لقاح كورونا في سوريا.. إمداد طبي يتسلل في مناطق الحرب

ما تزال سوريا في ذيل قائمة الدول الأقل تلقيحاً في العالم. وتشير آخر الإحصائيات إلى تجاوز عدد جرعات اللقاح المعطاة في سوريا 355 ألفاً حتى أوائل تموز/ يوليو 2021، وهو ما يكفي لتطعيم حوالي 1 في المئة من سكان البلد فقط، بينما تمكنت نصف بلدان العالم من تلقيح 10 في المئة من سكانها، وفقاً لآخر إحصاءات منظمة الصحة العالمية.
2021-09-02

عفاف الحاجي

صحافية من سوريا مقيمة في اسطمبول


شارك
| en
حملة تطعيم في مخيم الهول للنازحين. مصدر الصورة: اليونيسف

تم انتاج هذا المقال بدعم من مؤسسة روزا لكسمبورغ. يمكن استخدام محتوى المقال أو جزء منه طالما تتم نسبته للمصدر.

وضع فيروس كوفيد 19 الجنس البشري في مواجهة شكل العالم الواقعي الذي يعيشون به. تقبع البشرية كلها في مركبٍ واحد وتواجه خطراً موحداً، ولكنها تمتلك امكانات شديدة التفاوت، علماً أن "قوة العالم تُقاس بقوة أضعف نظامٍ صحيّ فيه" [1] ، فلا يمكن القضاء على هذه الجائحة الجديدة إلا بالتضامن والعمل على تأمين أفضل استجابة إنسانية ممكنة لمكافحة الفيروس.

في نيسان/ابريل 2020، أطلقت منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع منظمة التحالف العالمي من أجل اللقاحات (GAVI) وتحالف ابتكارات التأهب الوبائي (CEPI) مبادرة كوفاكس (COVAX) باعتبارها آلية دولية مخصصة لضمان الوصول العادل إلى لقاحات كوفيد-19 على مستوى العالم، وذلك عبر تطعيم الناس في البلدان الفقيرة والمتوسطة الدخل التي لا تمتلك القدرة على توقيع اتفاقيات ثنائية للشراء المسبق للقاح. وكانت سوريا من ضمن هذه البلدان.

أعلن منظمو المبادرة عن هدفهم الذي يطمح لتقديم أكثر من ملياري جرعة لقاح إلى 92 دولة محتاجة، بحلول نهاية عام 2021 الحالي. لكن البرنامج واجه العديد من التحديات المتعلقة بنقص التمويل والحواجز البيروقراطية ومنهج الدول الثرية بشراء معظم اللقاحات الجديدة. وحتى حزيران/يونيو 2021 لم تسهم كوفاكس إلا بنسبة 4 في المئة فقط من أكثر من ملياري جرعة لقاح انتشرت على مستوى العالم، وما يزال البرنامج يحتاج لنصف مليار جرعة على الأقل لتحقيق هدفه الأولي.

عبر خطوط النزاع

أدرجت منظمة الصحة العالمية سوريا ضمن الدول منخفضة الدخل التي ستتلقى حصّتها من اللقاح عبر كوفاكس. ولكن الحرب ألقت بظلالها على العملية منذ اللحظة الأولى، إذ قدّمت الحكومة الرسمية طلباً للانضمام لمنصة كوفاكس في 15 كانون الأول/ ديسمبر2020، وقدمت السلطات الحاكمة في شمال غرب سوريا طلباً رسمياً منفصلاً لإيصال اللقاح الى المناطق الخاضعة لسيطرتها، فيما بقيت المناطق في شمال شرق سوريا دون أيّ ترتيبات لتوفير اللقاح لها بصورة مستقلّة.

تبين تقديرات الأمم المتحدة مغادرة 6.6 مليون شخص إلى خارج البلاد فضلاً عن 6.7 مليون نازح داخلي. وتعتبر الفئة الأخيرة – وخاصةً ساكني المخيمات منهم - الأشد تأثراً بجائحة كورونا، نظراً لظروف المعيشة السائدة في هذه البيئة التي لا تتوفر فيها أولى مقومات الرعاية الصحية وأساسيات الحياة، ويتعسّر بها تطبيق أي من الإجراءات الوقائية الموصّى بها لمنع انتشار الفيروس. 

