موريتانيا: ضرب الصحافة المكتوبة لتعطيل الحريات

تراجع عدد الصحف الورقية في موريتانيا إلى أقلّ من ثلاثين بعد أن كان يزيد على المئة صحيفة مطلع العام الماضي. وبلغ الأمر ذروته خلال النصف الأول من العام الجاري بعد استفحال الأزمة التي باتت تهدّد الصحف الورقية وهي أزمة مالية خانقة يُرجعها الصحافيون الموريتانيون إلى غياب الدعم والإعلانات.
2016-11-06

المختار ولد محمد

صحافي من موريتانيا


شارك
حمزة بونوا - الجزائر
تراجع عدد الصحف الورقية في موريتانيا إلى أقلّ من ثلاثين بعد أن كان يزيد على المئة صحيفة مطلع العام الماضي. وبلغ الأمر ذروته خلال النصف الأول من العام الجاري بعد استفحال الأزمة التي باتت تهدّد الصحف الورقية وهي أزمة مالية خانقة يُرجعها الصحافيون الموريتانيون إلى غياب الدعم والإعلانات. أضرب الصحافيون الموريتانيون فتحوّلت أكشاك الصحف في نواكشوط إلى مناطق راكدة بعد أن كانت ملتقى للمثقفين والمشترين ومراكز نشاط متواصل. وهم يعتبرون إضرابهم حلقة من سلسلة نشاطات يعتزمون القيام بها للفت أنظار الحكومة والرأي العام لمحنتهم. وعلى الرغم من نجاح الإضراب سارعت الحكومة إلى دعم صحف غير جادة يصدر معظمها في المناسبات ويطلق عليها الموريتانيون صحافة "البشمركة". كان ناشرو هذه الصحف قد رفضوا التجاوب مع قرار حجب الصدور الذي اتخذه ناشرو سائر الصحف. وأكّد هؤلاء في بيان وزعوه "أن الصحافة الورقية المستقلة في موريتانيا تمرّ حالياً بالظرف الأصعب في تاريخها، رغم كونها أدّت دور ريادة الصحافة الحرة في البلاد، وشاركت في جميع النضالات الديموقراطية منذ 1991، وتصدت لتحديات قوية متعددة، من المصادرة إلى التحريم، إلى تحرّش رجال السياسة ولوبياتها، مصممة على الاستمرار في الوقوف في مواجهة انحرافات الأنظمة مهما كلّف الثمن". ويذكر البيان بأن هذه الصحافة قامت، وعلى الرغم من محدودية مواردها بدور مشهود في تعزيز دولة القانون ورقابة التسيير وكشف الفضائح وتنمية الديموقراطية. واليوم تتراجع المبيعات، وتتقلص الاشتراكات، ويختفي سوق الإعلان، وتتردى الطباعة، ولا وجود لمؤسسة للتوزيع، وبالتالي تدهور المداخيل مقابل التكاليف الباهظة.
وهم أوضحوا أنّ صندوق دعم الصحافة بصورته الحالية لا يمثّل إلا جرعة خفيفة لجسم يعاني من إنهاك قوي، وأن القرار الإداري بتجميد المليارات الستة من الأوقية (28 مليون دولار تقريباً بالعملة الوطنية) التي كانت تحصل عليها على شكل اشتراكات وإعلانات يدخلها في مرحلة الإفلاس النهائي.
وقد لاقت قضية احتجاب الصحف تجاوباً واسعاً من لدن المدوّنين والمغرّدين، حيث انتقد المدوّن بابه سيداتي في تدوينة تحت عنوان (صحف "البيشمركه" ستصدر غداً)، امتناع عدد من الصحف الخاصة عن التجاوب مع قرار الاحتجاب، وقال "كثيراً ما تستخدم السلطة الأحزاب المجهرية أو أحزاب الحقائب للإيحاء بأن أغلبية الأحزاب تدعم خياراتها ومواقفها. فعندما عارضت الأحزاب الوطنية انقلاب السادس من آب/ أغسطس 2008، الذي أوصل الرئيس الحالي للسلطة، بادرت هذه بجمع حمَلة الحقائب الحزبية لتقول إن أغلبية الأحزاب تساند الانقلاب على الرئيس المنتخب. ويبدو أن السلطة قد قررت اليوم استخدام عناوين صحف البيشمركه التي لا تصدر مطلقاً، لتأكيد أن الصحف الورقية ستصدر".
ويؤكّد رئيس رابطة الصحافيين أنّ نصف مليار أوقية فقط هو الذي تستفيد منه الصحف في موريتانيا، فيما تأخذ باقي المبلغ جهة أخرى، وطالب بفتح تحقيق في الموضوع. وقد قاطعت النقابات الصحافية اللجنة المكلفة بتوزيع الصندوق المخصص لدعم الصحافة، بعد إقدام الحكومة على الاتصال ببعض الصحافيين في محاولة لإغرائهم بدمجهم في اللجنة. واستغربت ثماني هيئات نقابية صحافية في بيان لها الخطوة ووصفتها بالمفاجئة، معتبرة أنها لا تنمّ عن استعداد لإصلاح القطاع ولا لتنظيمه ولا للتعاون مع الفاعلين فيه.. وهي لعلّها تخطّط للتخلص بهذه الطريقة من صوت يؤرقها ويلاحق ارتكاباتها على الدوام.

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه