الهجرة واللجوء: العالم مغلق!

عمر انوفي - سوريا

 

الديكتاتوريات والحروب والعلاقات النيوكولونيالية التي ترعاها دول الشمال وتنفذها مع وكلاء محليين في العالم، واستغلال الرجال والنساء والموارد... كلها تجبر الناس على الرحيل نحو آفاق يفترضون أنها للنجاة أو أنها أحسن.
تميد الجغرافيا تحت الأقدام، فلا البحار ولا الصحاري والبراري تقوم بدورها الحاجِز. وتعجز السياسة، فلا الأسلاك الشائكة ولا عصي الشرطة أو ذل معسكرات التجميع تتمكن من ردع هذا التدفق.
لكن مسألة الهجرة، علاوة على كل شيء، تبدو في بعض جوانبها سوقاً مربحة: من شبكات التهريب التي غالباً ما تستغل المهاجرين المعرّضين للإساءة والقتل، إلى الدول التي وجدت في "عسكرة الحماية من المهاجرين" تجارة مربحة، لا سيما الدول الأوروبية التي سخّرت إمكانات هائلة في مقاربة عسكرية بوليسية لمسألة الهجرة، مستفيدة في الوقت نفسه من "تصدير" تكنولوجيا أمنية متطوّرة إلى "دول العبور".
هكذا راحت "أوروبا القلعة" تُبنى بسرعة فائقة، في مواجهة52.9  مليون نازح في العالم، بحسب إحصاءات عام 2015 (ارتفع من 19.4 مليوناً في العام 2005). وطغت الحلول الأمنية على سياسات الاتحاد الأوروبي، حتى مع عجزه عن صياغة استراتيجية موحدة للتعاطي مع ظاهرة الهجرة بأشكالها.
أما في بلدان "الانطلاق"، حيث يسود اليأس والإحباط والخوف من بطش الأنظمة الحاكمة، أو في دول "العبور" التي تتعرض إلى ضغوط أوروبية لحملها على إعادة قبول الأشخاص الذين عبروا من أراضيها، فينتهي المهاجرون أيادٍ عاملة مستغَلّة وضحايا لشبكات التهريب والخطف والابتزاز، كما في القرن الأفريقي مثلاً، أو كما جرى ويجري في عمليات تجارة نقل البشر بين سوريا وتركيا. فيما تقدم مسألة الهجرة في بعض هذه الدول كمسألة أمنية بحتة، كما في الجزائر مثلاً، التي تعلّم صحفها القرّاء كره "الأفارقة"، أو في المغرب حيث تتوقف رحلة المهاجرين الشاقة نتيجة تشدّد السلطات والتحصينات الحدودية، فيعْلقون بلا عبور وبلا رغبة أو إمكانية بالعودة إلى بلدانهم، يعيشون في المغرب في مجمّعات معزولة وفي ظل شروط بالغة السوء.
وفي مصر، حيث تتوالى أنباء غرق الفارّين إلى الشاطئ الآخر من المتوسط بحثاً عن حياة لا تشبه الموت، إلى العراق الذي يبدو كلّه بلون الغرق، وتونس التي تحوّلت فيها الهجرة إلى هاجس يومي وملاذ وحيد من البطالة والتهميش وانعدام الامل بالمستقبل، بعدما ضافت البلاد بشبابها.
هذا الذي يجري أمامنا مشهدٌ من التاريخ. وفي ما يلي مقالات مختارة من بين نحو 35 تحقيقاً نشروا في "السفير العربي"، تتناول مسألة الهجرة بجوانب مختلفة..

 

Exodus

كعناوين الأفلام الكبرى التاريخية، أو تلك الأخرى المستقبلية المنسوجة من الخيال العلمي. للكلمة الأجنبية إيقاع أعلى من الرحيل والنزوح والالتجاء. هي كلها معاً، وأشد. تميد الجغرافيا تحت الأقدام، فلا البحار...

"القلعة" أوروبا تبدأ في شمال أفريقيا

الدكتاتورية والاستغلال النيوكولونيالي للبشر والموارد تجبر الناس على الرحيل. لكن  الأوروبيين سخّروا إمكانات هائلة في مقاربة عسكرية - بوليسية لمسألة الهجرة، مستندين على أنظمة محلية استبدادية