الرقة السورية: سيرة مدينة ظلمها الجميع!

ما عاشته المدينة تحت ظل "داعش"، قرابة الثلاث سنوات لم يعد خافياً، إلا أنّ تدمير أكثر من ثلثي المدينة من قبل "التحالف الدولي" بحجة محاربة هذا التنظيم، ما زالت ماثلةً حتى اﻵن على اﻷرض، فالكثير من السكان الذين هربوا من القصف والتدمير، ما زالوا مشتتين في اﻷصقاع السورية والعربية والتركية المجاورة، ولليوم ما يزال نصف المدينة على اﻷقل مدمّراً.
2022-03-13

كمال شاهين

كاتب وصحافي من سوريا


شارك
الدمار في الرقة. تصوير: بولنت كيليتش، وكالة فرانس برس.

في أقل من أربع سنوات، تناوبت أربع سلطات السيطرة سياسياً وعسكرياً على مدينة الرقة السورية. فبعد أن بقيت المحافظة ـ المدينة هادئة ومظاهراتها خجولة ﻷكثر من ثلاث سنوات منذ انطلاق الاحتجاجات السورية، تصاعدت في آذار/مارس 2012، حين شارك آلاف اﻷشخاص بتشييع أول قتيل بين المتظاهرين. سقطت المدينة فجأة ودون سابق إنذار بيد ميليشيا "الجيش الحر" في آذار/مارس 2013، والذي لم تطل به الحال حتى أُخرج من المدينة من قبل "تنظيم الدولة اﻹسلامية في الشام والعراق" (داعش) الذي أعلن المدينة عاصمةً لخلافته اﻹسلامية في كانون الثاني/يناير 2014 ورفَع الرايات السوداء مرةً جديدة بعد أربعة عشر قرناً على غيابها، وسط دهشة العالم.

ما عاشته المدينة تحت ظل "داعش"، قرابة الثلاث سنوات، لم يعد مخفياً على أحد، إلا أنّ مفاعيله اللاحقة التي تمثلت بتدمير أكثر من ثلثي المدينة من قبل التحالف الدولي المقاد من الوﻻيات المتحدة بحجة محاربة هذا التنظيم، ما زالت ماثلةً حتى اﻵن على اﻷرض، إذ أنّ كثيراً من السكان الذين هربوا من القصف والتدمير، ما زالوا مشتتين في اﻷصقاع السورية والعربية والتركية المجاورة، ولليوم ما يزال نصف المدينة على اﻷقل مدمّراً.

كان من الواضح في سياق عملية تحرير الرقة من سيطرة تنظيم داعش أن ما يسمّى التحالف الدولي عمل بجهد حثيث على عدم السماح للسلطات السورية بتجاوز حدود نهر الفرات التي تشكل حاجزاً طبيعياً بين "سوريا المفيدة" ونظيرتها غير المفيدة، واستعادة سيطرتها على المدينة ومحيطها. وفي سبيل ذلك قصف الطيران اﻷميركي كل محاولات الجيش السوري للاقتراب من المدينة، على الرغم من مشاركته الكبيرة في عمليات محاربة التنظيم بكثافة وتعرض قواته ومواقعه لهجمات متكررة من قبله، وخسارته عدداً ملحوظاً من قواته في المعارك هناك.

"مجلس الرقة المدني"

فتح التحالف الدولي الطريق أمام "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المكّونة من خليط من القوى العسكرية العربية والكردية، وسلّمها مقاليد إدارة المدينة. واليوم، يدير المدينة "مجلس الرقة المدني" ويتولى رئاسته الظاهرية شخصيتان، عربية وكردية، يتم تعيينهما من قبل "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" وليس بالانتخاب، في حين تسيطر هيئات اﻹدارة الذاتية و"قوات سوريا الديمقراطية" على جميع اﻷمور المرتبطة باﻷمن والفضاء العام، بما في ذلك السجون والمباني اﻷمنية واﻹعلام والاقتصاد.

