النصر مُلكية عامة

ما أحلى تلك المجابهة، رغم دمارها المهول على بلد صغير كلبنان، تقاطعت ظروف لتجعله ينوب عن كل الأمة، ورغم آلاف الأرواح المبذولة، وهي كثيرة في بلد صغير كلبنان. فالعدو كان واضحاً. والوفود العربية ـــ والعالمية ـــ التي تتابعت، جاءت لتعلن التضامن. يساريون وقوميون وإسلاميون وليبراليون، غالباً ما وفدوا معاً، فاللحظة تحمل على التسامي. وهي تدفع الى تغليب المشترك على الخلافات «الصغيرة».
2013-08-14

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

ما أحلى تلك المجابهة، رغم دمارها المهول على بلد صغير كلبنان، تقاطعت ظروف لتجعله ينوب عن كل الأمة، ورغم آلاف الأرواح المبذولة، وهي كثيرة في بلد صغير كلبنان. فالعدو كان واضحاً. والوفود العربية ـــ والعالمية ـــ التي تتابعت، جاءت لتعلن التضامن. يساريون وقوميون وإسلاميون وليبراليون، غالباً ما وفدوا معاً، فاللحظة تحمل على التسامي. وهي تدفع الى تغليب المشترك على الخلافات «الصغيرة». ولم يكن أحد ليسأل من هو السني من الشيعي من المسيحي من الملحد. استقبل تلك الوفود لبنانيون من كل صنف ومذهب وملة ورأي، فخورون بالموقع الذي حفروه بمواقفهم غير المنقطعة، منذ احتضنوا المقاومة الفلسطينية ذات 1970، وأتاحوا لها أن تكمل مشوارها، إلى أن تطلب الأمر احتلال إسرائيل لعاصمتهم البهية، بيروت، التي اكتسبت بذلك عن جدارة لقب ست المدن. نعم، نقاتل إسرائيل مرات ولا نجفل. نتحمل الهزائم ونسعى للانتصارات. نعم، حيرنا العدو. وفي فجر 14 آب/أغسطس 2006 أجبرناه على الانسحاب، وزغردت النسوة عائدات فوراً إلى قراهن وبلداتهن، رغم الثمن المدفوع... بفضل الثمن المدفوع.
مغرض من لا يرى الرابط بين تلك المجابهة وذاك النصر وبين الجموح إلى استعادة الذات الذي ميز الانتفاضات العربية منذ 2011، حيث نداء الحرية والكرامة يسابق مطلب الخبز والعدالة الاجتماعية. راحت حالة القمع والاستلاب والإذلال تغدو مرفوضة، تماما كالتجويع. بذرة التمرد هذه ارتوت بتأكيد لحظة التسامي تلك. وهو ما يجعل صمود 2006 ونصره ملكية عامة، تماماً كما هي انجازات التاريخ الكبرى التي لا يمكن حصرها بفئة أو إرجاعها إليها، ما يفقدها معناها. والأهم، ما يبدد أثرها.
سبع سنوات ليست مسافة كبيرة، كما قد يوحي الواقع الراهن الغارق في الاستقطابات المذهبية والاثنية، وصراعاتها، هي تعريفاً بلا أفق، ولا يوجد فيها منتصر ومهزوم، حتى لو هيمن هذا واندحر ذاك. إذ لا يُبنى عليها شيء. بل هي ريح صرصر. سبع سنوات كأنها البارحة. ويمكن أن تكون غداً.

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...