حاملات الدرع الإضافي

لو كان الله قد خلقني بنتاً في العراق العظيم، لكنت الآن على الأغلب أماً لدرزن أولاد، وربما كانت ابنتي البكر حاملاً الآن وأنتظر أن أتحول إلى جدّة. ولما كانت حدود عالمي - بسبب البيئة الاجتماعية الشعبية التي نشأت فيها - قد تجاوزت كثيراً هذه التخمينات. يستطيع الشاب أن يتمرّد على وضعه الاجتماعي بأضعاف مضاعفة للإمكانيات نفسها عند البنت في مجتمعنا. يستطيع اتخاذ قرارات جريئة. يضع حقيبته القماشية على
2015-12-31

شارك

لو كان الله قد خلقني بنتاً في العراق العظيم، لكنت الآن على الأغلب أماً لدرزن أولاد، وربما كانت ابنتي البكر حاملاً الآن وأنتظر أن أتحول إلى جدّة. ولما كانت حدود عالمي - بسبب البيئة الاجتماعية الشعبية التي نشأت فيها - قد تجاوزت كثيراً هذه التخمينات. يستطيع الشاب أن يتمرّد على وضعه الاجتماعي بأضعاف مضاعفة للإمكانيات نفسها عند البنت في مجتمعنا. يستطيع اتخاذ قرارات جريئة. يضع حقيبته القماشية على كتفه ويعبر الحدود. يحوّل نفسه إلى متشرد ومجنون، ثم يعود إلى مجتمعه لاحقاً ليتقبله ويضمه إليه دون ضرائب كثيرة. هذا شبه مستحيل بالنسبة للبنت.
تقطع البنت عندنا ضعف المسافة التي يقطعها الشاب كي تكون كما تريد هي، لا كما يريدها الآخرون. ليست كل بنت تريد أن تكون مثقفة ومتعلمة ومستقلة مادياً تجد التشجيع من عائلتها ومجتمعها، وتجد الطرق معبّدة أمامها. غالباً عليها أن تنحت لنفسها درعاً مناسبا لحجمها وقدرتها على حمله. تدافع به عن نفسها، ضد كونها مجرد فريسة لآلاف الصيادين في الشارع والجامعة ومكان العمل والسوق والأماكن العامة، خصوصاً إذا كانت جميلة المظهر، أو لا تتصرف بتحفظ زائد وتريد أن تبدو طبيعية، تضحك وقتما تشاء وتصفق وتروي النكات، تجادل البائعين وسائق التاكسي وترفع صوتها برأيها دون خوف من أحد.
حاملات الدرع الإضافي في العراق العظيم، لا أتمنى أن أكون في مكان إحداكن، إنه كابوس رهيب. وتضامني الوحيد مع محنتكن أنني لا أملك جعبة سهام خادشة للدروع.‫

من صفحة Ahmed Saadawi (فايسبوك)