أعربت "هيومن رايتس ووتش" من قبل بدء تسليم اللقاح عن مخاوفها مما يطرحه الوضع في سوريا من تحدّيات لوجستية لتوفير اللقاح وتوزيعه في جميع أنحاء سوريا، إذ تحتاج عدة أنواع من اللقاحات إلى ظروف تخزين وتوزيع محددة، بما فيها "إدارة سلسلة التبريد"، وهو ما يشكّل عبئاً خاصاً في بلدٍ يسود فيه النزاع وتردّي الأوضاع المعيشية والبنى التحتية بمجملها. ونوّهت كذلك إلى وجوب ضمان التوزيع الأوسع والأكثر إنصافاً للقاحات في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطراتٍ مختلفة، مشدّدة على أن "الحكومة السورية تتحمّل المسؤولية الأساسية لتوفير الرعاية الصحية للجميع على أراضيها، إلا أنها حجبت مراراً الأغذية، والأدوية، والمساعدات الحيوية عن المعارضين السياسيين والمدنيين". وقالت هيومن رايس ووتش أن حجب الرعاية الصحية يستخدم بمثابة سلاح حرب، مذكّرة كذلك بما وثقته سابقاً من توزيع تمييزي للمعدات المتعلقة بفيروس كورونا حتى ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة بالكامل، وموصيةً الوكالات الإنسانية بالضغط لأجل توفير خطة توزيع عادلة وتوفير مراقبة مستقلة كافية لإمدادات اللقاح وتوزيعه.

وعلى الرغم من كل الجهود، فإن سوريا ما تزال بالمجمل في ذيل قائمة الدول الأقل تلقيحاً في العالم. وتشير آخر الإحصائيات المتوفرة إلى تجاوز عدد جرعات اللقاح المعطاة في سوريا 355 ألفاً حتى أوائل تموز/ يوليو 2021، وهو ما يكفي لتطعيم حوالي 1 في المئة من سكان البلد فقط، بينما تمكنت نصف بلدان العالم من تلقيح 10 في المئة من سكانها وفقاً لآخر إحصاءات منظمة الصحة العالمية.

____________
من دفاتر السفير العربي
مجابهة كورونا في المنطقة العربية - الفصل الأول
____________

تتفاقم الحاجة للقاح في سوريا بسبب انتشار المخيمات في الداخل السوري. فقد أدى عقدٌ من النزاع إلى إفراز أكبر أزمة نزوحٍ شهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وتبين تقديرات الأمم المتحدة مغادرة 6.6 مليون شخص إلى خارج البلاد فضلاً عن 6.7 مليون شخص نازح داخلي. وتعتبر الفئة الأخيرة – وخاصةً ساكني المخيمات منهم - الأشد تأثراً بجائحة كورونا وتبعاتها، نظراً لظروف المعيشة السائدة في هذه البيئة التي لا تتوفر فيها أولى مقومات الرعاية الصحية وأساسيات الحياة، ويتعسّر بها تطبيق أي من الإجراءات الوقائية الموصّى بها لمنع انتشار الفيروس.

بخلاف 203 آلاف جرعة من لقاحات أسترازينيكا، وهي دفعة من منظمة الصحة الدولية في نيسان /أبريل 2021، وردت عدّة تقارير عن تسلم سلطات دمشق لدفعاتٍ مختلفة من اللقاح، منها ما تزامن مع تصريحات لمسؤولين سوريين باستلامها، ومنها ما لم يحظ بتغطية إعلامية، أو جرى الإعلان عنه دون شروحات كافية عن كيفية التوزيع وآليته والفئات المستهدفة له. 

