وقائع بداية عام دراسي جديد في مصر

.. لم تمضِ سوى ساعات قليلة على قسم وزير التعليم الجديد لليمين الدستورية حتى واجهته أول أزمة بسبب عدم إجادته للكتابة باللغة العربية، وأخطائه اللغوية والإملائية، وركاكة الأسلوب واللغة الشعبية التي يستخدمها. وقد تم اكتشاف ذلك من خلال صفحته على فيسبوك وما كتبه خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. وأمام العاصفة التي هبت (وصفت الصفحة "بصفر الوزير" تشبيها "بصفر مريم"، طالبة الثانوية
2015-10-22

إيمان رسلان

صحافية من مصر مختصة بالتعليم


شارك
تلاميذ مصريون خلف باب المدرسة

.. لم تمضِ سوى ساعات قليلة على قسم وزير التعليم الجديد لليمين الدستورية حتى واجهته أول أزمة بسبب عدم إجادته للكتابة باللغة العربية، وأخطائه اللغوية والإملائية، وركاكة الأسلوب واللغة الشعبية التي يستخدمها. وقد تم اكتشاف ذلك من خلال صفحته على فيسبوك وما كتبه خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. وأمام العاصفة التي هبت (وصفت الصفحة "بصفر الوزير" تشبيها "بصفر مريم"، طالبة الثانوية العامة التي كانت أحد أسباب إطاحة الوزير السابق)، اضطرت وزارة التعليم في اليوم التالي مباشرة إلى إصدار بيان رسمي تنفي فيه وجود صفحة للوزير على فيسبوك.. بعدما تم إغلاقها في منتصف ليل أول أيام عمل الوزير، ولم يتضمن النفي ما إذا كان الوزير هو صاحب الصفحة المغلقة، أم أنها مقرصنة.. مثلاً!

القوات المسلحة تساعد

وبانتهاء الأسبوع الأول لبدء الدراسة (بعد انتهاء عيد الأضحى مباشرة) لـ19 مليون تلميذ من الابتدائي الى الثانوي، تتلاحق الأزمات. فما زالت الأبنية التعليمية في أكثر من محافظة غير مؤهلة لاستقبال التلاميذ، مما أثار أولياء الأمور واعتراضهم إلى درجة الدخول فى مشادات مع مديري المدارس، وتنظيم وقفات احتجاجية غاضبة، كما حدث في بعض مدارس الإسكندرية. بينما، وفي عدد من محافظات الدلتا، اقتحم أولياء الأمور الفصول ليحجزوا لأبنائهم مكانا مناسبا على المقاعد، حتى وصل الأمر إلى تداول صور الأهل وهم يتسلقون أسوار المدرسة، وقد أحضر البعض سلاسل وأقفالا لحجز المقعد! يضاف إلى ذلك احتجاجات عدد من أولياء الأمور على قرارات تحويل مدارسهم المجانية باللغة العربية إلى مدارس حكومية للغات أي تقابلها مصروفات ، والذي لا يعجبه فأمامه الفترة الثانية المسائية لاستقبال أطفاله، وهو ما حدث في محافظة القليوبية وأدى بأولياء الأمور إلى الهتاف قائلين "عايزنها عادية مجانية وليس لغات حكومية"، وهو مشهد تكرر في مناطق أخرى. بينما حدث العكس تماما بعدد من مدارس الجيزة والقاهرة، حيث طلب أولياء الأمور تحويل مدارسهم إلى "لغات حكومية" لاستيعاب كثرة الطلب على هذا النوع من التعليم، خاصة أن مصروفاته السنوية قليلة ولا تقارن بكلفة المدارس الخاصة لغات (القسط في مدارس اللغات الحكومية لا يتجاوز 200 دولار سنويا).
وحول مشكلة الصيانة وبناء المدارس، قال رئيس هيئة الأبنية التعليمية وهو لواء في الجيش "أن ميزانية الهيئة تصل إلى 2.6 مليار جنيه (أكثر من 300 مليون دولار) يخصص منها حوالي 110 مليون جنيه لصيانة المدارس. وطبقا للحصر الذى قام به مجلس الوزراء اتضح احتياج 26 ألف مدرسة للصيانة من إجمالي ما يقرب من 50 ألف مدرسة. وقد تم تقسيم المدارس الى مدارس تحتاج صيانة عادية وأخرى داهمة الخطورة على التلاميذ وعددها 433 مدرسة. وقام جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة ووزارة الإنتاج الحربي بمجهود كبير للانتهاء من الصيانة. وبعض المدارس سوف يستكمل العمل بها أثناء الدراسة والأخرى سيتم العمل بها وفق جدول زمني بالاتفاق مع مديريات التربية والتعليم بالمحافظات". وأضاف: "أنه توجد خطة للتوسع في إنشاء مدارس اللغات الحكومية، خاصة في المدن الجديدة حيث يشتد الطلب عليها، وقوائم الانتظار تجاوزت 300 في المئة، وهو ما أدى لاتخاذ قرار برفع الكثافة في فصول الجيزة لتتجاوز 50 طالبا في الفصل.

العنف

لم تكن مشاكل الصيانة هي الأزمة الوحيدة التي نقلت أخبار التعليم إلى صفحات الحوادث والصفحات الأولى بالصحف والبرامج التلفزيونية، بل شهدت البدايات حالات للتسمم الغذائي بالبحيرة، ولكن الأخطر، وعلى صعيد آخر، حوادث العنف التي وقعت ضد المدرسين، حيث اقتحم أولياء أمور بالجيزة فصول مدرسة وأهانوا المعلمة، بل تم سحلها وتجريدها من ملابسها، وضرب عدد من زملائها الذين هبوا للدفاع عنها، وكان ذنبها وتهمتها أنها منعتهم من دخول أحد فصول المدرسة. وفي المقابل، اكتفت وزارة التعليم بالتحقيق ونقل الطلاب الذين ارتكب أولياء أمورهم الفعل، واكتفت وكيلة مديرية الجيزة (المعروفة بـ "سيدة حرق الكتب") بزيارة المعلمة بعد عودتها للعمل.. ولم يتقدموا بشكوى قضائية، بينما أصدرت النيابة قرارا بحبس المعتدين. وهو ما تم أيضا ضد مسلحين اقتحموا مدرسة حكومية بأسيوط فى صعيد مصر.
وفى الأسبوع نفسه، شهدت محافظة الغربية شجاراً عنيفاً بين طلاب أحدى المدارس الثانوية حول استلام الكتب المدرسية الجديدة استخدمت فيه الأسلحة البيضاء وأدى إلى مقتل طالب بالمدرسة، بجانب تكرار حوادث التحرش والاغتصاب بالمدارس.

قواعد جديدة؟

في المقابل، أصدرت وزارة التعليم قواعد جديدة أطلق عليها "لائحة النظام والانضباط" لضبط العملية التعليمية داخل المدارس، وخاصة الحضور والغياب، في الوقت نفسه الذي تحفظ فيه الطلاب على اللائحة خاصة لجهة درجات الحضور والسلوك، حيث نظم طلاب الثانوية العامة وقفة احتجاجية اعتراضا فيها على القرار الوزاري بإضافة عشر درجات على مجموع الثانوية العامة تقررها المدرسة، وهو القرار الذي يطبق لأول مرة في تاريخ شهادة البكالوريا التي تعتمد درجاتها فقط على الامتحانات العامة التحريرية. وتختص الدرجات العشر بالحضور إلى المدرسة والسلوك. وجاء القرار الوزاري الذي دشنه الوزير السابق ردا على ظاهرة "مدارس لا يدخلها أحد" بمرحلة الثانوي، وقد رفض الوزير الجديد إلغاء القرار، وهو يدقق في حضور الأساتذة أيضاً حتى أنه أحال 75 معلما للتحقيق في يوم واحد، حسبما جاء في بيانه الأول بخصوص انجازاته خلال أسبوعين.
ما حدث من ظواهر خلال الأيام الأولى من عام دراسي لم يبدأ بعد، أدى إلى قلق الخبراء والتربويين مما آل إليه التعليم الحكومي المجاني، خاصة أن كل الاضطرابات تحدث في مدارس الفقراء والتعليم الحكومي، بينما لم يتم رصد شكاوى ومخالفات من التعليم الخاص، إلا الشكاوى من ارتفاع المصروفات ومستلزمات المدارس، وهو ما حذرت منه الرئيسة السابقة لمركز البحوث التربوية بقولها "كيف سيحترم الطلاب معلمتهم وهم قد شاهدوا مشهد سحلها ونزع ملابسها، وكيف سوف نقنع التلاميذ بجدوى المدرسة والتعليم واحترام هيبة المعلم ... لا بد من إجراءات صارمة ضد من أهان المدرسة والمعلم لأن نتائج ما يحدث في مدارس الفقراء تحديدا أخطر بكثير من العمليات الإرهابية؛ فآثار العملية الإرهابية محدودة في المكان الذي تحدث فيه، ولكن خطر الإهمال والتسيب والعنف في المدارس يؤثر في أجيال بأكملها وكأنها وقائع موت معلن، مما يجعلنا ندق ناقوس الخطر من انهيار تام للعملية التعليمية، بعد أن بدأ ولي الأمر يأخذ حقه بيده، وهو انعكاس لفقدان الثقة بين أولياء الأمور وبين منظومة التعليم الرسمي الحكومي ويأس من الخدمة التعليمية التي تقدم لأبنائهم".

 

للكاتب نفسه

مصر: المندوب السامي التعليمي؟

مدراء مشروع "المعلمون أولاً" الذي ترعاه وزارة التربية ويهدف الى تطوير وتدريب مليون ونصف معلم مصري.. كلهم أجانب: لم يُعرَف للمشروعات  التعليمية بمصر مدير أجنبي إلاّ فى عهد الاحتلال الانجليزي.

المعلمون في مصر: الحرامية الشرفاء

وزير التعليم وصف المعلمين بالحرامية، ما أثار ضجة كبيرة غطى عليها ارتفاع رسوم التسجيل في المدارس الرسمية بنسبة 50 في المئة وقلق المعلمين على وظائفهم بعدما اعتبرهم الوزير فائضون عن...

فقراؤك يا وطن

قصة مريم وعبد الراضي، الشابان الآتيان من عائلات موغلة في الفقر، واللذان حصلا على مجموع تام في شهادة البكالوريا هذا العام، وسؤال مصيرهما لولا وجود مجانية التعليم التي يُسعى لإلغائها...