أختاه.. خمسة سنتمترات

أختاه، صابري وجاهدي واحتسبي، اكشفي لنا كعبك البهيج كي نخصيَه، نختنه، نقطعه من الكاحل. خمسة سنتيمترات في الحرم الجامعي البائس سترزقك خمسة مليون كيلومتر مربع في جنة الخيبات والنكبات
2016-11-09

مرتضى كزار

رسّام وسينمائي من العراق


شارك

الكعوب العالية مناهج ومدارس وفلسفات! قرأت مرّة أن التي اخترعت الكعب العالي هي امرأة قبّلها رجل ما في جبينها. وقد عبّرت الشاعرة عن شغفها بالكعب العالي باعتباره الألم السعيد، لأن 40 في المئة من النساء، حسب دراسة ضمّت 1675 امرأة، تسبّب الكعب العالي لهن بجروح.
كل الأحذية تصنع بالأيدي إلا الكعوب العالية تصنع بالآذان!
وفي مرويّات التراث، يرتدي الرجال القباقيب والكعوب العالية حماية لهم من الطين في الأيام الممطرة أو ينتعله النسّاك والعبّاد وهم يتسلّقون الجبال أو يمشون في طريقهم إلى مسجد أو خلوة روحية، فتصبح خطواتهم أثقل والأجر في عقيدتهم على قدر المشقّة.
وهناك مَن يرى أن الكعب الطويل عادة ذكورية مثل القبعة والسيجار والكتافيّات، انتقلت إلى النساء بفعل رغبتهن في لحظة ما بتقليد الرجال، ثم استأثرت المرأة بالكعب وزهد به الرجل.
لكن الألم ليس مبهجاً، كما يقول كريستيان لوبوتان أشهر مصمّم كعوب في العالم.
مع ذلك، قد يكون الألم فاتناً وجالباً للنظر ومخلّاً بالأدب العام، حسب ما يرى بعض عمداء الجامعات العراقية وهم يكتبون في لائحة التعاليم والضوابط: أن لا يتجاوز ارتفاع كعب حذاء الطالبة ٥ سنتمترات.
وبالنسبة للوبوتان الذي يستخدم - كفرنسي - السنتيمتر كوحدة لقياس الطول، فهذه التعليمات تثبت وجهة نظره في أن العذاب لا يمكن أن يكون أنيقاً، ولا تصنع الآلام التي تشعر بها المرأة منظرًا جميلاً، لماذا يا لوبوتان؟ لأن قسوة الحذاء تظهر على وجه المرأة، وما تكابده في رجلها سيؤثر قي مزاجها وملامحها.
وبالنسبة لطالبة عراقية في حرم جامعي لا يتمتع بأدنى صفات المناخات الجامعية، فهناك الكثير مما يستحق الكتم والستر. هناك الكثير من الألم الكامن والعذاب المرير الذي لا ينبغي أن يطفو على "حدائق الوجوه"، حسب تعبير السيّاب.
فما دامت الكعوب تكشف المشقة، فلنقطع الكعوب.
أختاه، صابري وجاهدي واحتسبي، اكشفي لنا كعبك البهيج كي نخصيَه، نختنه، نقطعه من الكاحل. خمسة سنتيمترات في الحرم الجامعي البائس سترزقك خمسة مليون كيلومتر مربع في جنة الخيبات والنكبات، خمسة سنتيمترات في لائحة الضوابط سترزقنا خمس درجات سالبة في سلّم التقييم الأكاديمي


وسوم: العدد 216

مقالات من العراق

أنْ تُصلَب البصرة بعد السيّاب

نبيل صالح 2024-04-07

كل الطرق في العراق تأخذك إلى المقابر، وأولها دروب الذاكرة، تلك التي تطوفها الأشباح. أين يقفُ الموتى بيُتْمٍ على رصيفٍ مكسور، ينتظرن\ون من يدلهن\م إلى باب من كانوا "هناك" قبل...

لطخة تلوث بلد الحضارات

فؤاد الحسن 2024-03-24

قررت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية تحديد 30 حزيران/ يونيو من العام 2024 موعداً نهائياً لإغلاق مخيمات النازحين في إقليم كردستان، والتي يبلغ عددها 24 مخيماً، يسكنها نازحون من مناطق مختلفة،...

الموت امرأة من شنكَال

فؤاد الحسن 2024-03-13

نام الناس في الشوارع. وهناك بدأت الطوابير. طوابير استلام الطعام والأسرّة وارتجاء اقنعة التشرد الجديدة. كلما رأيتُ رجلاً أهلكه التعب ونحل جسده عرفته من سنجار، من دون أن أسمع لهجته،...

للكاتب نفسه

فسحة العيش في كرتونة

مرتضى كزار 2016-12-07

.. أما الناس الذين لا يعرفون اسمه فيسمّونه "أبو كرتونة". يظهر وحده مرتدياً الكرتونة على ظهره مثلما قوقعة الحلزون. كنزة رمادية عليها رسمة رجل آلي بمجسّات طويلة. هذا ما يستره...

في كل يوم ومنذ 41 عاماً!

مرتضى كزار 2016-12-01

ينتصب في قلب العاصمة بغداد تمثال شهريار و "قصخونته" شهرزاد، نديمته وراوية حكاياته. إنه واحد من أجمل تماثيل النحّات الراحل محمد غني حكمت. في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة...

نزيف الكتب

مرتضى كزار 2016-11-16

صحيح أنّ الكتاب سلعة أيضاً، تباع وتشترى ويروج لها، تخزن وتقتنى وتعرض وتفسد وتتجدد، لكن الاتجار بالكتب لا يشبه الاتجار بأي شيء آخر. أسواق الكتب في المدن العراقية، كالمتنبي ببغداد...