تضامن نسوي عابر لكلّ حدود

"إيماناً منا بقيم التضامن النسوي، تصبح قضية كل إمرأة هي قضيتنا، وكل دكتاتور هو مضطهِد للنساء بالضرورة، قاتل بالضرورة، سجَّان بالضرورة، مُناصر للإفقار والجوع بالضرورة، ولا نحتاج لدروس طويلة كي نتعلم أنه عقبة في طريق تحررنا ويعمل ضد مصالح الجميع، ولن تأتي الحرية بالتماهي معه..."
2022-11-17

شارك
تضامن نسوي عابر للحدود مع الشابة الموريتانية مامة المصطفى في محنتها

كلّ مرة يحدث ما يذكّرنا بأن الحق البديهيّ ليس بديهياً نهائياً عندما نتكلم عن النساء. قصصهنّ الخاصة وحيواتهنّ العاطفية وقراراتهنّ الواعية حتى كبالغات وعاملات ومستقلات، تبقى ملكاً للجماعة الأكبر وفق ما تقتضي الذكورية المعتادة: للعائلة والقبيلة والدولة والدين. 

____________
من دفاتر السفير العربي
رصدٌ لسيرورات معارك النساء الكبرى
التفاوت: مكانة النساء بين "الاعتقاد" الشائع والسائد وبين الواقع والوقائع
____________

الشابة الموريتانية مامة المصطفى مصداق لكلّ ذلك. هي صانعة محتوى فيديو على تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي ك"تيك توك" و"سناب شات"، تزوجت من الشاب المغني سدوم ولد أبه، فعاقبتها العائلة بالحبس في المنزل والتعنيف والسعي لتطليقها من زوجها عكس إرادتها، لِ"عدم توافق النسَب" (أي لأن الشاب من طبقة اجتماعية أدنى قبلياً). في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، حاولت مامة الانتحار بعد اليأس من تغيير وضعها، وأُدخلت المستشفى، فيما مُنعت صديقاتها من الاطمئنان عليها، واتُهمنَ ب"النسوية"! بل أكثر من ذلك، تمّ احتجازهن في مفوضية شرطة "لكصر" بعد أن حاولن زيارة مامة وتعرضن للهجوم اللفظي والجسدي بحجة "إفسادهنّ الفتاة".. مرّة جديدة، فحتى التضامن ممنوع، وقد كان حصل ذلك النوع من المنع في مصر من قبل مع المتضامنات مع ضحايا العنف الجنسي، والتهمة "تعمّد إزعاج" (المتحرشين!)

مامة المصطفى

"لا يوجد نضال أحادي لأننا نعيش حيوات ذات قضايا متعددة".

بهذه الجملة للكاتبة والنسوية الأميركية المناضلة أودري لورد يبدأ بيان المجموعات النسوية السودانية، الذي نأخذ هذه الفرصة لاستعراض مقاطع مهمة منه، تسلّط الضوء على مسيرة نضال تقاطعيّ طويل، يرى اجتهاد الشعوب لتحررها أفراداً وجماعات كحركة ممتدة عابرة للجغرافيا...

***

لا تفتأ دول البطش والدمار الإنساني إطباق قبضتها على رقاب الحُرات والأحرار. في موريتانيا كما في مصر والسودان، ملايين البشر تحت رحمة المجاعات، السجون، والعادات البائدة. لكننا نقاوم، يقاومن ويقاومون سلاسل القيود بأي لون كانت. في موريتانيا ينتهي يوم بمحاولة نجاة مامة المصطفى من بعض هذه السلاسل وفي مصر يبدأ اليوم الذي يليه بمحاولة نجاة أخرى، محاولة علاء عبد الفتاح.

...

إننا مع خيارات كل النساء في شق طريقهن في حياتهن الشخصية والعملية والعلمية وفي الخروج من عباءات تسلط ذكور الأسرة وشيوخ القبيلة وعسس السلطة وفاشية الدولة.

...

إيماناً منا بقيم التضامن النسوي، تصبح قضية كل إمرأة هي قضيتنا، وكل دكتاتور هو مضطهِد للنساء بالضرورة، قاتل بالضرورة، سجَّان بالضرورة، مُناصر للإفقار والجوع بالضرورة، ولا نحتاج لدروس طويلة كي نتعلم أنه عقبة في طريق تحررنا ويعمل ضد مصالح الجميع، ولن تأتي الحرية بالتماهي معه...

كل قضية هي تذكير، سواء كانت ضرب امرأة، استشهاد طفل في فلسطين، حرب الجنجويد والمليشيات ضد الآمنين، أسرى الرأي، أو موت مهاجر في قوارب الموت في المتوسط، كل هذه تكرار لنفس الرسالة بألف طريقة: وهي أنه ليس هناك احتمال ولا حتى ضئيل أن إنسانا سيعيش بأمن وحرية في أي مكان ما لم تتحطم ماكينات القمع والرقابة والسلاح والأفكار البائدة.

...

إن حرية وحياة علاء عبدالفتاح هي اختبار لدبلوماسية النفاق التي تناصر الشعوب بالألفاظ وتدعم الديكتاتور بالسلاح والديون. نرسل تضامننا غير المحدود لسناء ومنى سيف عبد الفتاح و ليلى سويف خط الدفاع الأول عن علاء، الناشطات المدافعات الصامدات الملهِمات اللائي ما يئسن ولا كللن عن التبشير بقضية علاء ورفاقه المعتقلين العادلة والتصعيد في كافة المنابر والمساحات والبحث عن كل وسيلة إنصاف والسير في كل دروب العدالة والكرامة.

مامة المصطفى وعلاء عبد الفتاح، نشُد على أياديكم الكريمة، ونرسل المحبة لقلوبكم الباسلة.

 #لم_تهزموا_بعد

الموقّعات: كتلة كنداكات كرري، تجمع كنداكات جنوب الخرطوم، حركة نون النسوية، المنبر النسوي كسلا، جمعية نسوة.

لقراءة بيان التضامن كاملاً:  https://bit.ly/3gfWDpU

مقالات من العالم العربي

انهيار التعليم العام في منطقتنا

تتصل مسألة التعليم بشكل مباشر بالوعي الجماعي والتعاون الاجتماعي في أي مجتمع، أي وباختصار بعملية َتشكّله. وهذه مقاربة أولى تسجِّل المعطيات الموضوعية لتراجع التعليم العام في منطقتنا بل وانهياره. فما...