الجرائد المغربية: دراسة حالة

هاكم موضوعات الجرائد المغربية يوم 16-08-2014: الجيش ينشر منصات إطلاق صواريخ ودبابات في ساحل الدار البيضاء خوفا من طائرات داعش بعد فقدان 11 طائرة في ليبيا قد تُستخدم إرهابيا. نصف المغاربة لا يشاهدون القنوات العمومية بسبب الرداءة والاحتكار، الزعيم أردوغان يلهم عبد الإله بنكيران. المهاجرون يعودون إلى أوروبا عبر طنجة. ملف كبير عن الدعارة مع صور من الخلف للبنات. مطرح جديد للنفايات، مغاربة
2014-08-20

محمد بنعزيز

كاتب وسينمائي من المغرب


شارك
عزيزة العبيدي / المغرب

هاكم موضوعات الجرائد المغربية يوم 16-08-2014: الجيش ينشر منصات إطلاق صواريخ ودبابات في ساحل الدار البيضاء خوفا من طائرات داعش بعد فقدان 11 طائرة في ليبيا قد تُستخدم إرهابيا. نصف المغاربة لا يشاهدون القنوات العمومية بسبب الرداءة والاحتكار، الزعيم أردوغان يلهم عبد الإله بنكيران. المهاجرون يعودون إلى أوروبا عبر طنجة. ملف كبير عن الدعارة مع صور من الخلف للبنات. مطرح جديد للنفايات، مغاربة مطلوبون للعدالة، سيرة ذاتية تفصيلية جدا للخليفة أبو بكر البغدادي، مصادر تمويل داعش... أخبار اعتقال وتفكيك شبكات إجرامية واتهام الجزائر بتصدير حبوب الهلوسة إلى المغرب، صور عن مراسلات حميمة لباشا مغربي في عهد الاستعمار، وأخبار عن اعتقال لصوص صغار.. بعد صفحتي «سياسة» نجد صفحات كثيرة للطبخ والرياضة والتداوي بالأعشاب والرشاقة وقصات الشعر المختلفة مع صور كثيرة كبيرة ملونة. وسخرية من مشروع تغريم مَن لم يصوت في الانتخابات، سخرية بالعامية جلها بائس، لأن من يحاول أن يسخر من دون أن يتشرب السخرية من الأدب يكون سطحيا مُضجرا.
هناك حرص على الألوان الحمراء في الماكيت. حيلة موجهة لعشاق القشرة الإعلامية، أي الوقائع اليومية. مزيد من الوقائع الخام التي تذهل من قبيل عَضَّ الرجلُ الكلبَ.
جل هذا على النصف الأعلى للصفحة الأولى وللصفحات الداخلية. فالعناوين الكبرى في أعلى الصفحة بالبنط العريض فيها لغة إنشائية وخطابة عاطفية مع لمسة شعبوية موجهة للعامة، لأنه لا جدوى من وصف الأفق لمن لا يرى أبعد من أنفه...
في أسفل الصفحة مادة نوعية للذين لا يهمهم العض:
جدل حول حق المغاربة المهاجرين بالتصويت في الانتخابات القادمة. رد على صحافي إسباني يشكك في كيفية سفر فتيحة المجاطي للزواج والقتال مع داعش مع أنها كانت مراقبة من طرف المخابرات المغربية بشكل مستمر. هي كانت مراقبة ولم تكن ممنوعة من السفر.
استنكار استثمار موت طالب مضرب عن الطعام، ففي كل مرة يموت شخص، لأي سبب، يسارع مقاولو الموت للاستثمار في الجثة وتحميل خصومهم سبب الموت. للإشارة، فقد طُرد الطالب من الجامعة ودخل في إضراب مفتوح عن الطعام دام سبعين يوما للمطالبة بالعودة لمتابعة دراسته. يملك الشاب إصراراً لا يملكه المعزّون. يحرص هؤلاء على تنفيس تأنيب الضمير بإصدار بيانات التعازي والحزن بعد كل الرعاية اللازمة والضرورية، الإنسانية والطبية التي وفروها للشاب قبل موته (!).
في كل صيف يكتشف المغاربة أن بحرهم لم يعد ملكهم، فهناك أماكن صارت محروسة وممنوعة، لذا كتب صحافي مغربي ساخرا «حرروا شواطئكم وبعدها حرروا سبتة ومليلية». وسبتة ومليلية مدينتان شمال المغرب تحتلهما إسبانيا منذ 500 سنة.
هذا في أسفل الصفحة، كمادة في زوايا صغيرة، مركّزة موجهة لقراء مطلعين... فيها تحليل وجهد لتحويل الواقع الخام إلى مادة للمعرفة.