وفي تقريرٍ صادر عن منظمة اليونسيف في أيار/مايو 2021 تحت عنوان "ضائعون في ديارهم"، اعتبرت المنظمة أن الأطفال النازحين داخلياً هم في عداد المجموعات الأكثر عرضة لآثار تفشي فيروس كوفيد 19 المباشرة وغير المباشرة، لأنهم يحيون في الأصل دون الحدّ الأدنى من الخدمات الأساسية، وتزيد الأزمات المماثلة لجائحة كوفيد19 من الظرف الحرج للأطفال النازحين داخلياً وعائلاتهم.

مناطق النظام.. غياب واسع للبيانات

في 22 نيسان/ ابريل 2021، أعلنت وزارة الصحة التابعة للنظام السوري عن تسلّمها الدفعة الأولى من لقاحات كوفيد-19 المقدمة عبر مرفق كوفاكس من منظمة الصحة العالمية، وتكوّنت من 203 آلاف جرعة من لقاحات أسترازينيكا المنتجة من قبل معهد سيروم في الهند، ونقلت عن سفير الهند بدمشق وعوده بوجود دفعات أخرى ستصل إلى سوريا عبر برنامج كوفاكس أيضاً.

وبخلاف دفعة منظمة الصحة الدولية، وردت عدّة تقارير عن تسلم النظام السوري لدفعاتٍ مختلفة من اللقاح، منها ما تزامن مع تصريحات لمسؤولين سوريين باستلامها، ومنها ما لم يحظ بأي تغطية إعلامية من الجانب السوري، أو جرى الإعلان عنها دون شروحات كافية عن كيفية التوزيع وآليته والفئات المستهدفة له.

أوردت وكالات الأنباء الإماراتية تقارير متعددة عن وصول أربع طائرات إماراتية محملة بلقاحات كوفيد19 إلى دمشق، سيّرتها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي بالتنسيق مع جمعية الهلال الأحمر السوري، وصلت الأولى منها في 20 نيسان/ابريل وآخرها في 4 أيار/مايو الفائت. ولم تورد التقارير تفاصيل كافية باستثناء وصفها للكميات المحملة من اللقاح بـ"الكبيرة".

لم تصدر سلطات دمشق أيّ إحصائيات رسمية تخصّ عدد الحاصلين على اللقاح على الرغم من التسجيل الإلكتروني للبيانات، ويسود تعتيم إعلامي في أغلب الأمور المتعلقة بعملية التطعيم. إلا أن آخر إحصائيات منظمة الصحة العالمية تبين تلقّي أكثر من 112 ألف شخص في سوريا لجرعة لقاح على الأقل، وهو ما يساوي 0.6 في المئة من نسبة السكان.  

وتحدث السفير السوري لدى موسكو عن تسلّم سوريا أول شحنة من لقاح "سبوتنيك في" الروسي، وفقاً لما نقلته وكالة إنترفاكس الروسية في بداية شهر حزيران/يونيو 2021، من دون أيّ توضيح عن حجم الشحنة. وأتبع ذلك نشر وكالة سبوتنيك الروسية تقريراً في 25 تموز/يوليو ورد به تصريح وزارة الدفاع الروسية عن تسليمها 250 ألف جرعة من لقاح سبوتنيك لايت الروسي على متن طائرة نقل تابعة للقوات الجوية الروسية، فضلاً عن مجموعات اختبار للتشخيص.

كما تسلّمت وزارة الصحة السورية 150 ألف جرعة من لقاح سينوفارم، منحةً من الحكومة الصينية في 24 نيسان/ابريل 2021 وفقاً لتصريحات مسؤولين سوريين، وأتبع ذلك إرسال الصين شحنة أخرى مكونة من 150 ألف جرعة سينوفارم أيضاً في 29 تموز/ يوليو مع تعهد وزير الخارجي الصيني بتقديم "دفعة جديدة من اللقاح بـ500 ألف جرعة" وفقاً لما نقلته وكالة سانا للأنباء.

وأعلنت وزارة الصحة السورية في 5 أيار/مايو إطلاقها منصة إلكترونية لتسجيل طلبات الراغبين بتلقي اللقاح المضاد لفيروس كوفيد19، مبينةً أن اللقاح مجاني والأولوية ستكون للأطباء والممرضين والعاملين في الصحة، وفي المرتبة الثانية الفئات المعرضة للخطر مثل كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة. وكان عضو في الفريق الاستشاري لمكافحة الفيروس قد صرّح لإذاعة شام إف إم المحليّة عن قرار وزارة الصحة بتحديد اللقاح الروسي والصيني للأطباء والأشخاص تحت الـ50 عاماً، وأسترازينيكا لمن هم فوق الخمسين ولا سيما المصابين بأمراض مزمنة.

____________
من دفاتر السفير العربي
مواجهة كورونا وفداحة إصاباته ليست تقنية أو طبية فحسب
____________

كما بيّنت وزارة الصحة السورية تخصيصها لـ81 مركزاً محددة إياهم بالأسماء والعناوين، وتوزعت هذه المراكز على المحافظات المختلفة بتعيين 10 مراكز رئيسية في دمشق و16 في طرطوس و12 في ريف دمشق و11 في حلب و6 في حماة و5 في اللاذقية و4 في الحسكة و3 مراكز في كل من الرقة ودرعا والقنيطرة وحمص والسويداء ومركز واحد في كل من دير الزور وإدلب. وعلى الرغم من وصول جرعات اللقاح إلى سوريا دون مقابل، إلا أن رئاسة مجلس الوزراء أصدرت قراراً يقتضي بدفع رسوم مالية محددة لكلّ من يريد الحصول على وثيقة تثبت تلقيه اللقاح، بمثابة "بدل خدمة"، وهو ما يشكّل عبئاً إضافياً في بلدٍ يعيش أكثر من 80 في المئة من سكانه تحت خط الفقر وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.

أخبرنا طبيب يعمل في أحد مستشفيات دمشق بأن الإقبال على تلقي اللقاح ما يزال ضعيفاً بالمجمل، مضيفاً لنا عبر الهاتف: "يتناقل الناس بين بعضهم الكثير من الإشاعات بشأن لقاح أسترازينيكا وأعراضه الجانبية، لديهم تخوفات كثيرة ولا تقابلها ثقة كافية بالجهات الصحية المسؤولة. للأسف ما تزال نسبة تلقي اللقاح متدنية للغاية ".

لم تصدر سلطات دمشق حتى اللحظة أيّ إحصائيات رسمية تخصّ عدد الحاصلين على اللقاح على الرغم من التسجيل الإلكتروني للبيانات، ويسود تعتيم إعلامي في أغلب الأمور المتعلقة بعملية التطعيم وما يخصها. إلا أن آخر إحصائيات منظمة الصحة العالمية المنشورة على موقع Our World In Data تبين تلقّي أكثر من 112 ألف شخص في سوريا لجرعة لقاح على الأقل، وهو ما يساوي 0.6 في المئة من نسبة السكان وفقاً للموقع.

بيّنت وزارة الصحة السورية تخصيصها لـ81 مركزاً محددة إياهم بالأسماء والعناوين، توزعت على المحافظات المختلفة، بتعيين 10 مراكز رئيسية في دمشق و16 في طرطوس و12 في ريف دمشق و11 في حلب و6 في حماة و5 في اللاذقية و4 في الحسكة و3 مراكز في كل من الرقة ودرعا والقنيطرة وحمص والسويداء ومركز واحد في كل من دير الزور وإدلب. 

ويأتي غياب البيانات الحادّ هذا متوافقاً مع منهج السلطة السورية الرسمية في عموم تعاملها مع جائحة كورونا منذ بدايتها [2] ، لم تتعد استجابة النظام شهري آذار/ آذار ونيسان/ابريل من عام 2020 بعض الإجراءات الاحترازية التي جرى تخفيفها بسرعة، وكانت الاستجابة بالمجمل مليئة بالتضارب والتكتم وعدم القدرة على تأمين معظم متطلبات الحماية الأساسية.

شمال شرق سوريا.. الأقل حصةً

كانت مناطق شمال شرق سوريا التابعة للإدارة الذاتية الأسوأ حظاً في مجال تلقي جرعات لقاح كوفيد19 بسبب السياسات الإقليمية والتحديات التي خلقها الاتفاق المتبع مع منصة كوفاكس القاضي بإرسال حصة المنطقة عبر دمشق ومن ثم نقلها وتوزيعها في شمال شرق سوريا تحت إشراف منظمة الصحة العالمية.

في آذار/مارس 2021، أعلنت [3] ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا عن تخصيص 90 ألف جرعة لمناطق شمال البلاد، ، على أن تصل فرق متنقلة إلى مخيمات تؤوي عشرات الآلاف من النازحين. إلا أن مسؤولين في الإدارة الذاتية اعتبروا أن هذه الكمية قليلة جداً مقارنة بعدد سكان هذا الجزء من سوريا، والذي يبلغ نحو 5 ملايين نسمة، ولا سيما مع وجود أعداد كبيرة من النازحين في المخيمات ضمن هذه المناطق.

ولم تصل الدفعة الأولى إلاّ في 29 أيار/مايو 2021، وكانت عبارة عن 17500 جرعة من لقاح "أسترازينيكا" مع وعودٍ بإرسال المزيد لاحقاً، على أن توزع 13200 جرعة في محافظة الحسكة، و4 آلاف لمناطق الإدارة بريف دير الزور الشرقي، و6 آلاف لمحافظة الرقة، وتعتبر هذه المرة الأولى التي تقدم فيها المنظمة الأممية المواد الطبية للمنطقة بشكل مباشر.

 صرّحت هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية عن اعتمادها خطة تطعيم عبر المراكز الصحية التابعة لها وكذلك عبر النقاط الطبية في مخيمات النازحين. ويجري الإعلان تباعاً عن وصول دفعات اللقاح إلى المشافي والمراكز الصحية المحلية.

ووفقاً لتصريح الرئيس المشترك لهيئة الصحة في شمال وشرق سوريا [4] ، فأنه كان من المقرر وصول دفعة من اللقاح في وقتٍ أبكر من ذلك: "أرسلت منظمة الصحة العالمية 203 ألف جرعة إلى النظام السوري في بداية شهر أيار/ مايو، منها دفعة مخصصة لشمال شرق سوريا يفترض إيصالها من مطار دمشق إلى القامشلي، لكن تبين أن الكمية المرسلة للمنطقة منها هي 645 لقاحاً فقط"، مضيفاً أن المنطقة تحتاج إلى "قرابة مليون جرعة لقاح".

في آذار/مارس 2021، أعلنت منظمة الصحة العالمية في سوريا عن تخصيص 90 ألف جرعة لمناطق شمال البلاد، وفرق متنقلة إلى مخيمات النازحين. إلا أن مسؤولين في "الإدارة الذاتية" اعتبروا أن هذه الكمية قليلة جداً مقارنة بعدد سكان هذا الجزء والذي يبلغ نحو 5 ملايين نسمة، ولا سيما مع وجود أعداد كبيرة من النازحين في المخيمات ضمن هذه المناطق.

أتى هذا التأخر مع تعرّض المنطقة لواحدةٍ من أسوأ فترات الانتشار للموجة الثانية من فيروس كورونا، ومع نقص التمويل ومكافحة المنطقة للعثور على الإمدادات الأساسية للعلاج، وفقاً لتقريرٍ أصدرته منظمة أطباء بلا حدود في بدايات أيار/مايو 2021، وخصوصاً مع عدم عدم وجود آلية لعبور الحدود من خلال الأمم المتحدة، وبالتالي تعسّر إيصال المساعدات ومعاناة المنطقة من نقص الخدمات الحاد في ظلّ التفشّي المطّرد.

في 4 آب/اغسطس 2021، أكّد جوان مصطفى مجدداً عدم استلام هيئة الصحة في شمال وشرق سوريا أيّ جرعات جديدة من منظمة الصحة العالمية غير الدفعة الأولى، والتي وصلت بمجموعها إلى 23 ألف جرعة، والتي تعتبر غير كافية ولا تغطي احتياجات المنطقة، وحذّر من احتمالية وصول الموجة الرابعة من فيروس كورونا إلى المنطقة لخطورتها وسرعة انتشارها.

شمال غرب سوريا.. برعاية أممية

عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وصلت الدفعة الأولى المكوّنة من 53 ألفاً و800 جرعة لقاح أسترازينيكا في نيسان/ابريل 2021 إلى مناطق شمال غربي سوريا، في إطار مبادرة كوفاكس، وما تزال حملة التطعيم منحصرة في الفئة الأولى من كبار السنّ وأصحاب الأمراض المزمنة والعاملين في المجال الصحي والإنساني، وينشر فريق لقاح سوريا - بالتنسيق مع المجالس المحلية في المنطقة - تحديثات متجددة عن مراكز التطعيم المتضمنة للمشافي والمراكز الصحية الثابتة بالإضافة إلى الفرق الطبية المتنقلة.

 وأعلن مختبر الترصد الوبائي التابع لوحدة تنسيق الدعم في 9 تموز / يوليو 2021 عن تلقّي 40 ألفاً و525 شخصاً اللقاح المضاد لفيروس كوفيد19، بينهم 12 ألفاً و913 من العاملين في المجال الصحي، و10 آلاف و870 من العاملين في المجال الإنساني، و16 ألفاً و468 شخصاً من المصابين بأمراض مزمنة في مناطق شمال غرب سوريا.

عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وفي إطار مبادرة كوفاكس، وصلت إلى مناطق شمال غرب سوريا في نيسان/ابريل 2021، الدفعة الأولى من لقاح أسترازينيكا (53 ألفاً و800 جرعة). وما تزال حملة التطعيم منحصرة في الفئة الأولى من كبار السنّ وأصحاب الأمراض المزمنة والعاملين في المجال الصحي والإنساني. وينشر "فريق لقاح سوريا" تحديثات متجددة عن سير العملية ومراكز التطعيم.

اتّسمت فترة الإقبال الأولى على التطعيم في شمال غرب سوريا بالتردد وانتشار الإشاعات، حالها حال باقي المناطق السورية. إلا أن التغطية الإعلامية والتوعوية لهيئات الشمال الصحية كانت أكثر شفافية وتفصيلاً من نظرائها، إذ دأب فريق لقاح سوريا الذي يعمل بالتعاون مع مديريات الصحة وتحت إشراف منظمة الصحة العالمية واليونسيف، على نشرِ مواد تطمينية ومحفزة على أخذ اللقاح، كما استمرت وحدة تنسيق الدعم بنشر تقارير أسبوعية ترصد فيها جميع ما يتعلق بانتشار مرض كوفيد19 بما في ذلك متابعة متلقي اللقاح ورصد أيّ أعراض جانبية تظهر لديهم.

***

وبصورةٍ عامة، ما تزال أرقام تلقي اللقاح في مختلف مناطق سوريا بعيدةً للغاية عما كانت تأمل به منظمة الصحة العالمية، أي بأن تغطي حملة التطعيم قرابة 20 في المئة من سكان سوريا بحلول نهاية العام 2021، وما تزال عملية التطعيم في سوريا متأخرة للغاية من حيث الكميات وطرق التوزيع والتنسيق، في جوٍ يسودُه الانتظار وغموض المستقبل. 

محتوى هذا المقال هو مسؤولية السفير العربي ولا يعبّر بالضرورة عن موقف مؤسسة روزا لكسمبورغ.

______________

[1] وفقاً لتعبير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش
[2]- سوريا: صورة البلد الذي مزقته الحرب، عفاف الحاجي، في السفير العربي https://bit.ly/2WyrS58
[3]- وفقا لما صرحت به لرويترز
[4]- السيد جوان مصطفى لوكالة أنباء هاوار  

مقالات من سوريا

للكاتب نفسه

لاجئو تركيا: وضع "الضيافة" المؤقتة

قد تكون حالات التمييز، ورهاب الأجانب ظاهرةً منتشرةً في العالم، وهي إشكاليّة تعاني منها مجتمعات عدّة، إلا أن للاجئين السوريين في تركيا خصوصية – وضعية "الضيافة المؤقتة" - التي تجعلهم...