موريتانيا: أسعار المحروقات وقود لاحتجاجات شعبية جديدة

تتعالى في موريتانيا منذ فترة أصوات تطالب الحكومة بتخفيض أسعار الوقود، خاصة أنها تشهد انخفاضا عالميا، وقد تجسدت في حملة شعبية تحمل عنوان "#ماني_ شاري_كازوال"، أي لن أشتري البنزين، بدأت كوسم على مواقع التواصل الاجتماعي وانتقلت للشارع، حيث دخلت قبل أسابيع في دورة من الاحتجاجات  الأسبوعية الميدانية تهدف للضغط على السلطة. اعتمد الناشطون في الحملة على مقارنات بين موريتانيا وبعض الدول
2016-02-29

أحمد ولد جدو

كاتب ومدون من موريتانيا


شارك
تصوير: أحمد ولد جدو

تتعالى في موريتانيا منذ فترة أصوات تطالب الحكومة بتخفيض أسعار الوقود، خاصة أنها تشهد انخفاضا عالميا، وقد تجسدت في حملة شعبية تحمل عنوان "#ماني_ شاري_كازوال"، أي لن أشتري البنزين، بدأت كوسم على مواقع التواصل الاجتماعي وانتقلت للشارع، حيث دخلت قبل أسابيع في دورة من الاحتجاجات  الأسبوعية الميدانية تهدف للضغط على السلطة. اعتمد الناشطون في الحملة على مقارنات بين موريتانيا وبعض الدول المجاورة لها والمقاربة لها من الناحية الاقتصادية، والتي تنخفض فيها أسعار الوقود، تماشياً مع الأسعار العالمية الجديدة.
تشهد الحملة كل يوم تطورا جديدا، ويتزايد التفاعل الشعبي معها وهو ما دفع الحكومة للرد عليها، حيث قال وزير الإعلام، وهو الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، أن الحكومة لا نية لها بتخفيض أسعار الوقود وأن تلك الخطوة لن يستفيد منها سوى الأغنياء وأصحاب السيارات بينما الفقراء ليسوا معنيين بارتفاع الأسعار، واتهم القائمون على الحملة بأن لديهم نوايا غير نبيلة،  وهو ما سبب حالة من الامتعاض  بين رواد الشبكة والناشطين. وقد تمّ الرد عليه على الشبكة بالكثير من السخرية والتندر.
وعلى المنوال نفسه، سار وزير المالية الذي قال إنّ سعر المحروقات  في موريتانيا هو سعرها اليوم في فرنسا، متناسيا الفارق الشاسع بين الأجور في البلدين والقدرة الشرائية المتباينة بين مواطني الدولتين! وعلق  النقيب السابق للنقابة المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي، عبر صفحته على فيسبوك على كلام الوزير، قائلا:" سيدي وزير المالية، امنح  لي راتب أستاذ فرنسي ثم بع لي سعر البنزين بضعفي سعره في فرنسا، حينها سأعمل على مكافأتك بالدعاء لك أن يبدلك الله بأغلى منازلك في نواكشوط  شقة ضيقة في باريس لأنها تفوقها أضعاف المرات في القيمة". وكتب الصحافي الموريتاني الهيبة ولد الشيخ سيداتي على صفحته، معلقا على تصريح الوزير: "حدثني الزميل أحمدو الوديعة أنه ذات مرة كان معه أحد قيادات الأغلبية ضيفا على برنامجه المتميز ‫#‏في_الصميم، وبعد انتهاء الحلقة قال له نحن في الأغلبية لا يهمنا إلا إقناع مشاهد وحيد، ووحيد فقط في هذا الكون، هو سيادة الرئيس. وعندما يجلس أحدنا أمام الكاميرا يستحضر ذلك جيدا ويعمل بمقتضاه.  تذكرت هذه النظرية الفريدة حين شاهدت وزير المالية أمس يقارننا بفرنسا ويتحدث عن المقارنة بين تخفيض أسعار المحروقات وإغلاق حوانيت أمل". وكانت بعض الشخصيات ووسائل الإعلام المحسوبة على السلطة، حاولت التشويش على الحملة واتهامها بكونها مجرد محاولة من الإخوان لتكدير صفو النظام، بالإضافة للترويج لحدوث انشقاقات وانسحابات من الحملة.
ارتفاع  أسعار الوقود في موريتانيا عائد لكون الحكومة قد رفعت بشكل كامل الدعم عن أسعار المحروقات السائلة (البنزين، المازوت، الكيروسين، الفيول). وتم الإجراء  بموجب مقرر مشترك صدر في 24 تموز/ يوليو 2012 موقعا من طرف وزراء المالية والنفط والطاقة والمعادن والتجارة. وسبق وأكد "الرئيس" على ضرورة رفع الدعم عن  المحروقات، حيث قال إنّه لا يستفيد منه سوى الأغنياء وأن رفع أسعار البنزين أمر جيد وسيخفض استعمال السيارات.

 لكن تلك ليست كل القصة.  فالسلطة لم تكتف برفع الدعم عن المحروقات بل قررت الربح من المواطنين، حيث قالت الكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا، أن الحكومة تقوم بالتربح من أسعار المحروقات المرتفعة محليا، وعدم تخفيضها، بعد انخفاض أسعار النفط عالميا. وأكدت  الكونفدرالية  على أن الدولة الموريتانية، تربح نحو 120 أوقية، عن كل ليتر وقود يشتريه المواطن. وهو ما أكده رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية ("تواصل")، حين قال إن الحكومة الموريتانية تربح مقابل كل ليتر من الوقود يشتريه المواطن الموريتاني، وأكد أنها  تسعى من خلال المحافظة على ارتفاع أسعار المحروقات رغم انخفاضها عالميا إلى تعويض انخفاض أسعار الحديد (موريتانيا بلد مصدر للحديد)، وبعض المواد الأخرى التي شهدت هي الأخرى انخفاضا كبيرا في الأسعار، لم تكن الحكومة تخطط له نظرا لغياب الاستراتيجيات".

وكان "المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة" المعارض قد طالب السلطات الموريتانية  بتخفيض أسعار الوقود، أثناء نشاط جماهيري نظمه بالعاصمة للاحتجاج على استمرار ارتفاع أسعار البنزين، وأكد بعض المتحدثين في المهرجان أن الدولة تحصل على 70 مليار أوقية من فارق سعر المحروقات.
ارتفاع أسعار المحروقات يلقى بظلاله على التنقل وأسعار المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية، التي تشهد بدورها ارتفاعا ملحوظا، وهو ما يرجح أن الحملة قد تتطور، خاصة مع تعنت الحكومة ورفضها النظر في المطالب المرفوعة.

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه