كلّ الأرض!

«جدّي فلاح فلسطيني. كان يعمل في أرضه، يقرأ الصحف، يستمع إلى الراديو، يشرب القهوة، يتوضأ بإبريق ماء تحت شجرة التّوت الفارعة ويُصلّي. شارك جدّي في إضراب سنة ستّ وثلاثين ورفض الهجرة في حرب الثمانية وأربعين والنّزوح في حرب السّبعة والسّتين، وكان قد جهّز نفسه للانتحار بالسمّ لو أُجبر على ترك أرضه. أورث جدّي لوالدي لغة وأرضاً عرّبيتين خالصتين تفانى في عشقهما، كما أورثه عداءً صلباً للاحتلال
2013-05-29

شارك

«جدّي فلاح فلسطيني. كان يعمل في أرضه، يقرأ الصحف، يستمع إلى الراديو، يشرب القهوة، يتوضأ بإبريق ماء تحت شجرة التّوت الفارعة ويُصلّي. شارك جدّي في إضراب سنة ستّ وثلاثين ورفض الهجرة في حرب الثمانية وأربعين والنّزوح في حرب السّبعة والسّتين، وكان قد جهّز نفسه للانتحار بالسمّ لو أُجبر على ترك أرضه. أورث جدّي لوالدي لغة وأرضاً عرّبيتين خالصتين تفانى في عشقهما، كما أورثه عداءً صلباً للاحتلال ونقمة شرسة على السّاسة كثيري الخطابات.
ثمّ بدوري ورثت عن أبي الأشياء ذاتها. وعشّش حبّ تلك الأرض في الخلايا رغم البعد الجغرافيّ. تلك الأرض، من رأس الناقورة شمالاً إلى النقب جنوباً ومن نهر الأردن شرقاً إلى سواحل عكّا ويافا وغزّة غرباً تَعاقب عليها الغزاة وظلّت تأخذ كثيراً من أصحابها وتعطيهم أكثر في المقابل. أمّا أهمّ ما تعطيه فهو الانتماء الثمين لها...
تلك الأرض التي طمع العدوّ في بهاء وخصوبة جليلها فأخذ يُصادر من سخنين وعرّابة ودير حنا، آلاف الدونمات، سنة ستّ وسبعين، هبّ أولادها من أجلها وتصدّوا بأجسادهم لدبّابات ومجنزرات قوّات الاحتلال. توجّس العدوّ من إضرابهم ومن رفضهم لعنصريّته وتهويده لكلّ ما هو عربيّ...»

من مدونة «نوال العبد الله»

http://nawelabdallah.wordpress.com/