تعادل تسمية "مجلس الرقة المدني" تسمية مجلس المحافظة في النظام اﻹداري السابق للحكومة السورية، مع تغيير طفيف في تقسيم المدينة من نظام اﻷحياء والمخاتير إلى "كومونات" استرشاداً بنهج اﻹدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا المشتق من النظرية الاجتماعية للقائد "أوجلان" في تحقيق اﻹدارة الذاتية للمناطق، وقيام الناس بإدارة شؤونهم المحلية والخدمية. وتحمل كل كومونة اسم "شهيد" من الذين سقطوا في المعارك مع تنظيم داعش، والكومونة تقدم الخدمات لعموم المواطنين، مثل توزيع الخبز والوقود وصيانة الطرق والكهرباء وسوى ذلك، ضمن قطاع واسع من الخدمات التي تضاعفت الحاجة إليها في اﻷعوام اﻷخيرة بسبب نقص التمويل وزيادة مساحات اﻷعمال المحلية وضعف الأحوال اﻷمنية وتعرض العديد من المنشآت الخدمية للسرقات والنهب المتعمد.

في التأسيس المقدس

كلمة "الرَّقة" هي مفرد "رقائق" وهي طبقات من الطين ناتجة عن تشقق طبقة الأرض السطحية بعد زوال المياه عنها، فتصبح الأرض "رقائق" من الطين، و"الرقة" تغمرها مياه الفرات بغزارة دائمة. وفي أيام العباسيين كانت هناك رقّتان، الرقة البيضاء المبنية من الآجر الأبيض، وكان اسمها "الرافقة "، وهناك الرقة السمراء المبنية من الآجر المشوي. وبالمقابل فهناك رأي شعبيّ يقول أنها سميت هكذا بسبب رِقة هوائها ليلاً.

لم تشكل الرقة مراكز قوة تهابها السلطات الحاكمة أو تحسب حسابها في بناء الهياكل الاقتصادية والاجتماعية والسلطوية، خلافاً لما هو الحال في دير الزور أو الحسكة أو حلب، على الرغم من أنّ الرقة كانت آخر المدن التي وقعت تحت الاحتلال الفرنسي وشهدت ثورة مبكرة ضده في العام 1920، تتجاهلها الأدبيات البعثية في المناهج التعليمية لمختلف الصفوف.

وعلى الرغم أن إنشاء الرقة الحديثة في نسختها العثمانية كان بهدف إملاء الفراغ العمراني والدفاعي للمسافة الواسعة الممتدة من تخوم بلاد الشام وصولاً إلى أطراف البادية السورية، وﻷجل ذلك دعمت الدولة العثمانية إقامة العشائر في مناطق الرقة المختلفة. إلا أنّ المدينة بقيت أقرب إلى المدن الزراعية ولم تتحول إلى منصة دفاعية ضد هجمات البدو الصحراويين، وهو ما ظهر بوضوح من جديد بعد سقوطها السريع بيد "تنظيم الدولة اﻹسلامية" الذي استفاد من المدى الصحراوي جنوبي المدينة في إسقاط القلة القليلة من مواقع الحكومة السورية الدفاعية، وهي مبان أمنية بالدرجة اﻷولى وليست مبان عسكرية.

وﻷنّ تأسيس المدن لا يكتمل بغير غطاء القداسة ورموزها، فقد أظهرت عملية تأسيس المبنى اﻷول للبلدة ـ المدينة، أثراً لقبر قديم بقي منه ظاهراً كنية صاحبه ("البخاري") الذي أوصل اﻷهالي مستقر نسبه اﻷخير إلى اسم جامع أحاديث الرسول العربي، على الرغم من أنّ الأخير مدفون في مدينة بغداد وفق أرجح الروايات. وبذلك عثر المؤسسون على ما جعلهم يربطون المدينة بالمقدس اﻹسلامي، سواء أكان القبر الذي عثر عليه صحيحاً في نسبته أو لا، وهكذا أعاد الناس بناء القبر ورمّموا أثره المتداعي وبالضرورة ظهرت معجزات طوّفت المكان بالقداسة والبركات والماء المقدس.

