كلام فات أوانه أم لم يحنْ بعد؟

"لا معقول"، غير منطقي ومؤلم أن يعلن العراق، بالغ الثراء اقتصادياً وبشرياً، أنه يواجه أزمة إنسانية وعجزاً يصل إلى أكثر من مليار ونصف المليار دولار، عسى تساعد هيئات دولية في توفيرها، وإلا فسيُصرف موظفون أو تخفض رواتبهم، وسيُترك النازحون بلا معونة، ويخرب التعليم والصحة فوق خرابهما، وتتعطل الكهرباء أكثر.. وتتضرر الجهود الحربية ضد داعش. "الإدارة مترهلة" جداً، كما بدأ
2016-02-04

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك
حسين عبيد - عُمان

"لا معقول"، غير منطقي ومؤلم أن يعلن العراق، بالغ الثراء اقتصادياً وبشرياً، أنه يواجه أزمة إنسانية وعجزاً يصل إلى أكثر من مليار ونصف المليار دولار، عسى تساعد هيئات دولية في توفيرها، وإلا فسيُصرف موظفون أو تخفض رواتبهم، وسيُترك النازحون بلا معونة، ويخرب التعليم والصحة فوق خرابهما، وتتعطل الكهرباء أكثر.. وتتضرر الجهود الحربية ضد داعش.
"الإدارة مترهلة" جداً، كما بدأ يُقال استكشافاً لحلول للعجز، وهو "اكتشاف" غريب يناقض دولة الريع التي لم تفعل، ومنذ عقود، سوى توسيع التوظيف المدني والعسكري لكل أبناء المجتمع، كطريقة لتوزيع الفتات بالتأكيد، وإنما وقبل ذلك بغاية ــ نعم: كهدف مقصود ــ تعطيل الإنتاج كله ( الذي يعني تعريفاً استقلالية البشر المنتجين إلى حدّ بعيد)، وضبط للناس في قبضة السلطة عبر مُرتَّب آخر الشهر. وقد سهّل وجود النفط الوفير المهمة.
ثم هناك حجة داعش لتبرير هذا العجز، وهي تشبه حجة إسرائيل التي لم تعد على الموضة! عطّلت هذه كل المشاريع فيما مضى، كما يعطل ذاك الآن، وتسببت كما يتسبب داعش بكوارث ونزوحات وبتخصيص جُل المال لـ "المجهود الحربي". والخشية أن تكون النتيجة هنا، كما كانت هناك، تُداني الصفر لو أردنا البقاء مهذبين، ولو تغاضينا عن الفساد والسمسرات في السياق، وعن الخيانات، وعن توظيف تلك المعارك الكبرى خارج صددها: لكمّ الأفواه، ولتدعيم سلطات خائبة.. وبكل الأحوال للإبقاء على العوج، وحمايته حتى من النقد، وقطع الطريق على أية مبادرة للتفكير بكيفية تجاوزه.
وهناك حجة انهيار أسعار الخام، وقد أصبح العراق بلداً يعتمد على عائداته بنسبة 95 في المئة (لو بقينا مهذبين)، ونسي أنه بلد زراعي منذ وُجدت البشرية وحتى عقود قليلة مضت، وأنه من أول بلدان المنطقة تشييداً لصناعات شتى، وأنه حتى أمس قريب (بمقياس حياة الشعوب) كان يعرف الاكتفاء الذاتي في جُل حاجات سكانه، تماماً مثل ذاك البلد الزراعي الكبير الآخر، الجزائر، ومثل تنويعات شتى في أماكن أخرى من المنطقة، حيث الاتكال على الريوع، نفطية وغير نفطية، هو الطاغي.
وهناك بالطبع الفساد والنهب المريعان. لكنهما نتيجة وليسا أصلاً.
فهل فات أوان هذا الكلام بإزاء إلحاح الجوع القائم، أم ينبغي الانتظار للوصول إلى مزيد من الحضيض حتى يحين وقت المراجعات الكبرى الشاملة؟

مقالات من العراق

لطخة تلوث بلد الحضارات

فؤاد الحسن 2024-03-24

قررت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية تحديد 30 حزيران/ يونيو من العام 2024 موعداً نهائياً لإغلاق مخيمات النازحين في إقليم كردستان، والتي يبلغ عددها 24 مخيماً، يسكنها نازحون من مناطق مختلفة،...

الموت امرأة من شنكَال

فؤاد الحسن 2024-03-13

نام الناس في الشوارع. وهناك بدأت الطوابير. طوابير استلام الطعام والأسرّة وارتجاء اقنعة التشرد الجديدة. كلما رأيتُ رجلاً أهلكه التعب ونحل جسده عرفته من سنجار، من دون أن أسمع لهجته،...

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...