منعٌ فابتزاز فسَماح: الاحتلال يتحكّم بمصيرِ لقاحات غزّة

حاولت اسرائيل ابتزاز أهالي غزة حين طرحت "لجنة الشؤون الخارجية والأمن" في جلسة الكنيست مقايضة تمرير اللقاحات بإطلاق فصائل المقاومة لجنديين من الأسرى الإسرائيليين في القطاع، كما تحجّجت بخشيتها من "وصول اللقاح إلى أيدي حركة حماس" (؟؟)
2021-02-18

شارك
فريغ أول دفعة من اللقاحات في غزة يوم 17-2-2021. تصوير: ابراهيم أبو مصطفى ، رويترز.

0005 بالمئة فقط من سكان غزّة هي النسبة التي يمكن لها الاستفادة من تلك اللقاحات، بعدما تأرجحت دولة الاحتلال الإسرائيلي بين قرار المنع أو السماح لها بالمرور إلى داخل غزة. ألفانِ من لقاح سبوتنك الروسي، تشكّل الدفعة الأولى من لقاحات فايروس كورونا التي أُرسلت من وزارة الصحة الفلسطينية في الضفة الغربية إلى قطاع غزّة، أي ما يكفي ألفَ شخصٍ فقط (بجرعتين للفرد) من أصل مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع. ومع ذلك استكثرت إسرائيل ذلك الشيء اليسير على أهل القطاع المحاصَر، السجن الكبير المسمّى غزّة، وحجبت عنهم اللقاح لأيام، حتى قررت أخيراً السماح بمروره يوم الأربعاء الفائت في 17 شباط/ فبراير 2021.

سلطة الاحتلال هي سلطة المنع والسماح. تعرف أن تحتلّ، تحاصر، تستعمر، تقصف، وتمنع، لكنّها لسببٍ من الأسباب تصل لنقطة مسؤوليّتها كسلطة احتلال وفق القوانين الدولية، لتوفير الدواء واللقاح حالَ انتشار الجوائح، فيتوقّف فجأة دورها كسلطة احتلال... وهو دور لم يطلبه الفلسطينيون منها أصلاً، فاللقاحات هبة إلى وزارة الصحة الفلسطينية أرسلتها لغزّة. وأمّا دولة الاحتلال، فتتباهى بأنها صاحبة "أكبر وأشمل حملة تلقيح ضدّ كورونا في العالم"، حتّى أنها استوردت أكثر من حاجتها من اللقاح، ثمّ أتلفت جرعات منه لانتهاء صلاحية تخزينها، حسب الصحف الإسرائيلية نفسها! أمّا الغزّيون، فكثير عليهم 0.0005 بالمئة نسبة تلقيح (مخصصة للطواقم الطبية العاملة في أقسام المصابين بالفيروس في غزة، وقد أعلنوا تخلّيهم عن حقهم ذاك لصالح أصحاب الأمراض المستعصية).

حاولت اسرائيل ابتزاز أهالي غزة حين طرحت "لجنة الشؤون الخارجية والأمن" في جلسة الكنيست مقايضة تمرير اللقاحات بإطلاق فصائل المقاومة لجنديين من الأسرى الإسرائيليين في القطاع، كما تحجّجت بخشيتها من "وصول اللقاح إلى أيدي حركة حماس" (؟؟). وكانت اللجنة نفسها طالبت الشهر الفائت بمنع توريد أي لقاحات أو معدات طبية إلى غزة قبل أن تعيد حماس الجنود الأسرى، بينما الفصائل مجتمعة تقول ان المقايضة تتم بين هؤلاء الجنود وبين المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال. اسرائيل تحوّل موضوعاً أخلاقياً وطبياً إنسانياً مثل لقاحات لفيروس فتّاك إلى مادة للمقايضة وإبرام الصفقات والاستفزاز والابتزاز.

مرّ العدد المتواضع من اللقاحات هذه المرّة، لكنّ ظروف الاستشفاء في غزّة، والمتاح من الدواء والتجهيزات الطبية تبقى جميعها رهينة الحصار الإسرائيلي والخنق المتواصل...  


وسوم: العدد 436