السجون التونسيّة لم تصل إليها الثورة

لا تزال السجون التونسية تعاني تجاوز عدد نزلائها لطاقة استيعابها بما يقارب 125 في المئة. ولا يزال القضاء، رغم الثورة التي أطاحت النظام القديم، "متقاعساً عن التفاعل بشكل ايجابي مع مبادئ حقوق الإنسان في استعماله لآلية التوقيف التحفظي، إذ تواصلت مبالغته في استعمالها". هذه إحدى خلاصات الندوة الدولية التي نظﻣتها وزارة اﻟﻌدل التونسية، ﺑﺎﻟﺗﻌﺎون ﻣﻊ وزارة ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻌداﻟﺔ اﻻﻧﺗﻘﺎﻟﯾﺔ
2013-01-31

شارك

لا تزال السجون التونسية تعاني تجاوز عدد نزلائها لطاقة استيعابها بما يقارب 125 في المئة. ولا يزال القضاء، رغم الثورة التي أطاحت النظام القديم، "متقاعساً عن التفاعل بشكل ايجابي مع مبادئ حقوق الإنسان في استعماله لآلية التوقيف التحفظي، إذ تواصلت مبالغته في استعمالها". هذه إحدى خلاصات الندوة الدولية التي نظﻣتها وزارة اﻟﻌدل التونسية، ﺑﺎﻟﺗﻌﺎون ﻣﻊ وزارة ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻌداﻟﺔ اﻻﻧﺗﻘﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻣﺗداد ﯾوﻣﯾن (19- 20 كانون الثاني/يناير) في العاصمة التونسية، حول وضعية السجون وتصوّرات آلية معالجة المشاكل التي تعاني منها. ندوة ضمّت أطرافاً حكوميين ومسؤولين من إدارة السجون وقضاة وممثلين عن مؤسسات دولية تهتم بحقوق السجناء، تخلّلها تسجيل اعتراف رسمي بسوء وضعية السجون التونسية.
وتبيّن من خلال نقاشات الندوة، أنّ مؤسّسة "قاضي تنفيذ العقوبة" عجزت عن الاضطلاع بدورها بسبب عدم تفرغ القضاة المكلفين بها لأعبائها، وتواصُل ممارستهم لأعمال قضائية أخرى تشغلهم عن مباشرتها بشكل مستمر، وعدم توفر إدارة مساندة لهم في عملهم.
وجه آخر من أوجه مشاكل السجون التونسية، تختصَر بشق تشريعي وآخر ثقافي يؤديان إلى المبالغة في عمليات التوقيف التحفّظي (الاحتياطي)، وهو ما يستوجب "تدخلاً ثقافياً تحسيسياً يغيّر أسلوب تعامل القضاة مع حريات المتهمين مع ضرورة تدخّل تشريعي يسمح بالحد من حالات التوقيف"، بحسب مجموعة من الاقتراحات التشريعية والمؤسساتية الجاهزة للتطبيق في حال توفّرت النية بإصلاح نظام السجون التونسي.
ولمعالجة ظاهرة اكتظاظ السجون وتفشي الأمراض فيها، تم اقتراح أن يتم إحداث سجون جديدة يحترم نمطها المعماري الشروط التي يجب أن تتوفّر في السجون، فضلاً عن أهمية تطوير الكادر الطبّي المختص بالسجون ونزلائه، تحديداً ضمان استقلالية الأطباء في عملهم عن السلطة الإدارية، "لكي يكون طبيب السجن رقيباً على احترام حقوق السجين، لا شريكاً في تعذيبه كما كان الحال سابقاً".
وشدّدت إحدى التوصيات على جعل آلية التوقيف التحفظي إجراءاً استثنائياً، والعمل على تنقيح التشريع المتعلق به في سبيل التقليص من مدته، وسنّ قوانين جديدة تعطي الأولوية للعقوبات المالية وتلك البديلة للسجن، وتأمين استقلالية طبيب السجناء، ورفد المؤسسات السجنية بالأخصائيين النفسيين والاجتماعيين.
وأشارت التوصيات، التي أصرّت على إشراك المجتمع المدني والخبراء في وضع تصوّرات خاصّة ببرامج التأهيل والتحضير للإفراج عن السجناء، إلى ضرورة إنشاء سجون شبه مفتوحة وسجون مفتوحة تسهيلاً لإدماج السجين، ودعم الصندوق الاجتماعي للسجن، واستخدام مصطلح نزيل بدل "سجين" تسهيلاً لدمج السجناء في مجمتعهم بعد انتهاء محكوميتهم. ومن الخطوات التي قد تحمل قيمة رمزية في تصحيح وضع السجون، اقتراح قدّمه بعض المشاركين لاعتبار "سجن الناظور" السيئ الذكر، كمتحف للذاكرة وللتاريخ الإنساني والتونسي.

عن "المفكرة القانونية"
http://legal-agenda.com
            
 


وسوم: العدد 49