجامعية والمهنية، وتوقعت 77.5 في المئة من الأسر ازدياد رقعة المعطلين عن العمل خلال هذا العام، في حين ترى 6.9 في المئة منها عكس ذلك، وفق آخر تقرير صادر عن "المندوبية السامية للتخطيط". وتفيد الأرقام الرسمية أن البطالة تهدد نحو 40.8 في المئة من الشباب، وهي الفئة التي أعربت عن فقدانها "الثقة" تجاه الحكومة بسبب "عجزها عن توفير الوظائف لهم"، وفق دراسة أنجزها "معهد الرباط للدراسات الاجتماعية". وتبين إحصائيات الدراسة، أن 54 في المئة من الشباب المستجوبين يرون أن الوساطة "مهمة جداً" لنيل الوظيفة، علاوة على 36 في المئة يعتبرونها "مهمة"، في حين صرح 6 في المئة من المستجوبين بأن الوساطة "غير مهمة" لنيل وظيفة في البلد. وصرح 39 في المئة من المستجوَبين أن الوساطة تتم عبر الأصدقاء والأقارب، في حين يرى 13 في المئة منهم أن "المحيط الاجتماعي يساهم في الحصول على الوظيفة في المغرب".
وفي الوقت الذي تزداد فيه عاماً بعد عام أرقام بطالة الشباب خريجي الجامعات والمعاهد، تتصاعد وتيرة الاحتقان وأشكال الاحتجاج في وجه الحكومة، مطالبة بمزيد من الإصلاحات والحلول الجذرية للتقليل من معدلاتها.
مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أفادت أن "التهميش الذي يطال المجموعات الكبيرة من الشباب المغاربة العاطلين عن العمل، قد يتحول إلى بارود ضخم مرشح للانفجار والثورة"، مضيفة أنه "لا غرابة في أن إحباط المغاربة تجاه الحكومة في تزايد مستمر، كما يتضح ذلك من خلال انخفاض رأس المال الاجتماعي، حيث مر من الرتبة 13 في العالم سنة 2010 إلى الرتبة 84 سنة 2014".
وكان عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، قد أكّد خلال حملة الانتخابات الماضية أن التوظيف ضمن أولويات حزبه، وهو الأمر نفسه الذي تبنته كل الأحزاب الأخرى ضمن برامجها الانتخابية.
وما زالت الجامعات والمعاهد المغربية تنتج أجيالاً "غير منتجة"، كما أن مصادقة الحكومة على مرسوم التوظيف بالتعاقد صيف العام المنصرم سيزيد من تفاقم المعضلة. وقد أوصى صندوق النقد الدولي الحكومة المغربية بضرورة الإسراع بتنفيذ "إصلاحات هيكلية" من أجل تطوير "جودة التعليم"، و"تحسين طريقة أداء سوق الشغل"، بغية خلق فرص عمل أكبر، مؤكداً أن "توقعات نسب النمو، على المدى المتوسط، لا تكفي لحل أزمة البطالة في المغرب".
وفي ظل غياب حلول عملية تعتمد على إيجاد المشاريع والمقاولات الصغرى وتشجيع الفرص الاستثمارية، تبقى الوظيفة الحكومية هي الملاذ الأخير لفئات واسعة من المغاربة الذين يطمحون لصعود السلم الاجتماعي نحو الطبقة المتوسطة، المهددة بالتآكل.