الصوماليون في سوريا متروكون

القلق الذي يشعر به آلاف الصوماليين اليوم على بناتهم وأبنائهم العالقين في خضم الأحداث الدامية في سوريا، يستحضر السيناريو المأساوي الذي عاشه المئات من الصوماليين في ليبيا. إلّا إن ما يؤجج الغضب الشعبي فعليًّا، هو عدم اتخاذ السلطات أية خطوات ملموسة تتناسب مع الاستغاثات التي أرسلها أبناء الجالية في دمشق، والدعوات والمناشدات التي أطلقتها منظمات المجتمع المدني الصومالي، كالملتقى الوطني للشباب
2013-05-05

محمود عبدي

كاتب من الصومال


شارك

القلق الذي يشعر به آلاف الصوماليين اليوم على بناتهم وأبنائهم العالقين في خضم الأحداث الدامية في سوريا، يستحضر السيناريو المأساوي الذي عاشه المئات من الصوماليين في ليبيا. إلّا إن ما يؤجج الغضب الشعبي فعليًّا، هو عدم اتخاذ السلطات أية خطوات ملموسة تتناسب مع الاستغاثات التي أرسلها أبناء الجالية في دمشق، والدعوات والمناشدات التي أطلقتها منظمات المجتمع المدني الصومالي، كالملتقى الوطني للشباب الصومالي وغيره، وذلك على الرغم من وقوع ضحايا صوماليين (ثلاثة قتلى) ووجود جرحى.
ولم يكن بؤس رد الفعل الحكومي تجاه حوادث القتل هو آخر الأمر، بل واجه الناشطون المدنيون والإغاثيون الصوماليون حملة تكميم أفواه، وتهديد بالوشاية بهم للأمن السياسي السوري، تحت حجة الدعاية المضادة للنظام من قبل القائمين على السفارة الصومالية في دمشق. ومع التغييرات الكبيرة في الدولة الصومالية، إثر انتخاب الرئيس الجديد، تجدد الأمل لدى أبناء الجالية الصومالية في سوريا، وكذلك للناشطين المدنيين الصوماليين، في إمكان السير باتجاه إقامة جسر لخروج العاجزين عن تحمّل الأعباء المالية اللازمة من مناطق الاشتباك. خاصة بعد ما بدا من نمو العلاقات بين الحكومتين الصومالية والتركية. قد فتح هذا بصيص أمل بالتمكن من مغادرة سوريا، إثر امتناع السلطات اللبنانية والأردنية عن السماح للصوماليين حتى بالمرور برًّا إلى المطارات والمنافذ. كما أن المرور عبر العراق ليس متيّسرًا نظرًا للنزوح المعاكس الذي قام به مئات الآلاف من العراقيين باتجاه وطنهم، والأحداث الأمنية على الحدود السورية العراقية، وبالطبع عدم ورود الخيار الإسرائيلي في مخيّلة الصوماليين. غير القادرين على تحمل أعباء المغادرة من الصوماليين، وقد غدوا بضع مئات، أملوا أن تتكفل بهم حكومتهم بالاتفاق مع الحكومة التركية، لضمان وصولهم الآمن لأراضيها، ومن ثمّ إعداد ما يلزم من توطينهم الموقت ريثما يتسنى إعداد التمويل الكافي لنقلهم إلى وطنهم الأم، أو إلى حيث يستطيعون متابعة حياتهم من دون هدر لكرامتهم أو تهديد لسلامتهم. وقد تكررت حوادث اغتصاب النازحات الصوماليات اللائي كنّ ضمن من حاول الفرار إلى تركيا بطرق غير شرعية.
ومن خلال الجهود التي تم بذلها من قبل إحدى منظمات المجتمع المدني، أمكن إعداد شكل من التنسيق بين السفارتين الصوماليتين في كل من دمشق وأنقرة. لكن تحالفًا مؤسفًا للامبالاة وعدم الكفاءة أدى إلى أزمة إنسانية ما زلت فصولها متتابعة. فسوء الإعداد قاد إلى رفض السلطات التركية إدخال أربع أسر، مكوّنة من اثنين وعشرين طفلا وامرأة، يرافقهم أربعة من الشباب بعضهم ناشطون مدنيون، ما تسبب في تركهم في العراء قرب الحدود لمدة ثلاثة أيام، وليتم نقلهم بعد ذلك مباشرة إلى سجن الترحيل، حيث أبلغ النازحون عن استغلالهم في أعمال سخرة لدى المسئولين عن مكان احتجازهم، ناهيك عن إعلامهم بـ"نيّة" السلطات التركية ترحيلهم إلى الصومال على نفقتهم، وهم غير قادرين على تأمين ثمن تذاكر السفر.
اللاجئون الصوماليون في سوريا يجدون أنفسهم في خطر، ولا تختلف ظروفهم عن الافراد الستة والعشرين المعتقلين في الأراضي التركية. فإلى متى تتقاعس الحكومة الصومالية، ممثلة بوزارة خارجيتها، عن القيام بدورها في حماية أبناء شعبها الذي عانى بما فيه الكفاية؟!

مقالات من الصومال

للكاتب نفسه