استطلاع أعداد المخبرين؟

في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2014 صرّح رئيس تحرير صحيفة "المصري اليوم" أنّ "وزارة الداخلية تحاول تكميم الأفواه وتسعى لغلق الصحف، وأنا اتّهمت في التحقيقات معي الداخلية بممارسة عدوان صارخ على السلطة القضائية وحرية الصحافة معاً"، وكان ذلك على خلفيّة استدعائه من نيابة أمن الدولة للتحقيق معه حول ما أعلنته الصحيفة عن اعتزامها نشر وثائق التحقيق في قضية مخالفات انتخابات الرئاسة

في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2014 صرّح رئيس تحرير صحيفة "المصري اليوم" أنّ "وزارة الداخلية تحاول تكميم الأفواه وتسعى لغلق الصحف، وأنا اتّهمت في التحقيقات معي الداخلية بممارسة عدوان صارخ على السلطة القضائية وحرية الصحافة معاً"، وكان ذلك على خلفيّة استدعائه من نيابة أمن الدولة للتحقيق معه حول ما أعلنته الصحيفة عن اعتزامها نشر وثائق التحقيق في قضية مخالفات انتخابات الرئاسة في العام 2012. هذا الأسبوع نشرت صحيفة "المصري اليوم" نفسها سؤالاً في خانة "استطلاع رأي" يهدف لجمع إجابات من الراغبين بالتصويت:
هل تواصلت مع "الداخلية" للإبلاغ عن العناصر الإرهابية؟ وخُيّر القرّاء بين: نعم، لا، ولم أهتمّ.
حتى اليوم كانت النتائج موزعة كالتالي: 34.33 في المئة نعم، 50.55 في المئة لا، 15.12 في المئة لم أهتمّ. القصّة على أية حال ليست في نتيجة الاستطلاع بل في الغاية منه. فما يبدو هنا هو أن هناك دفعاً للمواطن ليصبح واشياً ومخبراً، بحجج "شرعية" هي الحماية من "الإرهاب" وتعزيز "التضامن الوطني" بوجهه.. والإرهاب ذاك لم ينِ يتوسع ويتعزز، ناهلا من الممارسات القمعية ليجدد نفسه. الاستطلاع يسعى فعلياً إلى أمرين: أولاً تحويل الصلة بالأمن إلى وضعية عادية، يمكن لأي مواطن أن يمارسها بحجة الحرص على سلامة الوطن، وثانيا تعميم الوشاية وجعلها هي الأخرى أمراً عادياً انطلاقا من هذه الحجة "الشرعية".. وذلك باب ليس لمحاربة الإرهاب فعلياً بل لربط الناس بدائرة "الداخلية" السيئة الصيت في مصر والتي يمكن رد نصف أسباب ثورة 25 يناير إلى ممارساتها، وهي التي هوجمت كل مقارّها ونُبشت كل ملفاتها ونشرت كل فضائحها خلال أيام الثورة، وأصبح آخر وزير للداخلية في عهد مبارك، حبيب العدلي، رمزا لذلك السوء، وارتبط اسمه بشبهة افتعال عمليات إرهابية، أشهرها تفجير كنيسة الاسكندرية قبل أيام من يناير. صحيح أن القضاء برّأ العدلي من كثير من التهم، ما أثار السخط وعزز التشكيك بنزاهة القضاء بدلا من أن يبيّض صفحة الرجل. لكن إعادة الاعتبار للداخلية هنا، مع هذا الاستطلاع، تأخذ منحى خطيراً لأنها تخرج عن الأطر المعلومة للتجنيد لتضع كل المواطنين في خانته.
والشهر الفائت، أصدر الرئيس المصري تشريعاً جديداً أضاف إلى قانون هيئة الشرطة استحداث فئة جديدة لـ "معاوني الأمن" تحمل اسم "هيئة الشرطة المجتمعية". وهي تبدو كمحاولة لتحويل المواطنين إلى مخبرين يزوّدون أجهزة الأمن بمعلومات عن أهلهم وناسهم وجيرانهم.. وتلك خاصية أساسية للأنظمة البوليسية في العالم كله. ويُمنح عناصر "الشرطة المجتمعية" صفة الضبطية القضائية، ما يعني إمكانية قيامهم بإجراءات ضبط المتهمين أو الوقائع المخالفة للقانون الواقعة أمامهم مباشرة، وهي صلاحيات شبه مفتوحة! ويا للثارات الشخصية والنكايات التي ستعم بواسطة هذه الممارسة.
وفي السياق نفسه "ترتقي" بعض الحالات الإعلامية في مصر من العمل كمخبرين شخصيين لدى الأجهزة الأمنية، إلى العلنية المبتذلة. فبعد الإعلامية منى عراقي التي بنت كميناً لما سُمّي "شبكة الشذوذ الجنسي الجماعي" في أحد الحمامات العامة، ثم وشت وشهّرت بهم، وقيام الإعلامي وائل الإبراشي بمساعدة الأجهزة على القبض على أستاذ البلاغة في جامعة الأزهر، الدكتور محمود شعبان، ها هي "المصري اليوم" (هي نفسها) تستكمل تنظيم هذه الدائرة.

 

للكاتب نفسه

عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..

التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...

رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟

عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...