بالقرب من القبر المعجزة بنى آل الحسون مضافةً سُمّيت "اﻷوضة" جمعَت في بقعتها حجارة ما بات يعرف بقبر البخاري الموجود حتى اﻵن. وبجوار هذه اﻷوضة (الغرفة) وعلى موازاتها، وعبر شارع واحد طويل، سوف تنشأ أوّل مساكن مدينة الرقة وارثةً الاسم القديم الذي كانت عليه هذه البقعة من اﻷرض منذ ما قبل الإسلام.

مقالات ذات صلة

يشير المؤرخ "معبد الحسون" ـ وهو من أهاليها ـ إلى أنّ لهجات أهل الرقة المتنوعة قد ذابت في معايرة لغوية قرّبت الفوارق بين لهجات السكان القادمين من جهات سوريا المختلفة، حيث لا يكاد يلحظ وجود فوارق فيما بين لهجات الريف الرقاوي المختلفة ولهجة أهل الرقة المدينة. وهذه المعايرة الضابطة لوحدة انسجام مخارج الحروف وطريقة التعبير الموحدة لغوياً، تم ضبطها وتعييرها على اللهجة الأم لقبيلة "البوشعبان" الديرية (نسبة الى دير الزور). والأمر نفسه يقاس على موجات الهجرة اللاحقة التي استوعبتها المحافظة بعد عشرينات القرن العشرين، حيث استقبلت أسراً كثيرة من مناطق حلب وريفها، إضافة إلى هجرة أسر كثيرة من معظم محافظات سوريا الداخلية، خاصة منطقة السخنة في بادية حمص، فضلاً عن سكن أعدادٍ من الأرمن لجأوا إلى الرقة فراراً من المجازر العثمانية ضدهم في بدايات القرن العشرين. واليوم، لم يبق منهم سوى عدد قليل جداً بعد أن شدوا رحالهم من جديد صوب مناطق أخرى من العالم بما فيها أرمينيا.

مختبر المدينة الحديث

توزعت الرقة التاريخية والحديثة على مسار دائري يحيط، مثل غالبية المدن اﻹسلامية، بالمركز الافتراضي للنشاط الديني والتجاري، أي الجامع، حيث بدأت العشائر والأسر الوافدة في الفترات التالية لستينيات القرن التاسع عشر بتشكيل أطواق عمرانية حول مركز المدينة الأول: الجامع الكبير الذي بناه "خلَف الحسون"، الذي كان من أوائل القادمين إلى موقعها الحالي مع اثنين من إخوته، وهم من أفخاذ قبيلة زبيد اليمنية، قدموا من بادية دير الزور القريبة.

تولد الرقة ربع كهرباء سوريا عبر سد الفرات، وهي ثالث محافظة سورية لجهة المساحة والزراعة، ومن الغريب مثلاً أن الحكومات السورية المتعاقبة منذ استلام البعث السلطة ـ وما قبلها ـ لم تلحظ إقامة معمل للخيوط القطنية في محافظة تنتج ربع القطن السوري، كما أنّها تعتبر صلة وصل كبيرة بين مشرق البلاد وجنوبها وغربها

حملت أماكن الاستيطان الجديدة أسماء العشائر بالضرورة مضافاً لها كلمة "الحارة" المشتقة من التوزيع المديني للسكن، فهناك حارات "العجيلي" و"البجري" و"الحسّون" و"الشاهين" وغيرها. وإثنياً، شهدت المدينة في فترات مبكرة من تاريخها حضور عائلات كردية قدمت من العراق بشكل أساسي، ولكنها من العائلات المستعربة وفق اﻷدبيات المتوافرة، وهي لا تتكلم الكردية، كما لا يعدهم أكراد المنطقة الشمالية أكراداً، إلا أن حضور هذه العائلات كان واضحاً لدرجة أنّ أوّل خانات السجل المدني في المدينة حملت صفة "اﻷكراد" إلى جانب خانة "الجراكسة".

من الملاحظ أن الطبيعة السكانية للرقة لم تفضِ إلى تشكيل تجمع عشائري كبير خلافاً مثلاً لتجمع عشائر دير الزور المجاورة. وعلى العكس، فقد أثّرت بنية المدينة فيهم مؤدية إلى درجة من التفكك العشائري، وهذا يفسّر إلى حد كبير قلة التوترات التي حدثت عبر العقود الماضية بين مكوّنات المدينة، وفي الوقت نفسه عدم تشكيلها مراكز قوة تهابها السلطات الحاكمة أو تحسب حسابها في بناء هياكل المدينة الاقتصادية والاجتماعية والسلطوية خلافاً لما هو الحال في دير الزور أو الحسكة أو حلب، على الرغم من أنّ المدينة كانت آخر المدن التي وقعت تحت الاحتلال الفرنسي وشهدت ثورة مبكرة ضده في العام 1920، وهي ثورة الأمير حاكم بن مهيد، إلا أن الأدبيات البعثية تجاهلت هذه الثورة في المناهج التعليمية لمختلف الصفوف.

شهدت المدينة عبر تاريخها تيارات سياسية أكثر قرباً إلى اليسار في الستينيات، وتحديداً الشيوعيين، في حين كان التيار القومي العربي أقرب إلى تجربة البعث العراقي، وقد ساهمت العشيرة عموماً في كون هذا الاقتراب من العراق أكثر واقعية، وحتى بداية الثمانينيات لم يكن بث التلفزيون السوري الحكومي يصل إلى مناطق الرقة وريفها خلافاً لنظيره العراقي.

مقالات ذات صلة

ومع اختفاء التيارات السياسية السورية على العموم في معمعة تصفية الساحات لصالح البعث فقط طيلة عقود سيطرة اﻷخير على مقاليد اﻹدارة والدولة في المدينة، ظهرت تيارات دينية، لكن سمة التيارات الرقاوية الدينية أنها كانت أقرب إلى الصوفية، يتضح ذلك في عدم ظهور أية تنظيمات عسكرية إسلامية من قلب الرقة نفسها خلال الفترة التي شهدت المعارك، بما فيها فترة سيطرة تنظيم داعش عليها.

المختبر اﻷخير

بشكل عام بقي مناخ المدينة الاجتماعي والسياسي هادئاً ومسالماً، ولعل التفسير اﻷقرب لهذه الحالة مرتبط بتراوح المدينة بين الامتدادين، الصحراوي والريفي، دون تحوّلها فعلياً إلى تقاليد المدينة بمعناها الاقتصادي والاجتماعي طيلة القرن ونصف من حياتها السابقة، إذ لم تستطع توليد نهضة صناعية ولو بالحد الأدنى، على الرغم من أنها تولد ربع كهرباء سوريا عبر سد الفرات، وهي ثالث محافظة سورية لجهة المساحة والزراعة، ومن الغريب مثلاً أن الحكومات السورية المتعاقبة منذ استلام البعث السلطة ـ وما قبلها ـ لم تلحظ إقامة معمل للخيوط القطنية في محافظة تنتج ربع القطن السوري، كما أنّها تعتبر صلة وصل كبيرة بين مشرق البلاد وجنوبها وغربها ويمكن لها أن تتحول مركزاً صناعياً وتجارياً لا يقل عن مدينة حلب ذات التقاليد الصناعية والتجارية العريقة.

شهدت المدينة عبر تاريخها تيارات سياسية أكثر قرباً إلى اليسار في الستينيات، وتحديداً الشيوعيين، في حين كان التيار القومي العربي أقرب إلى تجربة البعث العراقي، وقد ساهمت العشيرة عموماً في كون هذا الاقتراب من العراق أكثر واقعية، وحتى بداية الثمانينيات لم يكن بث التلفزيون السوري الحكومي يصل إلى مناطق الرقة وريفها خلافاً لنظيره العراقي.

تضم اﻷحياء الحديثة من المدينة في الغالب مهاجرين من محافظات أخرى وفدوا إليها طيلة القرن الماضي، خاصة بعد بناء سد الفرات وتوسع المساحات المزروعة على ضفافه. يتضح ذلك في نشوء مدينة "الطبقة" أو "الثورة" كما سماها البعث. وهذه المدينة بقيت المفضلة لدى البعث أكثر من مدينة الرقة نفسها التي لم تظهر كثيراً من الوﻻء للنظام البعثي عبر تاريخها، إلا في سياق منطق التحشيد السلطوي نفسه.

لا تخلو المدينة الحالية من المشاكل بالضرورة، وهي المشاكل الخدمية ذاتها التي تطال شقيقاتها السوريات اﻷخريات، مثل الكهرباء والطرقات والوقود، على الرغم من أن اﻷسعار هنا عموماً ما تزال أقل من المناطق اﻷخرى، والخدمات أفضل، إلا أنّه هناك توظيف لهذه الخدمات في الفضاء السياسي بطريقة تتشابه مع استخدام البعث السابق لها عبر تحشيد الناس في المناسبات التي تعني اﻹدارة الذاتية بشكل أساسي.

وهكذا ترتفع صور "القائد عبد الله أوجلان" في العديد من مفاصل الحياة اليومية في المدينة والملعب البلدي والشوارع، وتدرج سيرته في المناهج الدراسية التي فرضتها اﻹدارة الذاتية على الطلاب في مختلف المراحل الدراسية. ويتجه الطلاب في الرقة بشكل عام نحو المنهاج الحكومي حتى لو درسوا مناهج اﻹدارة الذاتية بسبب عدم الاعتراف بها من قبل أحد، بما في ذلك تركيا التي أقرت مناهج أخرى أيضاً في مناطق سيطرتها، ليكون أمام طلاب سوريا ثلاثة مناهج كل منها خاضع لمعايير خاصة تابعة للقوى المسيطرة على اﻷرض.

وبعد احتجاج الأهالي على تدريس مناهج اﻹدارة الذاتية في المناطق ذات الغالبية العربية (ريف الرقة ودير الزور ومنبج والطبقة)، تقرر بالاتفاق مع دمشق تدريس منهاج اﻷونروا، في حين أن المناطق ذات الغالبية الكردية (ما تسمى "إقليم الفرات (كوباني) - مقاطعة الجزيرة (محافظة الحسكة)" تدرّس المنهاج الكردي، لكن معظم اﻷهالي يعتمدون منهاج دمشق في المدارس الخاصة.

في اﻷشهر اﻷخيرة شهدت المدينة وفق موقع صوت سوري عودة فتيات الرقة إلى مقاعد الدراسة في خطوة تجاوزت سنوات من القطيعة الإلزامية منذ العام 2014 أي تاريخ سيطرة تنظيم داعش على المدينة، وفي حين لا توجد إحصائية دقيقة لعدد الطلاب والطالبات في مدينة الرقة وريفها، إلا أنّ تقديرات تعود لمنتصف العام 2015 تقدّر العدد بحدود خمسين إلى ستين ألفاً. وما يزيد من تعقيد المشهد الدراسي أنّ هناك العديد من المدارس المدمّرة التي لم تعد إلى التدريس من جديد، وأنّ نصف الرقة تقريباً حتى اﻵن بلا كهرباء ولا ماء.

يتجه الطلاب في الرقة بشكل عام نحو المنهاج الحكومي حتى لو درسوا مناهج اﻹدارة الذاتية بسبب عدم الاعتراف بها من قبل أحد، بما في ذلك تركيا التي أقرت مناهج أخرى أيضاً في مناطق سيطرتها، ليكون أمام طلاب سوريا ثلاثة مناهج كل منها خاضع لمعايير خاصة تابعة للقوى المسيطرة على اﻷرض.

بشكل عام، ووفق الشهادات المحلية التي حصلنا عليها، فإنّ الجو العام في المدينة لم يبتعد كثيراً عن الجو البعثي الذي كان حاكماً للمدينة، إلى درجة دفعت أحد الصحافيين للقول إن اﻹدارة الذاتية ظلمت المدينة مثلما ظلمها البعث، كما أنّ اﻹدارة الذاتية في تعاملها مع المدينة ما تزال تنظر إليها على إنها حصنٌ مؤقت ساهمت الظروف في وضعه تحت تصرفها، وهي لذلك لا توليه الكثير من اليقين ببقائه تحت سيطرتها.  

مقالات من سوريا

للكاتب نفسه