الحكومة الموريتانية تنظم.. محاربة القمامة

وظفت ماكينة السلطة الموريتانية ما تيسر لها من إعلام وإدارة وقوات مسلحة وأمن في حملة لمواجهة القمامة التي باتت تؤرق سكان العاصمة الموريتانية نواكشوط. دفعت الحكومة بالكثير من العسكريين والمدنيين إلى شوارع المدينة التي كانت حتى وقت قريب نظيفة بفعل عقد عمل أبرمته مع شركة فرنسية للنظافة كانت تتولى المهمة في العاصمة لوحدها مقابل سبعة عشر مليون دولار أميركي سنوياً. وتأتي الحملة بعد إلغاء عمدة
2014-11-26

المختار ولد محمد

صحافي من موريتانيا


شارك
(من الانترنت)

وظفت ماكينة السلطة الموريتانية ما تيسر لها من إعلام وإدارة وقوات مسلحة وأمن في حملة لمواجهة القمامة التي باتت تؤرق سكان العاصمة الموريتانية نواكشوط. دفعت الحكومة بالكثير من العسكريين والمدنيين إلى شوارع المدينة التي كانت حتى وقت قريب نظيفة بفعل عقد عمل أبرمته مع شركة فرنسية للنظافة كانت تتولى المهمة في العاصمة لوحدها مقابل سبعة عشر مليون دولار أميركي سنوياً.
وتأتي الحملة بعد إلغاء عمدة نواكشوط للعقد، وأطلق الرئيس محمد ولد عبد العزيز حملة للنظافة في الخامس والعشرين من تشرين الاول/ اكتوبر. وبعد اسبوع على انطلاقتها أعلن رئيس الوزراء احتمال تمديد الفترة المخصصة للحملة، والتي كانت في الاصل محددة بخمسة عشر يوماً.
فوجئت السلطات بكمية القمامة وبدأت تتساءل عن السبب، في الوقت الذي لم يتفاجأ الموريتانيون البسطاء بل فاجأهم نزول الجيش في تلك "الحملة" التي اثارت سخرية الكثيرين وكانت موضع اهتمام ملحوظ على مواقع التواصل الاجتماعي.. حتى جاءت صور التقطت لمواطنين في بوركينا فاسو يحملون مكانس وعصياً إبان احتجاجاتهم التي أطاحت بالرئيس البوركينابي ابليز كومباوري. فأثارت اهتمام هواة الانترنت الذين تناولوها بكثير من "التنكيت"، فقال بعضهم إن المكانس الحقيقية هي تلك التي رفعها الشعب البوركينابي في وجه رئيس الدولة إلى أن أطاحه، وليست التي يحملها وزراء موريتانيا وموظفوها لتنظيف العاصمة نواكشوط. وذهب بعضهم الآخر إلى أبعد من ذلك، قائلا إن على الشعب الموريتاني أن يسخِّر مكانسه لتنظيف الدولة من الدكتاتوريات وحكم العسكر، كما هو حال الشعب البركينابي اليوم.
وفي حي "لكصر" العريق بنواكشوط، باتت الشوارع نظيفة بعد أيام من تداخل اوساخ المنازل بقمامات مرائب السيارات في هذه المنطقة التي تحوي اكبر سوق لقطع غيار السيارات في البلاد. لكن هذه النظافة تزامنت مع حملة حراسة للشوارع، على مدار الساعة فيحول الحراس دون عودة القمامات التي لوثت المدينة.. فيتساءل موريتانيون عن نجاعة هذه الحملة إذ يتوقعون ان تعود المدينة متسخة من جديد فور انتهائها.
في حي البصرة الفقير جنوب نواكشوط، يستغرب السكان الذين لا يجد الكثير منهم ما يقتات به في الغالب، ويعيش على اقل من دولارين يومياً، البذخ الذي تغدقه الحكومة على المشاركين في حملة النظافة. احد الفضوليين تمنى أن تتواصل هذه الحملة بلا توقف، داعياً الى العمل على تنظيم تلويث العاصمة بالأوساخ علّ الحكومة تحس بمعاناة أبناء الحي وتوفر لهم فرص العمل.
يرى كثيرون أن الحملة المتواصلة لن تنجح في تنظيف المدينة التي لا يتجاوز عدد سكانها المليون نسمة (وهو ربع سكان موريتانيا)، ويعتبرون أن كل ما يجري لا يعدو كونه نشاطاً ارتجالياً مؤقتاً تشغل به السلطات الحاكمة الشعب عن معاناته اليومية، ويؤكدون أن هذه الحملة التي شغلت الناس خلال الايام الماضية لن تكون أكثر حظاً من سابقاتها التي ذهبت أدراج الإهمال، ذلك ان لا متابعة ولا رصد ولا إستراتيجية ولا أطر محددة.. تتعامل مع متطلبات الحفاظ على نظافة مدينة مليونية تتوسع يوماً بعد يوم، كما هي نواكشوط.

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه