2013، عاش الصراع!

ثقيلاً مرّ عام 2012. سفك الدماء تجاوز كل خيال، كما هو حال سوريا، علاوة على خراب بيوت الناس (بالمعنى الحرفي) وتشردهم على طرقات النزوح. وحال الناس ومصيرهم أصلٌ في السياسة وليسا تفصيلا. والثورات التي انفجرت هنا وهناك، تبدو متعثرة، ملتبسة النتائج. فلألف سبب، فرضت نفسها سياقات ضغطت الفترات الانتقالية زمنياً بشكل كبير (وقد أعلن مرسي نهايتها في ما يخص مصر!)، واختزلتها ببعض الإجراءات، فحوَّلتها إلى
2013-01-02

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

ثقيلاً مرّ عام 2012. سفك الدماء تجاوز كل خيال، كما هو حال سوريا، علاوة على خراب بيوت الناس (بالمعنى الحرفي) وتشردهم على طرقات النزوح. وحال الناس ومصيرهم أصلٌ في السياسة وليسا تفصيلا. والثورات التي انفجرت هنا وهناك، تبدو متعثرة، ملتبسة النتائج. فلألف سبب، فرضت نفسها سياقات ضغطت الفترات الانتقالية زمنياً بشكل كبير (وقد أعلن مرسي نهايتها في ما يخص مصر!)، واختزلتها ببعض الإجراءات، فحوَّلتها إلى مسارات شكلية: انتخابات متسرعة تكرس الفائز في السلطة، فيتصرف كفرعون صغير، متعجل على الاستبداد، متوسل التحايل عندما لا يتمكن من القمع. تَشَابَه الحاضر مع الماضي الذي جرى الانتفاض عليه، إلى حد أوحى بأنه لا جديد، غير التغيير في الأسماء. بل أخطر من ذلك: كأن الفريق الجديد يقدم نفسه بديلاً أجدر من القديم في تنفيذ المطلوب. اقدر على إقناع الناس وتسييرها، يمتلك شرعية لضبطها، ويعرف كيف يتجنب الفساد الذي استشرى سابقا إلى حد كاريكاتوري... أليست تلك هي مفردات التفاوض الجاري مع الغرب؟ وفي الخلفية تستمر الانشطارات العمودية نفسها: حرب سنية / شيعية ضروس، حين لا تقطع الرؤوس، فهي تسمم العقول والنفوس. فوضى عظيمة، وإفقار متعاظم. ما يحمل على الخوف والقنوط.
... لولا أن من لا يرى سوى ذلك من المشهد العام للمنطقة يقارب الواقع من زاوية واحدة، متأففاً من التناقضات، ويفوته أن "التاريخ لا يتوقف عن صناعة نفسه"، وأنه ليس فيه لحظة جامدة، قابلة للاقتطاع بذاتها. ينسى أو يتناسى أن مجتمعاتنا قد ثارت، وأعلنت عن رغباتها، وإراداتها، بينما كان كل شيء قد صُنع بإحكام لتبقى راكدة، تستقبل أيامها كقدر محتوم. لم تستسلم. وهي اليوم، بإزاء ما تعيش، تتجاوز خيباتها وتصارع. تصارع ما تراه رديئاً، وقد تغلبه، فتقاوم لتدفع إلى مزيد من الحرية والمساواة والعدالة والتضامن والإنسانية. تجهر بقيم غُيِّبت وظُنَّ أنها محيت. تُعلنها وتمارسها عملياً. هل من حاجة لأمثلة عما يجري في ميادين التحرير، عن الحيوية الدافقة في الشوارع، عن الإبداع الذكي، عن استعادة الطرافة؟ من مصر إلى العراق (حيث صدحت عشرات ألوف الحناجر في محافظة الأنبار منذ أيام بـ"هذا الوطن ما نبيعه، أخوان سنة وشيعة"). وقد يغلبها مرات ما تراه رديئاً. فتعود لتصارع. هي إذاً حية. ذلك هو الأمل، وهو واقعي تماماً... علاوة على أن التفاؤل عاطفة ثورية!

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...