الحـقـيـقــة وراء المـفـتــش ســـرور

غريبة هي علاقة بطل قصص المغامرات برجل الشرطة. صح؟هناك دائماً أبطال يأتون من بين صفوف الشعب، أبطال مدنيون، من خارج مؤسسة الدولة، يدافعون عن قيم مدنية، يساندهم رجال الشرطة الذين يدافعون عن قيم رسمية، مثل القانون مثلا أو الدولة. نرى هذا في علاقة ميكي بالمفتش سرور، ونراه في علاقة المفتش سامي بالمغامرين الخمسة (يذكرهم أحد؟ تختخ ونوسة ولوزة وعاطف ومحب؟ على العموم لقد مات محمود سالم، مؤلف
2013-02-27

شارك

غريبة هي علاقة بطل قصص المغامرات برجل الشرطة. صح؟
هناك دائماً أبطال يأتون من بين صفوف الشعب، أبطال مدنيون، من خارج مؤسسة الدولة، يدافعون عن قيم مدنية، يساندهم رجال الشرطة الذين يدافعون عن قيم رسمية، مثل القانون مثلا أو الدولة. نرى هذا في علاقة ميكي بالمفتش سرور، ونراه في علاقة المفتش سامي بالمغامرين الخمسة (يذكرهم أحد؟ تختخ ونوسة ولوزة وعاطف ومحب؟ على العموم لقد مات محمود سالم، مؤلف هذه القصص، هذا الأسبوع، الله يرحمه).
كيف تعرّف هذا البطل الخارق، البطل المدني، على الشرطي؟ يعني كيف وصل ميكي مثلاً إلى مبنى مديرية أمن مدينة البط ليطلب مقابلة المفتش سرور ليقنعه أنه مغامر ذكي يقوم بالقبض على المجرمين، وأولهم دنجل؟ وكيف وثق المفتش سرور، وهو الكلب في قصص محمود سالم، بالفأر الصغير الذي يريد الإيقاع بكلب آخر، هو دنجل؟ (هل لاحظ أحد المفارقة؟ كلاهما، الشرطي واللص، ينتميان لفصيلة الكلاب). سنفترض أن شرطة مدينة البط أكثر ديموقراطية في تعاملها مع هذه البلاغات من نظيرتها المصرية. السؤال الأهم هو: عندما تَعَرَّف تختخ على المفتش سامي لأول مرة، هل قال له إنه كَوَّن فريقاً من أصدقائه اسمه فريق «المغامرين الخمسة» يَحُلّون به الجرائم الغامضة التي تحدث في حي المعادي؟ لنتخيل الحوار قليلاً. تختح يُعَرِّف المفتش سامي بنفسه، ويقول له إنه أقام مع أصدقائه فريقاً يطارد المجرمين في حي المعادي. طبيعي أن يطلب المفتش سامي منه أن يهتم بدروسه أكثر. سيقول له تختخ إنه وأصدقاءه يقومون بتلك المغامرات في فصل الصيف حيث الإجازة المدرسية. سيطلب منه المفتش سامي أن يحل عن دماغ أمه لأن البلد مش ناقصة يا روح أمك، وكل يوم والتاني إضراب، وناس بتهجم على الداخلية. أصلها مش ناقصة قرف على الصبح. ولكن تختخ الصبور سيخبره إنه استطاع مع أصدقائه القبض على شخص يخيف السكان، ويرتدي ملاءة سوداء كي يقنعهم أنه شبح. هنا سيطلب المفتش سامي من الشاويش فرقع أن يضع تختخ في الحجز لمدة يومين كي يوفر البيئة المناسبة له، يتعامل مع المجرمين براحته، يطارد الأشرار براحته. يعيش حياته بقى.
ثار في مصر جدل كبير بين شعارَي «الشرطة في خدمة الشعب»، و«الشرطة والشعب في خدمة الوطن»، ولكن يبدو لي إن هذين البطلين، ميكي وتختخ، بالإضافة إلى بعض المصريين الأشد إخلاصاً للدولة، وحدهم يرفعون شعار «الشعب في خدمة الشرطة».

***
توفي منذ يومين الأديب الكبير محمود سالم، الذي اهتم بالكتابة للاطفال، مستلهما قصة "المغامرين الخمسة"، مُعَرِّباً اياها بشكل خلاق، ومنشئاً شخصيات لا تنسى. ثم عاد الى ابتداع "الشياطين الـ13" حين ترك القاهرة الى بيروت بسبب الاضطهاد السياسي أيام السادات. وهذه تحية له من نائل ومخلوف