الانتصار على السياحة

شاهد أمين شرطة سائحاً يتمشى في وسط القاهرة، فاقترب منه وسأله عن أوراقه، فأخرج جواز سفره. كلم أمين الشرطة الضابط وأخبره أنه وجد سائحاً يتمشى في القاهرة. طلب الضابط رؤيته فوراً، فاقتاد أمين الشرطة السائح إلى القسم، وهناك سأله الضابط عما جاء به للقاهرة فقال إنه جاء للسياحة. كان الموضوع مريباً لحد ما، فالقاهرة، ومصر كلها لم يعد بها سياح، بعد سقوط الطائرة الروسية وقبلها مقتل السياح
2015-11-26

شارك

شاهد أمين شرطة سائحاً يتمشى في وسط القاهرة، فاقترب منه وسأله عن أوراقه، فأخرج جواز سفره. كلم أمين الشرطة الضابط وأخبره أنه وجد سائحاً يتمشى في القاهرة. طلب الضابط رؤيته فوراً، فاقتاد أمين الشرطة السائح إلى القسم، وهناك سأله الضابط عما جاء به للقاهرة فقال إنه جاء للسياحة.
كان الموضوع مريباً لحد ما، فالقاهرة، ومصر كلها لم يعد بها سياح، بعد سقوط الطائرة الروسية وقبلها مقتل السياح المكسيكيين، ووجود سائح بمفرده أمر له معنى واحد فقط. أنه جاسوس أو إرهابي أو متآمر على أمن مصر. هذا ما قاله مدير أمن القاهرة رداً على مكالمة الضابط، قبل أن يطلب مشاهدة السائح فوراً.
ذهب السائح من فوره لمديرية الأمن، وهناك حقق معه مدير الأمن لساعتين متواصلتين. لم ترو إجابات السائح غليل مدير الأمن، فالسائح تكلم كثيراً عن الأهرام وأبو الهول والنيل، وكان مدير الأمن يتثاءب أثناء التحقيق ويقاطع السائح قائلاً، خُش في الموضوع.
في اليوم التالي حملت الصحف عناوين رئيسية من نوعية "مشاهدة سائح يتمشى وحيداً في القاهرة"، وأصبحت قضية رأي عام، لدرجة أن وزير الداخلية طلب أن يحقق بنفسه في الحادث.
زار السائح وزارة الداخلية، وبعد أربع ساعات من الانتظار وصل الوزير، وطلب من السائح أن يخبره بلا لف أو دوران لماذا يزور القاهرة. تكلم السائح عن الهرم وأبو الهول والأقصر. فقفز وزير الداخلية من مكانه وقال له إنه في التحقيق السابق أشار إلى أن النيل من ضمن أسبابه للمجيء لمصر، بينما في هذا التحقيق يشير إلى الأقصر، وليس النيل، وهذا التناقض يؤكد الشكوك المعقودة حوله.
التفت الوزير إلى معاونه وقال إن هناك قضايا لا يستطيع حلها إلا هو نفسه، وإنه سئم كونه أذكى شخص في الوزارة، وإنه طالما حلم بالتقاعد ولكنه يشفق على حال البلد، ووقع قراراً يقضي بحبس السائح أربعة أيام على ذمة التحقيق في ما هو منسوب إليه من اتهامات، ومنها الضلوع في التخطيط لعمليات إرهابية من شأنها تكدير السلم العام والإضرار بصورة مصر وتخريب السياحة.

نصّ نائل الطوخي

 


وسوم: العدد 170