وقود الحرب وضحايا الحقوق المسلوبة

منذ العام 2011 والشباب لم يعتلِ في ليبيا إلا محاور الحرب وجبهاتها. ترتفع نسبة الشباب ما بين 18- 35 عاماً، الذين استشهدوا في جبهات المعارك إلى 52 في المئة، هذا عدا الجرحى وأصحاب الإعاقات الدائمة
2016-11-01

أحلام البدري

كاتبة ومدونة من ليبيا


شارك

الفكر المتعنت المُشبع برائحة الدم المُشيِّع أن القتل والدمار هما البديل عن البناء والعمار، الرافض للحوار وقبول الاختلاف، هذا مع انتشار السلاح وتفشي الفساد الإداري والمالي يجعلنا أمام موجه طوفان مخيف. الساسة الذين يتصدّرون المشهد الليبي ليسوا سوى زوبعة في فنجان فارغ: نهب وإهدار خيالي لخزينة واحتياطي الدولة لإرضاء مصالح شخصية، تأخير الطلبة عن الالتحاق بمقاعد الدراسة بحجج واهية، منظومة تعليم يتغلغل فيها فيروس الفساد وشباب في أوج عطائهم يتحولون وقوداً للحرب.
معلوم أنه إذا أراد المسؤولون رفع شأن مجتمع ما فما عليهم إلا أن يهتموا بالعلم ومنابر التعليم ولكننا هنا أمام نغمة القبلية والجهوية الصادحة التي ساهمت في إشراك الكثير من الجهلة في مفاصل الدولة.

حرب الخمس سنوات

منذ العام 2011 والشباب لم يعتلِ في ليبيا إلا محاور الحرب وجبهاتها. ترتفع نسبة الشباب ما بين 18- 35 عاماً، الذين استشهدوا في جبهات المعارك إلى 52 في المئة، هذا عدا الجرحى وأصحاب الإعاقات الدائمة. صلاح (28 سنة) بمؤهل الأول الإعدادي، بترت رجله في الحرب، يحدّثني أنه كان يعتقد أنه سيصبح في حالٍ أفضل، فهو يعيش مع عائلة مكوّنة من ثلاثة عشر فرداً يتشاركون الفقر والعناء، اضطرّ لترك المدرسة وكان يعمل في غسيل سيارات وتبديل إطاراتها، ثم انتقل إلى حارس ليلي في مصحّة.. يرنو صلاح بأسى إلى رجله المبتورة ومستقبله المجهول. عُمر (31 سنة) رسب في الشهادة الثانوية وتوقف عن الدراسة. قبل التحاقه كمتطوع في الحرب اللعينة، كان يعمل سائقاً لحافلة صغيرة (ميكرو باص) يقوم بنقل بعض الموظفّات. حصيلته يتقاسمها ما بين مصاريفه الخاصة واحتياجات أسرته ومحاولته تحسين أوضاعهم المعيشية. أُصيب بقرع في طبلة الأذن نتيجة أصوات القذائف القويّة ويحتاج لإجراء عملية لزراعة قوقعة وهذا ممكن خارج البلاد. وهو لا يستطيع تحمّل تكاليفها. اليوم يجلس عمر أمام بيته لساعات، لا يسمع ما يدور حوله، وحين تسوء حالته ويصاب بدوار يلازم الفراش لأيام والندم يلاحقه وهو يردد "شن حصلنا نحنا الشباب؟ فقدنا أطرافنا وانحرمنا نعيشوا حياة كيف مانبوها، والسراقين نهبوا ثروتنا.. ما حد يسأل علينا لا حيين ولا ميتين".
النفط في ليبيا، وعوائده التي تُلهب مخيلة اللصوص، هو الدخل الوحيد للخزينة، ولكن الشباب هم عماد الأوطان، لا تستقيم الحياة على ارض الواقع إلا بهم... وهم الكنز.

مقالات من ليبيا

القاتل في ليبيا

2023-09-13

الليبيون يعرفون أن المشكلة تكمن في مكان آخر: تنبأ بها عام 2022 تقريرٌ كتبته إدارة ليبيّة شبحيّة: "يجب علينا بشكل عاجل صيانة وتقوية سدَّي درنة، وهناك حاجة إلى سدّ ثالث،...

للكاتب نفسه

رمضان في ليبيا

أثَّر تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب الحرب على قدرة المواطن الليبي على تأمين احتياجاته من الغذاء في شهر رمضان، وقد أصدرت الحكومة بطاقة للشرائح الاقل دخلاً لتتمكن من الحصول على سلة...

طابور المصرف في ليبيا عنف إجباري

إذا ثمّة عنف موجع يمكن أن يصنَّف بعد الاغتصاب والإيذاء الجسدي، فهو طابور المصرف للنساء فى ليبيا. تفتقد ليبيا لبنية تحتية أساسية تقدّم خدمات إنسانية تواكب التطور التقني للحصول على...