في البصرة، قلت لسائق الباص: أنا جائع، هل تعرف مطعماً مفتوحاً في هذه الساعة المتأخرة؟ قال لي: سألتَ خبيراً، أعرف عجوزاً يضع عربته الجوّالة في مدخل المرأب، ويقدّم طبقاً دسماً من الرصاص المشوي.
الرصاص المشوي هو أكثر المأكولات شيوعاً هنا. الأمر بالنسبة لجائع متأهب للعق الدخان القادم من شبابيك المطابخ مثلي، أعزّ من الحلم، فالرصاص هو أكلة الملوك في تلك الساعة.
تغاضيت عن كرهي له والمتاعب التي يجلبها لأسناني، وشغفي الخاص بالرمانات اليدوية المسلوقة، وزناد البندقية بالبارود وفوهات المسدسات المقلية. تغاضيت عن ذلك وتجاهلته، وتتبعتُ الأغنية الريفية التي تبثها معدتي الفارغة في ذلك الفجر. هناك مطرب يصدح بموال شجي عن الجوع في داخلي.
منذ تلك الليلة وأنا مدمن رصاص، ابتلعه ولا أمضغه. كلّ من أعرفه هو من آكلي الرصاص، وبصراحة يطيب لي أن أشتري الرصّاصات المتعفنة والصدئة من بقايا الحروب، أجففها كما يفعل الأهالي هنا، وأنشرها على الحبال وتبقى معلقة ومبسوطة على الباب طوال الصيف.
مرة، أصبت بالتهاب الزائدة الدودية، تعرفت في المستشفى على عشرات المرضى من آكلي الرصاص ومدمنيه، أجمعهم أحياناً وأخطب فيهم: أيها الزملاء الكرام، أيها الأعضاء في جمعية محبّي ابتلاع الرصاص، حافظوا ـ بورك فيكم ـ على هذه الأكلة، واحتفلوا بها في الشوارع والبيوت واكتبوا عنها على الحيطان. علّموا صغاركم مضغ الرصاص واللهو به، ولا تسمحوا لهم باللعب بدمى من الخشب والبلاستك. الرصاص يوحّدنا.
الرصاص المشوي هو أكثر المأكولات شيوعاً هنا. الأمر بالنسبة لجائع متأهب للعق الدخان القادم من شبابيك المطابخ مثلي، أعزّ من الحلم، فالرصاص هو أكلة الملوك في تلك الساعة.
تغاضيت عن كرهي له والمتاعب التي يجلبها لأسناني، وشغفي الخاص بالرمانات اليدوية المسلوقة، وزناد البندقية بالبارود وفوهات المسدسات المقلية. تغاضيت عن ذلك وتجاهلته، وتتبعتُ الأغنية الريفية التي تبثها معدتي الفارغة في ذلك الفجر. هناك مطرب يصدح بموال شجي عن الجوع في داخلي.
منذ تلك الليلة وأنا مدمن رصاص، ابتلعه ولا أمضغه. كلّ من أعرفه هو من آكلي الرصاص، وبصراحة يطيب لي أن أشتري الرصّاصات المتعفنة والصدئة من بقايا الحروب، أجففها كما يفعل الأهالي هنا، وأنشرها على الحبال وتبقى معلقة ومبسوطة على الباب طوال الصيف.
مرة، أصبت بالتهاب الزائدة الدودية، تعرفت في المستشفى على عشرات المرضى من آكلي الرصاص ومدمنيه، أجمعهم أحياناً وأخطب فيهم: أيها الزملاء الكرام، أيها الأعضاء في جمعية محبّي ابتلاع الرصاص، حافظوا ـ بورك فيكم ـ على هذه الأكلة، واحتفلوا بها في الشوارع والبيوت واكتبوا عنها على الحيطان. علّموا صغاركم مضغ الرصاص واللهو به، ولا تسمحوا لهم باللعب بدمى من الخشب والبلاستك. الرصاص يوحّدنا.