متى تستشعر المحكمة الحرج؟

فوجئ دفاع الناشط السياسي علاء عبد الفتاح أن المستشار عبد الرحمن هيكل، رئيس الدائرة «أ» في محكمة النقض قد استبعد طعن علاء على حكم سجنه في قضية «مظاهرة الشورى» ..
2017-10-19

شارك

نُشر النص الأصلي لهذا الموضوع في موقع "مدى مصر"، وهو منصة إلكترونية تأسست في مصر، ونعيد نشره هنا بالاتفاق مع الموقع. في إطار حملتها المستمرة للتضييق على الصحافة، حجبت السلطات المصرية "مدى مصر"، ضمن مواقع أخرى. والتزمًا منا بمبدأ حرية الصحافة واستقلاليتها، يقوم "السفير العربي" بإعادة نشر نصوص ينتجها "مدى مصر" لمساعدة الموقع في التغلب على إجراءات الحجب والوصول إلى القراء داخل مصر.

 

 رنا ممدوح ومصطفى محيي

 

فوجئ دفاع الناشط السياسي علاء عبد الفتاح أن المستشار عبد الرحمن هيكل، رئيس الدائرة «أ» في محكمة النقض قد استبعد طعن علاء على حكم سجنه في قضية «مظاهرة الشورى» من قائمة الطعون التي تنظرها الدائرة اليوم. على أن تنظر الدائرة «هـ»، برئاسة المستشار أحمد عمر محمدين الطعن يوم 8 نوفمبر المقبل.

وقال المحامي طاهر أبو النصر، أحد أعضاء فريق الدفاع عن علاء، إن سكرتارية الدائرة أخبرته أن الدائرة تَنحّت عن نظر القضية وأحالتها لأخرى، لاستشعارها الحرج. غير أن المحامين لم يطلعوا على أي قرار مكتوب حتى الآن.

وكان من المفترض أن تنظر محكمة النقض اليوم، الخميس، الطعن المقدم من 23 متهمًا في قضية «مظاهرة الشورى»، جميعهم مُفرج عنهم بعفو رئاسي باستثناء علاء.

وكانت محكمة جنايات القاهرة قد أصدرت حكمًا في  فبراير 2015، بسجن علاء عبد الفتاح وأحمد عبد الرحمن في قضية «مظاهرة الشورى» لمدة 5 سنوات، وذلك مع المراقبة الشرطية لمدة مماثلة، وفرض غرامة قيمتها 100 ألف جنيه على كل منهما. كما قررت المحكمة معاقبة بقية المتهمين في القضية بالحبس لمدة 3 سنوات، مع المراقبة الشرطية لمدة مماثلة، فضلًا عن غرامة قيمتها 100 ألف جنيه على كل منهم.

ونظرت محكمة النقض في 22 يناير الماضي الطعن المُقدم من عبد الرحمن طارق (الشهير بموكا) وعبد الرحمن سيد (الشهير بكوجي)، بشكل منفصل عن طعن باقي المتهمين، الذين تم فصل طعنهم لتنظره المحكمة في الجلسة التي كان مقررًا لها اليوم، رغم أن طعن «موكا وكوجي» مُقدّم بعد طعن باقي المتهمين.

وقررت محكمة النقض في جلسة 22 يناير، تغيير توصيف العقوبة لـ «موكا وكوجي» من السجن 3 سنوات إلى الحبس 3 سنوات، دون تغيير في فترة العقوبة أو إلغاء للمراقبة أو الغرامة.

 

استشعار الحرج

 

لا يذكر القانون أسبابًا محددة لتنحي المحكمة عن نظر دعوى بعينها لاستشعارها الحرج، بحسب المحامي نجاد البرعي، الذي يضيف أن «الأمر يُترك لتقدير القاضي الذي قد يرى أن هناك ما يمنعه عن الحكم بتجرّد ووفق أوراق القضية فحسب دون تأثر بأي شيء آخر».

ويتابع البرعي أن «القاضي غير مُلزم بذكر أسباب تنحيه، وأنه قد يُفصح عنها فقط لرئيس المحكمة، غير أنه غير مُلزم بذلك أمام أي جهة أخرى».

وتنصّ المادة 150 من قانون المرافعات على أنه «يجوز للقاضي في غير أحوال الرد المذكورة، إذا استشعر الحرج من نظر الدعوى لأي سبب، أن يعرض أمر تنحيه على المحكمة فى غرفة المشورة، أو على رئيس المحكمة للنظر فى إقراره على التنحي».

وهو الأمر المختلف عن طلب رد المحكمة إذا كان «بين القاضي وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل»، أو إذا كانت هناك بين القاضي أو زوجته أو مطلقته أو أقاربه أو أصهاره خصومة أمام القضاء مع أحد الأطراف في الدعوى.

وكذلك تختلف أسباب تنحي المحكمة عن دعوى مخاصمة القاضي والتي تشترط ارتكاب أحد القضاة مُخالفة جسيمة في تطبيق القانون، بحسب البرعي، الذي يشرح مفهوم المخالفة قائلًا: «كأن يصدر القاضي قرارًا بحبس متهم في تهمة لا يُعاقب عليها بالحبس، أو يحكم بالغرامة في تهمة لا يُعاقب عليها بالغرامة، وهكذا».

يشرح المستشار أحمد عبد الرحمن، النائب الأول لرئيس محكمة النقض الأسبق، لـ «مدى مصر» أنه في حالة تنحي المحكمة عن نظر دعوى، فإنها تطلب من المكتب الفني إحالتها لدائرة أخرى، وهو ما حدث في حالة طعن علاء عبد الفتاح.


اقرأ أيضاً:

 

مصر: الخطوط العارية للمجتمع بمواجهة الدولة

 

إنهم يراقبوننا.. ونحن أيضاً


وتتألف محكمة النقض من 30 دائرة، تنعقد من السبت إلى الخميس مرة كل شهر. ويتم تسمية كل دائرة باسم اليوم الذي تنعقد فيه. فالدوائر التي تنعقد يوم السبت يطلق عليها دائرة السبت، ويتم التمييز بينهم برموز الحروف الأبجدية، «أ-ب-ج-د».

وكان المستشار عبد الرحمن هيكل، رئيس دائرة الخميس «أ» المتنحي عن نظر طعن علاء عبد الفتاح، قد أصدر حكمًا في 25 مايو الماضي، بقبول الطعن المقدم من ضابط بقسم أول شرطة الإسماعيلية وإعادة محاكمته. وقررت المحكمة إلغاء حكم الجنايات الصادر فى العام الماضي، بمعاقبة الضابط بالسجن 8 سنوات وتغريمه 5 آلاف جنيه بعد إدانته بالتعدي بالضرب على طبيب بالإسماعيلية مما أدى لوفاته، وتحطيم صيدلية زوجته، والتزوير في محاضر رسمية.

أما المستشار أحمد عمر محمدين، رئيس دائرة الأربعاء «هـ» بمحكمة النقض، الذي أُحيل له طعن علاء فقد سبق وأصدر حكمًا في 7 نوفمبر 2015، بقبول الطعن المقدم من وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، على حكم حبسه شهرًا، الصادر من محكمة جنح مستأنف العجوزة لاتهامه في قضية عدم تنفيذ حكم قضائي.

وشهدت قضية «مظاهرة الشورى» تنحي قاضٍ آخر وقت نظرها أمام محكمة الجنايات. حيث قرر المستشار محمد علي الفقي التنحي عن نظر الدعوى في جلسة 15 سبتمبر 2014، وعلل ذلك وقتها باستشعار المحكمة الحرج «لما رأته من عدم توقير وتقدير لقدسية المحكمة»، وجاء تنحي القاضي بعد شهور من طلب رده الذي تقدم به علاء ورفضته محكمة الاستئناف، وكذلك بعدما أصدر القاضي نفسه حكمًا غيابيًا على المتهمين بسجنهم 15 سنة دون استماع إلى مرافعات الدفاع، رغم وجود علاء واثنين آخرين من المتهمين في القضية خارج مقر المحاكمة بمعهد أمناء الشرطة في انتظار السماح لهم بالدخول، وهو ما أدى إلى إلقاء القبض عليهم فور صدور الحكم. وأدت الوقائع السابقة إلى اتهام المستشار محمد علي الفقي من قِبل المتهمين في القضية بعدم الحياد.



كما شهدت المحاكم خلال الأعوام الماضية عددًا من الوقائع التي تنحّت فيها المحكمة لاستشعارها الحرج، من بينها تنحي المستشار حسن عبد الله، قاضي الجنايات، وباقي أفراد دائرته عن مباشرة إعادة محاكمة مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من مساعديه في أبريل 2013. وهو ما فسّره قانونيون وقتها بأن القاضي نفسه قد حكم ببراءة المتهمين في قضية «موقعة الجمل»، التي كان متهمًا بها عددًا كبيرًا من رموز النظام السابق.

كما تنحى القاضي محمود كامل الرشيدي، في أغسطس 2014، عن نظر قضية أحداث مسجد الفتح الثانية، التي كان متهمًا فيها 492 شخصًا. وكان الرشيدي هو قاضي إعادة محاكمة مبارك بعد تنحي المستشار حسن عبد الله، وهو من أصدر حكمًا ببراءة المتهمين في القضية في نوفمبر 2014.

كما تنحى المستشار معتز خفاجي، رئيس محكمة جنايات الجيزة، في ديسمبر 2016 عن نظر قضية «فض اعتصام النهضة» التي كان متهمًا فيها 379 شخصًا، لاستشعاره الحرج كون أحد المتهمين في القضية متهمًا أيضًا في قضية «غرفة عمليات رابعة العدوية». كما تنحى المستشار السيد عبد اللطيف، رئيس محكمة جنايات الإسكندرية، عن نظر قضية متهم فيها 162 شخصًا بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين لاستشعاره الحرج.

وفي مجلس الدولة، تنحى القاضي الذي باشر دعوى الطعن على قرار الحكومة باستخدام الفحم في توليد الطاقة، في يونيو 2014، وذلك بعد ثلاث جلسات من تداول القضية. ورفع الطعن وقتها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.


وسوم: مدى مصر