المادة الملونة العاطفية السطحية تباع بكثافة. بينما يصعب تسويق مادة كثيفة. ولأن القراء المطلعين قلة فالمساحة المخصصة لهم أقل. هناك تناسب. يقول بول باسكون «يشبه تداول المعلومات على نحو غريب تداول السلع». والأرقام تدلل على هذا. فجريدة «المساء» تطبع 150 ألف نسخة من 24 صفحة، وكذلك «الصباح» تطبع 135 ألف نسخة، و«الأخبار» تطبع 100ألف نسخة وكلاهما ايضا من 24 صفحة. «أخبار اليوم» تطبع 53 ألف نسخة من 20 صفحة. «الاتحاد الاشتراكي» تطبع 22 ألفاً من 20 صفحة، وهي ناطقة باسم الحزب الذي تحمل اسمه. «الأحداث المغربية» تطبع 25 ألف نسخة وهي تعلن عن خطها وتنادي بالعلمانية في مجتمع بنيته التحتية الذهنية داعشية. نقيض جريدة الأحداث هي جريدة «التجديد»، وتطبع 12 ألف من عشر صفحات، وهي ناطقة باسم حزب العدالة والتنمية. لا تؤثر القلة على قوة الحزب الذي يستقطب بالشفوي لا بالكتابي. ضعيفة هي قيمة الكتابة والكتّاب في مجتمع أمي لا يقرأ.
تعلن الجرائد عدد الطبع وليس عدد المبيعات.
حسب صحافي في إحدى هذه الجرائد، فالطبع مكلف وهو يساوي نصف ثمن الجريدة (ثمنها أقل من نصف دولار). وأكد ذلك الصحافي الحاقد على رئيس تحريره أنه لا توجد صحيفة تغطي تكاليفها بفضل المبيعات وأن أرقام الطبع غير صحيحة والهدف من رفع الأرقام هو استقطاب شركات الإعلان التي تبحث عن جرائد تبيع أكثر. وهذا يعطي ثماره. ففي جريدة الصباح 17 إعلانا...
لا تستطيع بعض الجرائد الحصول على إعلان. وتقدم الدولة دعما للصحف المذكورة يزيد عن 200 ألف دولار سنويا لكل جريدة. وهذا ما يطرح مشكلة التمويل في ظل التحولات الجارية في المشهد الإعلامي الورقي المغربي. فقد كانت الجرائد حزبية. الصندوق والخط التحريري يحدده الحزب. رب الجريدة هو رب الحزب. الآن الجريدة تكتب على صفحتها الأولى «مستقلة». عرفنا رب الجريدة. أما رب الصندوق فهو متوارٍ. والأخطر ألا يكون للصندوق رب، فيتم تأجيره لمن يدفع. هكذا يتْبع الخط التحريري صوت الجهة التي تملأ الصندوق. وتنعكس العلاقة بين الأرباب على العلاقة بين الصحف. ينتقد بعضها بعضا بتهمة غياب المهنية. أي غياب التمسك بالحياد القيمي. عادةً، الإعلام هو مجال صراع فكري متصل. لن يصمد من لا يملك العُدة وسيهزم فكريا.
سيطرد من الساحة. لكن حين يكون هناك تمويل ممنهج تسقط هذه القاعدة وتسقط قاعدة أن الإعلامي المهني هو الذي لا يتورط في مصيدة الحياة الشخصية.
هذه حالة سبع جرائد مغربية، اثنتان ناطقتان باسم حزبين، والباقي جرائد مستقلة. مستقلة عن مَن؟ ما هو خطها التحريري؟ غالبا لا تعلن عن توجهها لكي لا تنفر القراء. الجرائد التي لا تملك خطا تحريريا تبيع أفضل لأن محتواها متنوع جدا مثل طبق من السَلطة...
تعد الجرائد بتقديم الجديد كل يوم ويعيش الصحافي جحيم العثور على السبق كل يوم. يوجد صحافيون ملزمون بإعداد صفحة كاملة يوميا وهذا يؤثر في المحتوى بشكل كبير. القاعدة الأولى في الحياة العامة: عندما لا يكون لديك ما تقوله، فمن الأفضل أن تسكت. لكن الصحافي مضطر ليقول يوميا. يكتب في أجناس صحافية ومواضيع متباعدة.
للتغطية على الخواء، هناك خليط من الخبر والوعظ. وسبب الوعظ والإرشاد في الكتابة الصحافية هو التخفي خلف الأحكام الأخلاقية للالتفاف على نقص المعلومات.
وقد يكون السبب هو مساعدة القارئ ليستخلص رأيا معينا. أي تفسر المعطيات تبعا للمواقف. البائع منحاز لسلعته. الصحافي أيضا منحاز لسلعته. حتى لو كانت لا تباع جيدا.
بعد فحص محتويات الصحف وطريقة عرضها، سألت شخصا مطلعا: لماذا لا تشتري الجريدة؟ فأجاب:
لماذا سأقرأ عندما يتطابق مصدر التمويل ومصدر المعلومات؟ عندما انقطع عن القراءة خمسة عشر يوما ثم أعود للقراءة، أشعر أني لم أضيع شيئا. ثم لماذا سأقرأ وقد استقال المواطن من الشأن العام، أي قال للسُلطة: افعلي ما تريدين. وهي تزيد الأسعار وتمدد سن التقاعد والجميع يبارك.
            
 

مقالات من المغرب

المغرب... مَن أثقلَ جيوب العيد؟

يبدو المشهد مثاليّاً، ولا شيء ينغصّه. فالملابس جديدة، والوجوه هانئة، كأن الحياة بهية والجو بديع. بل تتلوّن الجلابيب أكثر كل سنة، وتبدو أغلى تكلفة وأرفع جودة. فهل صار المغاربة أغنى،...

للكاتب نفسه