انتخابات الرئاسة في موريتانيا

تسألني يا صديق من سيفوز بانتخابات هذه السنة، وليست لدي إجابة محددة! فهناك أكثر من مرشح ينافس بقوة ولديه حظوظ، والمشاريع الرئاسية مقنعة جداً ومتعوب عليها، وأنا تائه بينها بصراحة! لكن في الوقت نفسه، سعيد بهذا الواقع، وبسؤالك. والحمد لله أني عشت لأبلغ هذه المرحلة والحالة من الديموقراطية والمؤسسية التي تجعلني فخوراً بتتويج نضال شعبي من أجل دولة القانون.فنحن نعيش التداول السلمي على السلطة منذ سنين.
2014-04-01

أحمد ولد جدو

كاتب ومدون من موريتانيا


شارك
ناجي الحي - الكويت

تسألني يا صديق من سيفوز بانتخابات هذه السنة، وليست لدي إجابة محددة! فهناك أكثر من مرشح ينافس بقوة ولديه حظوظ، والمشاريع الرئاسية مقنعة جداً ومتعوب عليها، وأنا تائه بينها بصراحة! لكن في الوقت نفسه، سعيد بهذا الواقع، وبسؤالك. والحمد لله أني عشت لأبلغ هذه المرحلة والحالة من الديموقراطية والمؤسسية التي تجعلني فخوراً بتتويج نضال شعبي من أجل دولة القانون.فنحن نعيش التداول السلمي على السلطة منذ سنين. ولهذا الرفاه الديموقراطي انعكاس تنموي على البلد والمواطنين، والإنتاج الصناعي في تطور ملحوظ، وخيراتنا نعرف أين تذهب، وسلمنا الأهلي وطيد، إذ لا حيف ولا ظلم ولا تهميش لأي فئة أو طبقة، والمواطنة مقدسة، وأصبحت تجربتنا مضرب مثل.لن تشعر معي يا صديقي بمدى الفخر الذي أعيش حتى أقاسمك بعضاً من ذكرياتي وأحكي لك طريقنا الطويل نحو الحرية... فأنت حديث السن ولم تهتم كثيراً بتاريخ البلد، ولا بالمتغيرات التي حدثت فيه.قبل أربعين عاماً، كان السؤال عن الفائز بالانتخابات في بلادنا غير وارد، فالأمر محسوم ومحتوم لأن العسكر يتحكمون بتفاصيل المشهد ويبسطون نفوذهم، والإدارة تقف بكل فجاجة مع مرشح العسكر، وموارد الدولة تسخر له. الانتخابات كانت باختصار مسرحية هزلية لتجميل حكم العسكر البغيض. فمثلا أشرف على انتخابات 2014 جنرال أتى بانقلاب عسكري، نظم بعده انتخابات صورية وكان هو مرشح الجيش فيها، ومعروف أنه هو الفائز حتى قبل عملية الاقتراع، وكذلك أتت تلك الانتخابات بعد أخرى تشريعية قاطعتها المعارضة وشهدت تزويراً وقمعاً عنيفاً.في تلك الفترة، كنت مع مجموعة من الشباب نعمل من أجل أن نشرح للمواطنين بأن الخروج من هذه الوضعية، والثورة عليها، هي السبيل لتقدم الدولة. كنا قلة وسط جوقة المطبلين، وكانت هناك معارضة تقليدية جربت كل الطرق السياسية مع العسكر وشاركت أكثر من مرة في انتخاباتهم وشرّعتها. وكانت تلك المعارضة تخرج دائماً بنتائج كارثية تجعلها تجر أذيال الخيبة وتعض أصابع الندم.أتركك يا صديقي تستمتع ببرامج المرشحين وبالسباق الرئاسي المحتدم. لكني لا أخفيك سراً أنى بدأت أشتاق لبعض التفاصيل التي اختفت هذه الأيام من حياتنا.فاليوم ضمر الترابط العائلي وانحل عقد التضامن الاجتماعي، وأصبحنا نعيش في ظل سطوة التكنولوجيا والآلة، وتحول مجتمعنا إلى حالة من المادية والاستهلاكية وتشيؤ الإنسان.ولا تتصور معي كم أنا حزين على ضياع الكثير من الأنساق الطبيعية بسبب المصانع واجتياح الأبنية الإسمنتية، أنا يا صديقي أعيش في حالة غريبة، تتنازعني موجة حنين لما كان جميلا في الماضي وفخر ونشوة بمنجزات الحاضر...

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه