تعال معي إلى الصعيد

مقالات هذا الملف هي حصيلة مشاهدات ولقاءات ميدانية جرت في إحدى قرى صعيد مصر، قرية "الشاورية" بمركز نجع حمادي بمحافظة قنا، على مدار أسبوعين هما مدة رحلتي إلى قرية الأجداد، خلال شهري تشرين الأول / أكتوبر وتشرين الثاني / نوفمبر 2016. وأسفرت الرحلة عن هذه المقالات التي حاولتُ من خلالها، على قدر المتاح من وقت والمستطاع من جهد، تغطية أوجه مختلفة من الحياة هناك. بالإضافة إلى حديث عن ذكريات الطفولة في القرية، وصور من الحياة بها خلال التسعينيات وبدايات الألفية، كما حفظتها الذاكرة، وما أصاب القرية من تغيير بعد أكثر من 15 عاماً مرت منذ آخر زيارة لي.

وقد استغرق إعداد هذه المقالات للنشر، من بعد العودة إلى مدينتي الإسكندرية، وقتاً أطول من ذلك بكثير. وأرفقتُ بها، بغية اكتمال الصورة، مجموعة كبيرة من الإحصائيات عن معدلات الفقر والأمية والهجرة في الصعيد، ومدى توافر الخدمات الأساسية في قرى مصر، بوجهيها القبلي والبحري. وهي إحصائيات رسمية صادرة عن "الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء".

وإذا كان العمل الميداني، وما أعقبه من مهامّ كتابية وبحثية، قد تطلب جهداً كبيراً، أُدِّيَ بشغف وإيمان بالواجب تجاه الناس وتجاه القارئ، فحق الناس أن ننقل أصواتهم، وحق القارئ أن نقدم له معرفة لا تنقصها الدقة والشمول، فإن المهمة لم تكن لتنجز وتقدم على هذه الصورة، التي نرجو أن يجد فيها القارئ العربي إضافة لمعلوماته عن الصعيد وناسه، لولا تعاون كبير وجدناه من أهالي القرية، ومساعدة أسدوها لنا بود وكرم يستحقان الذكر والتقدير.

أملُنا أن تقدّم هذه المقالات صورة متعددة الزوايا، أكثر قرباً ووضوحاً، لجزء من الصعيد، جزء من مصر.

تعال معي إلى الصعيد: نظرة عامّة (2)

على جانبي طريق أسفلتي يربط بين القرى والمناطق، تسير فوقه العربات وتصطفّ عليه بيوت ومحالّ، يطلق عليه هنا "الجسر"، تمتد وتتفرع منه بصورة عشوائية طرق ترابية غير مستوية، تتفاوت ضيقاً...

الصعيد المصري: سؤال الصحة

منظومة طبية متداعية ومهملة بالصعيد المصري تراكِم الضحايا. نقص حاد في عدد المستشفيات (البعيدة أصلاً عن القرى)، كما في أطباء "الوحدات الصحية" في القرى وأما التجهيزات فغائبة أو فمتهالِكة