خناقة حول السيطرة على المدارس الدينية في موريتانيا

استقبل الموريتانيون العام الجديد بجدل واسع بعد قرار السلطات إغلاق 30 من المدارس الدينية بسبب "عدم حصولها على تراخيص"، و"بسبب وجود داعمين ماليين لها من الخليج" وأشيع أنهم قريبون من الحركة الوهابية السعودية. الزعيم الروحي لإخوان موريتانيا، الشيخ محمد الحسن ولد الددو، دعا إلى ضرورة مواجهة قرار السلطات ذاك، محذرا من أنّه حملة تستهدف المدارس والمعاهد القرآنية بموريتانيا،
2016-02-04

المختار ولد محمد

صحافي من موريتانيا


شارك
مدرسة دينية في موريتانيا

استقبل الموريتانيون العام الجديد بجدل واسع بعد قرار السلطات إغلاق 30 من المدارس الدينية بسبب "عدم حصولها على تراخيص"، و"بسبب وجود داعمين ماليين لها من الخليج" وأشيع أنهم قريبون من الحركة الوهابية السعودية.
الزعيم الروحي لإخوان موريتانيا، الشيخ محمد الحسن ولد الددو، دعا إلى ضرورة مواجهة قرار السلطات ذاك، محذرا من أنّه حملة تستهدف المدارس والمعاهد القرآنية بموريتانيا، و"تستهدف أهل القرآن".
وذهب القيادي الإخواني في محاضرة له بنواكشوط إلى القول إن المدارس القرآنية لا تأخذ شرعية من أي شخص،"فقد أخذت شرعيتها يوم نزول الوحي على الرسول الكريم "، متسائلا: متى تتحرك الضمائر بعد "الحملة" على المدارس القرآنية؟.
وأشار إلى نماذج من حملات فاشلة في بعض الدول استهدفت المدارس القرآنية، مؤكداً أن من يحارب مثل هذه المؤسسات أو يسعى لإزالتها إنّما يسعى إلى المستحيل.
وقد سارعت "رابطة علماء موريتانيا" إلى رفض هذه التصريحات واعتبرتها "تهديدات ضد أمن واستقرار البلاد"، وأنها تؤدي إلى الفتنة والتفرقة، وقالت الرابطة إنّها تربأ بجميع الشخصيات الإسلامية أن تكون طرفا في ذلك.
وذكرت الرابطة (التي تضم كبار علماء الدين والمرجعيات الدينية في آلاف المساجد الموريتانية) الجميع بوجوب المحافظة على الأنفس والأموال والأعراض. ودعت القائمين على المعاهد الدينية إلى الالتزام بالضوابط القانونية والإدارية التي "وضعت من أجل حماية العملية التعليمية، والقائمين عليها". 
ومن جانبها رفضت 55 منظمة من المجتمع الموريتاني دعوات الإخوان وطالبت بالنأي بجميع المؤسسات الدينية عن السياسة. 
لكن إخوان موريتانيا صعّدوا من حملاتهم، موحِّدين خطب الجمعة في مساجد المحافظات الشرقية التي شهدت إغلاق بعض تلك المدارس. وحذر 22 إماما من مخاطر إغلاق القرآنية، للتأثيرات السلبية على السكان جراء الإجراء الحكومي. كما أكد عشرات العلماء الشباب الموالين للإخوان في بيان حمل عنوان "نصْرة للمحاظر والمعاهد القرآنية"،  أن "الدفاع عن المعاهد الشرعية والمدارس القرآنية بحمايتها من التعدي عليها بالإغلاق والمضايقة، واجب شرعي على جميع المسلمين لأنه مِنْ حفْظ الدين وإقامته"، وأن "واجب العلماء هو الصدع بالحق وأطْرُ الناس حكاما ورعية عليه، وتربيتهم على الخشية والقول بالمعروف أينما كانوا، لا يخافون في الله لومة لائم".
كما انبرى كتاب الإخوان على أعمدة الصحف والمواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي للقرار، وخلص احدهم الى اعتبار الرابطة "مجرد مسؤولة عن تجديد مساحيق التجميل الديني التي تطلى بها وجوه الأنظمة العسكرية كلما شوهها السعي إلى تحجيم دور المساجد والمحاظر".
لكن أحد الكتاب الداعمين للسلطة رد قائلا  "لا تخجلون؟ أنتم تتحالفون مع من يروج عالميا أن المدارس الدينية الموريتانية مصدر الإرهاب في شمال أفريقيا، وتهاجمون حكومة تحاول تنظيف المدارس الدينية من الأيادي الدنسة وتحاول تطهيرها وتنظيمها، أم أن بطونا تشبع وسيارات فاخرة تأخذ من أمراء الخليج وأصحاب النوايا الحسنة هو ما يهمكم، ولو كان على كاهل طلبة العلم من اليتامى والأرامل.." وأضاف "فما أغرب إسلام الإسلاميين المبني على أرباح بيوت الله وكواهل طلبة العلم".
ورفض رئيس الوزراء الموريتاني اتهامات الإخوان، وقال خلال حديث له أمام البرلمان إنّ حكومته قامت بجملة من الإنجازات لصالح القرآن والمدارس الدينية الموريتانية، من بنيها إنشاء ستة عشر مدرسة دينية نموذجية جديدة وإنشاء قناة للمحظرة، وإذاعة القرآن الكريم، وطباعة المصحف... وأكد أن المعاهد التي تم إغلاقها يجب أن تنهي إجراءات ترخيصها، ومن أبرز هذه الإجراءات كشف مصادر تمويلها، والمناهج التي يتم تدريسها فيها، وكذا المدرسين الذين يدرسون فيها.
وأضاف أن حكومته تدعم 6738 مدرسة دينية 8493 مسجدا، مؤكدا أن "لا مجال لتسييس الموضوع"  وأن المدارس الدينية الموريتانية "هي النهج السليم الذي شكل دائما الحصن المنيع لقيمنا الأصيلة والسد القوي أمام الأفكار الوافدة"...
ومعلوم أن المحاظر والمدارس الدينية في موريتانيا لا تقتصر على التعليم، وإنما هي شبكات متنفذة تؤدي وظائف اجتماعية عديدة، وتتصدى لتوزيع المساعدات على المحتاجين وإيواء أطفالهم، ولو أن طريقة العمل على هذه الوظائف مدعاة تساؤلات وانتقادات متكررة لجهة الفساد الذي يتغطى بالإحسان، ولجهة استغلال الأطفال.
ولكن الخناقة بدت "غامضة" لفرط تمسك الأطراف المصارعة كلها بالمدارس الدينية. أليست خناقة في السياسة والسطوة والهيمنة، والدين ليس سوى واجهتها..

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه