من حق الملوك والرؤساء العرب أن يشعروا بسعادة غامرة لتبوّء دونالد طرامب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، أغنى وأقوى دولة في العالم..
ها هو شبيههم يتسلم أفخم موقع قيادي في الدنيا.
إنه مثلهم لا يهتم للدراسات والأبحاث الرصينة، ولا يعبأ بتقارير أجهزة المخابرات ومراكز البحث، مهما كانت دقيقة وتساعد في رسم السياسات والتمهيد للقرارات الصعبة والتي تحتاج الكثير من الدراسة والتدقيق والصبر والتحوّط لنتائجها.
ومثلهم هو يفضل الارتجال، واتخاذ القرارات المباغتة وغير المدروسة، وإن كان يتميز عنهم بأنه يفضّل أن يتم ذلك أمام شهود الحال من كبار المسؤولين في إدارته وكبار معاونيه ورجال الصحافة ونسائها، وإن فضلوا هم "الاستعانة على قضاء حوائجهم بالكتمان" ومباغتة الرأي العام في الداخل والخارج بقراراتهم المصيرية، بغض النظر عن نتائجها وآثارها على بلادهم، إذا هي كانت تتجاوزها بتأثيرها وردود الفعل عليها..
على أن طرامب يختلف عنهم في أنه يخضع لمحاسبة الرأي العام ممثلاً في الكونغرس بمجلسيه، وقبله الصحافة مرئية ومسموعة ومقروءة، وهي ذات مكانة وتأثير، خصوصاً وأنّها تمثّل "تروستات" مالية واقتصادية وقطاعاً واسعاً من أصحاب المصالح في الداخل كما على مستوى الكون، قبل الرأي العام، وبه ومعه.
أما هم فلا يخضعون لمحاسبة أحد، خارج المجلس العائلي، أو بعضه من المرضي عنهم في الأغلب الأعم، ولا هم يحسبون حساباً لبدعة "الرأي العام" - ومن ضمنها أو بين عناوينـها الصحافة، وهي صحافتهم بالملكية المطلقة أو بالإيجار..
ثمّ أنهم كانوا يشكون من "حيدة" أو "برودة" ردود فعل الرئيس السابق ذي الجذور الإسلامية، ولو بقدر محسوب، والأصول الأفريقية التي لم تلغِ جنسيته الأميركية ولا هي منعته من أن يفوز بمقعد في مجلس النواب ثمّ برئاسة أقوى وأغنى دولة في العالم..
أما وأن دونالد طرامب هو ساكن البيت الأبيض في واشنطن، حيث مركز الكون، وعنده حقيبة المفاتيح التي تحرك الصواريخ حاملة الرؤوس النووية التي تستطيع أن تطال أبعد نقطة في الأرض أو عرض البحار، أو حتى في الجو وصولاً إلى كواكب الزهرة وعطارد والمريخ..
أما وأن المضارب في سوق المال كما في سوق النساء، بدليل أن زوجاته قد بلغن حتى الساعة ثلاثاً، هذا عدا العشيقات والمستجيبات لنزواته، هو صاحب القرار الكوني..
فإنّ هؤلاء، أصحاب جلالة وأصحاب سمو ملكي، وحتى أصحاب سمو أميري، وأصحاب سيادة يحكمون بلاداً بعشرات الملايين من السكان، فإنهم يستطيعون الاطمئنان إلى مستقبلهم: ألم يكن الهاتف الأول الذي أجراه طرامب من نصيب خادم الحرمين والهاتف الأول الذي تلقاه من خادم الحرمين، وأول زائر رسمي حظى باستقبال إمبراطوري هو رئيس حكومة العدو الإسرائيلي، في حين أن ملك الأردن جاءه في لحظة حرجة فاستقبله "على الواقف" خارج المكتب البيضاوي، ثمّ منّ عليه باستقبال رسمي فيه، بعدما وجد وقت فراغ لهذا الملك الهاشمي..
إنّ كل شيء على ما يرام.. ويستطيع أصحاب الجلالة والفخامة والسمو أن يطمئنوا ويناموا ملء عيونهم، وليسهر الرعايا في ليل القلق الطويل.. فما قصّر في الأعمار طول السهر!
على الطريق
مثل أعلى لملوكنا والرؤساء..

مقالات من أميركا
القاهرة في عشر سنوات... هل نعرفها؟
في ذكرى عشر سنوات على "ثورة يناير 2011"، لا بد أن تُجرى مراجعاتٌ عدة في موضوع المشاركة المجتمعية، والنشاطية العمرانية، وما آلت إليه، حتى لو كنا لا نمتلك الآن أيّاً...
دارفور.. الانتقال من "الحرب" إلى "آثارِها"!
هناك خطة لدى طرف داخل الحكومة، لتجفيف معسكرات النزوح بجعلها جحيماً لا يُطاق. وهذا ما حدث قبل أيام بمدينة "الجنينة" بعد الهجوم على معسكر "كريندق" وحرق أجزاء واسعة منه، ما...
العراق: انفجاران وقنابلُ سياسية.. والفقراء في مهبّ الموت
الأمن ليس قراراً عسكرياً بحتاً، وللسياسة كلمة أعلى. حروفُ هذه الكلمة في العراق ليست كما في غيره: صراعٌ على السلطة والنفوذ والمغانم، وسباقٌ على مضمار الفساد. وليس من المؤمَّل، مع...
للكاتب نفسه
دول آبار النفط والغاز تتهاوى
اليوم، بتنا نفهم حرص المستعمر- بريطانيا بالأساس - على إقامة دول تتضمن رمالها أو سواحلها احتمالات بوجود النفط والغاز. فاذا ما ظهر هذا او ذاك من أسباب الثروة كانت لغير...
عن الصوت العربي في انتخابات الرئاسة الاميركية..
.. أما العرب فأمرهم مختلف، فهم لم يعرفوا الديمقراطية، حقيقة، وحتى الساعة، والمُلك للأقوى، والرئاسة لأسرع دبابة يركبها ضابط طامح إلى السلطة، ومن خلفه صحبه المؤيدون..
عن باعة فلسطين بالمناقصة العلنية
مباشرة بعد اللقاء في البيت الابيض وتوقيع صكوك الصلح مع العدو الاسرائيلي، تحركت بواخر الشحن من دبي ليستقبلها رئيس حكومة اسرائيل نتنياهو شخصياً، في ميناء حيفا، ويستمتع بإنزال حمولتها من...