نهاية شهر عسل موريتانيا والكنديين

مع تصاعد الأزمة بين الحكومة الموريتانية وشركة "كينروس" الكندية التي تستخرج الذهب من أكبر منجم شمال موريتانيا، قررت الشركة الكندية إغلاق المنجم وتسريح العمال والموظفين، محتجّة بأن الظروف غير ملائمة للعمل.
2016-07-13

المختار ولد محمد

صحافي من موريتانيا


شارك
منجم لشركة "كينروس" الكندية في موريتانيا

مع تصاعد الأزمة بين الحكومة الموريتانية وشركة "كينروس" الكندية التي تستخرج الذهب من أكبر منجم شمال موريتانيا، قررت الشركة الكندية إغلاق المنجم وتسريح العمال والموظفين، محتجّة بأن الظروف غير ملائمة للعمل.
أوقفت الشركة تشغيل المنجم وسفرت مئات العاملين من الأجانب إلى دولهم الغربية، وآلاف العمال الموريتانيين إلى العاصمة نواكشوط وبعض المحافظات. وسارعت الحكومة الموريتانية إلى تحميل الشركة مسؤولية توقيف إنتاج الذهب وإغلاق المنجم معتبرة أنه مخالف للقانون والنظم المعمول بها.
وتقول الحكومة أنها اكتشفت خلال الإضراب الأخير للعمال وجود خروقات للقانون من أبرزها تشغيل عمال أجانب دون تصاريح، وأبلغت الشركة بضرورة الترخيص لهم.

إلى أين تتجه الأمور؟

سحب الفنيين الأجانب يجعل الشركة غير قادرة على مواصلة عمليات الإنتاج. لكن السلطات الموريتانية تقول بأن الإجراء روتيني هدفه تطبيق قانون الشغل الذي يلزم بتوطين مراكز العمل، حيث لاحظت مفتشية الشغل أنها أولاً مسنودة للأجانب بدل أن يتولاها موريتانيون، وأنّ الأجانب يجب ثانياً أن يحصلوا على تراخيص عمل.
وتأتي الأزمة بعد مزاعم للشركة الكندية بأنها تتعرض لخسائر كبيرة بسبب تراجع أسعار الذهب في الأسواق العالمية، وأنها مضطرة لتنفيذ إجراءات لتقليص الإنفاق من بينها تخفيض عدد العمال وضبط مصاريف الاستغلال، والإبقاء على مستوى الإنتاج الحالي الذي لا يتجاوز معالجة 8 آلاف طن في اليوم،
والتراجع عن مشروع توسعة المنجم  بطاقة تصل إليه 38 ألف طن، وهو المشروع الذي استفادت الشركة من خلال الإعلان عنه قبل أعوام من امتيازات داخل البلاد.
 لكن خبراء شركات التعدين في مجال استخراج الذهب والنحاس يشككون في مزاعم الشركة الكندية ويقولون أن التلاعب ونشر أرقام مغلوطة عن حجم الاستغلال المنجمي هو السبب الحقيقي للمشكلة. وأنه لا صحة للادعاء بارتفاع تكاليف المنجم في موريتانيا مقارنة بمناجم الذهب في أمريكا الشمالية، حيث يزعم الكنديون أن تكلفة إنتاج الأونصة من ذهب في المنجم الموريتاني تفوق ألف دولار في حين أن إنتاج أحد مناجمها في أميركا الشمالية لا تتجاوز كلفته 712 دولار للأونصة.
وانكشف الادعاء في الأشهر الماضية بعد بروز الذهب السطحي على بعد أمتار من المنجم، بينما كان الكنديون يزعمون أن التكاليف باهظة بسبب وعورة التنقيب ولكون خامات الذهب السطحية السهلة الاستغلال قد تم استنزافها من قبل، إضافة إلى أن الجزء الأكبر من الخامات الحالية يحتوي على نسبة أقل من الذهب، وهو موجود على عمق أكبر.
وقبل سنتين أعلنت الشركة الكندية عن اكتشاف احتياطي جديد من الذهب يصل إلى مليون وثلاثمئة ألف أونصة من الذهب، في منطقة قريبة من المنطقة نفسها التي تضم مصنع الذهب الحالي الذي بدأ فيه الإنتاج قبل ست سنوات.
وتبدي السلطات الموريتانية اندهاشها من قرار الإغلاق في وقت أخرجها تدخل الحكومة قبل أيام من القرار، من اخطر أزمة واجهتها بسبب الإضراب الذي فرض العمال في نهايته مطالبهم. ولولا ذلك التدخل لدفعت الشركة أكثر مما وافقت على دفعه، ولما عاد العمال للعمل دون الكثير من التنازلات من طرفها.
ويبدو أن هناك صلة قوية بين قرار الإغلاق وتسرب أخبار تقول أن معلومات دقيقة عن الأرقام الحقيقية لعمل المنجم قد أصبحت في حوزة السلطات، وأن الأمور لن تعود كما كانت، ما يستلزم التفكير في تسيير آخر.
وعاشت الشركة خلال شهر أيار / مايو الفائت أطول إضراب عمّالي انتهى برضوخها لمطالب العمال، لكن السلطات اكتشفت خلال الإضراب وجود مئات من العاملين الأمريكيين والكنديين والبريطانيين يعملون من دون رخص.
وتزايدت المطالب في موريتانيا خلال الآونة الأخيرة بفسخ العقد من الشركة الكندية التي ينصّ الاتفاق معها بمنح موريتانيا ثلاثة في المئة فقط من الذهب، ونسبة ثلاثين في المئة من الأرباح الصافية، ما يجعل المقابل من شغلها يُدخِل الى موازنة موريتانيا ما يقارب 110 مليون دولار.

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه