الأردن يعدل دستوره خطوة تقدّمية أم ردة على الإصلاح؟

لم تمضِ ثلاث سنوات على التعديلات الدستورية في الأردن التي طالت 44 مادة، حتى أعيد فتح ملف الدستور مجدداً لتعديل مادتين من مواده هما المادة 127 والمادة 67. تمت الموافقة على التعديلات من قبل مجلس النواب (118 نائباً موافقاً وثمانية معارضين وثلاثة ممتنعين عن التصويت)، كما وافق عليها مجلس الأعيان (معارضة عين واحد فقط)، وصادق عليها الملك وتمّ نشرها في الجريدة الرسمية بشكل مستعجل.<br
2014-09-16

أحمد أبو حمد

صحافي من الأردن


شارك
تصوير أمجد الطويل


لم تمضِ ثلاث سنوات على التعديلات الدستورية في الأردن التي طالت 44 مادة، حتى أعيد فتح ملف الدستور مجدداً لتعديل مادتين من مواده هما المادة 127 والمادة 67. تمت الموافقة على التعديلات من قبل مجلس النواب (118 نائباً موافقاً وثمانية معارضين وثلاثة ممتنعين عن التصويت)، كما وافق عليها مجلس الأعيان (معارضة عين واحد فقط)، وصادق عليها الملك وتمّ نشرها في الجريدة الرسمية بشكل مستعجل.

لماذا؟

تساؤلاتٌ متعددة رافقت هذه التعديلات وأطلقت العنان للقراءات السياسية المتعلقة بالأسباب الحقيقية لها وتوقيتها، كما لانتقادات تتعلق باستسهال فتح مواد الدستور للتعديل مما قد يؤدي الى زعزعة مبدأ الاستقرار الدستوري. التعديل الجديد للمادة 67 من الدستور منح الهيئة المستقلة للانتخاب حق الإشراف على الانتخابات البلدية والنيابية وإدارتها، كما وأي انتخابات يكلِّفها بها مجلس الوزراء، وهو استدراكٌ للتعجل في إقرار التعديلات السابقة التي لم تذكر إدارة الهيئة لأي انتخابات أخرى سوى انتخابات مجلس النواب، مما منحها فرصة الاعتذار عن إدارة الانتخابات البلدية التي أجريت نهاية العام الماضي.أما المادة 127 من الدستور فأصبح شكلها بعد التعديل كالتالي: "على الرغم مما ورد في المادة 40 من الدستور، يعيِّن الملك قائد الجيش ومدير المخابرات ويقيلهما ويقبل استقالتهما". وبذلك يحق للملك تعيين مدير المخابرات العامة وقائد الجيش مباشرة دون الحاجة للتنسيب من رئيس الوزراء، الأمر الذي اعتبره خبراء دستوريين تعطيلاً للمادة 40 من الدستور التي تنص على ما يلي: "يمارس الملك صلاحياته بإرادة ملكية وتكون الإرادة الملكية موقعة من رئيس الوزراء والوزير أو الوزراء المختصين، ويبدي الملك موافقته بتثبيت توقيعه فوق التواقيع المذكورة".

هل الحكومات البرلمانية على الأبواب؟

الحكومة عللت هذا التعديل الدستوري الذي منح الملك صلاحيات أوسع في تعيين القادة الأمنيين بأن الحكومات مستقبلاً ستكون برلمانية على أسس حزبية، مما يستدعي إبقاء دائرة المخابرات والجيش مهنية وغير مسيَّسة. وبهذه التصريحات، كشفت السلطة الاردنية عن تخوفها الضمني وعدم ثقتها بالحكومات الحزبية قبل أن تأتي أصلاً، وقبل حتى معرفة آلية تشكيلها أو اختيارها. الحكومات البرلمانية الموعودة (في حال جاءت) ستكون منقوصة الولاية العامة عبر هذا التعديل الذي حرمها حق تعيين من هم ضمن دائرة اختصاصها، حيث يتبع قائد الجيش لوزارة الدفاع. وهذه، أوعز الملك عبد الله الثاني بتفعيلها لتقوم بالوظائف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية واللوجستية. كما تتبع دائرة المخابرات لمجلس الوزراء.الغالبية التي سعت الى تعجيل التعديلات استندت إلى أن هذه الصلاحيات هي ما تتم ممارسته على أرض الواقع، كون الملك هو من يختار قادة الأجهزة الأمنية ورئيس الوزراء ينسب بالأسماء كإجراء شكلي فقط، وما جرى هو دسترتها فقط.

تخوفات من التغول والمسائلة !

أحد عشر نائبا حاولوا رد مشروع إعادة فتح الدستور بمجمله، قبل البدء بمناقشته. ولكنهم فشلوا في ذلك، فبدأ النقاش في الفقرات واحدة إثر الأخرى، وصوت بالرفض على تعديل الفقرة 3 من المادة 127 ثمانية نواب. وصف هؤلاء مادة تعيين القادة الأمنيين من الملك مباشرة بأنها متعارضة مع الدستور نفسه الذي ينص على أن الملك يجب أن يحكم من خلال وزرائه. كما رأى فيها هؤلاء النواب ردة على الإصلاح، إذ تضع الملك في دائرة المسؤولية ولو الأدبية أمام الشعب عن أي خطأ يرتكبه قائد الجيش أو مدير المخابرات، وهو المصون من كل تبعة ومسؤولية حسب الدستور. كما طرحوا تخوفات من تغول قادة الأجهزة الأمنية على القانون حينما يصبح ارتباط تعيينهم أو إقالتهم مقتصراً على الملك، مستذكرين تحويل عدد من مديري المخابرات السابقين إلى المحاكم.

الظروف الإقليمية تنعكس على الدستور

رفع انزلاق جيوش بعض دول الجوار إلى اللعبة السياسية، كما حدث في مصر على سبيل المثال، من التخوفات من إدخال الجيش الأردني إلى متاهة التجاذبات والاستقطابات، مما شكّل دافعاً لدى الغالبية لتأييد هذه التعديلات، تحصيناً للأجهزة الأمنية وتفريغاً لها لمهامها ووظائفها العسكرية المهنية والاحترافية. ومن جهة أخرى، يسلِّط استفراد رأس الدولة بالجانب العسكري والأمني الضوء على الدور الذي ستؤديه الأجهزة الأردنية خلال الفترة القادمة. فقد روّجت الحكومة أن التعديلات ستضمن تعزيز "مِنعة الأردن" في ظل الظروف الإقليمية وتحدياتها الأمنية غير المسبوقة، إذ لا يمكن الفصل بين هذه التعديلات والتصريحات الدولية المتتابعة عن أن الأردن سيلعب دوراً مهماً في مواجهة خطر الإرهاب المتطرف المتمثل بـ"داعش".

مقالات من الأردن

ما تبقّى من «الكرامة»

2018-04-26

في هذا المقال استعادة لمعركة «الكرامة»، ومحاولةٍ التورّط في البنيان السياسيّ الذي أنتجته بالنسبة لفلسطين والأردن، وموقعها من الوعي الصهيوني العام، فضلًا عن تتبّع ظلّها الرسمي وما تبقّى منها اليوم..

للكاتب نفسه