جيش الأطفال المموهين

بحسب خبر جرى تداوله بكثرة، فقد طلب الفريق أول عبد الفتاح السيسي إعداد إحصاء بأطفال الشوارع في مصر تمهيداً لإلحاقهم بالمدارس الفنية العسكرية، في "خطوة لاحتواء هذه الأزمة وتخريج جيل قادر على التكيف مع متطلبات المجتمع، وألا يكون عالة عليه بل يصبح منتجاً ومساهما في تقدم البلاد".يصعب ونحن نقرأ الخبر ألا نتخيل جنود محمد علي باشا وهم يختطفون الأطفال في مصر تمهيداً لتجنيدهم، كما يصعب، على
2013-12-26

شارك

بحسب خبر جرى تداوله بكثرة، فقد طلب الفريق أول عبد الفتاح السيسي إعداد إحصاء بأطفال الشوارع في مصر تمهيداً لإلحاقهم بالمدارس الفنية العسكرية، في "خطوة لاحتواء هذه الأزمة وتخريج جيل قادر على التكيف مع متطلبات المجتمع، وألا يكون عالة عليه بل يصبح منتجاً ومساهما في تقدم البلاد".
يصعب ونحن نقرأ الخبر ألا نتخيل جنود محمد علي باشا وهم يختطفون الأطفال في مصر تمهيداً لتجنيدهم، كما يصعب، على الناحية الأخرى، ألا نتذكر أغاني أهالي الأطفال المخطوفين وهم يغنون:
"يا عزيز عيني، والسلطة خدت ولدي".
بعيداً عن هذا، فالحمد لله، لا أهل لهؤلاء الأطفال ليغنوا. ونعرف جميعا أن الجيش هو مصنع الحداثة العربي، الوحيد الذي بإمكانه تحويل الفوضى إلى انضباط. تحويل حياتنا المدنية إلى حياة ميري، تمتلئ بالصناعة والتحديث والملابس المموهة.
طيب، لا شيء يضايق في الملابس المموهة، لا شيء يضايق فيها سوى انها موحدة، مثلما الجيش نفسه.
الجنود في كل مكان. في أوقات الاضطراب السياسي، وفي أوقات توقع الاضطراب السياسي، يصعب احياناً أن تجد في مناطق بعينها قميصا أزرق أو أحمر أو أصفر، كله مموه، لون الصحراء. لماذا الملابس المموهة؟ حتى يصعب على العدو تمييز الجندي من الصحراء المحيطة به؟ وفي ميدان التحرير؟ آه، هذا وضع استثنائي.
هذا وضع استثنائي ولكنه سيدوم.
نحن ننتظر جيلاً من أطفال الميري. جيشاً صغيراً من الأطفال الذين يلبسون المموه. إنهم محاربو المدرسة الفنية العسكرية، القادرون على تأمين داخل البلاد من الأعداء.
في كلمة تمّ تسريبها له، يقول الفريق السيسي لضباطه وجنوده إن ثلاث سنوات من التواجد بالشارع، ربما تكون قد أفسدت أخلاق الضباط والجنود، ربما قد حملوا معهم "أخلاق الشارع"، وربما يلزمهم بعض الوقت للتخلص منها.
هكذا، الجيش، الذي هو مصنع الرجال والأخلاق، قد تلوث بالمدنيين، والحل، تحويل المدنيين إلى جنود.
على الشعب أن يعود إلى ثكناته في أقرب وقت إذًا.